اجتاح الغضب قبّة البرلمان أمس الأول وكاد النواب يندمون على اليوم الذي جعلهم فيه ضمن فريق السلطة التشريعية بعد أن عُلِّقت الجلسة التي لم تتجاوز نصف ساعة رغم أنها تأخرت ساعة عن موعدها بسبب غياب الوزراء رغم أهمية الجلسة التي كانت مخصصة لاستمرار التداول في الموازنة في مرحلة السمات العامة والتي يتحمل عبء تنفيذها مجلس الوزراء، وكان الأمر يحمل في دلالاته إدارة الوزراء وبكل جرأة لظهورهم للبرلمان وقد بدأت حالة من الاستياء على رئيس البرلمان أحمد إبراهيم الطاهر عندما بدأ حديثه بملاحظة بشأن غياب الوزراء عدا وزراء المالية والعدل ومجلس الوزراء وقال الطاهر: لا أرى مبررًا لغياب الوزراء ولا أعتقد أن هناك قضية أهم من جلسة الموازنة. غياب الوزراء عن جلسات البرلمان بات أمرًا مقلقاً للنواب الذين بدأ ينسرب إليهم الإحساس بأن الوزراء يستخفون بهم سيما وأنه عدة مظاهر أخرى بخلاف الغياب تشيء بأن العلاقة بين الطرفين «الوزراء والبرلمان» ليست على ما يرام وسبق أن وقعت مخاشنات مثل التي حدثت بين وزير الصحة بحر أبو قردة والعضو المثير للجدل دفع الله حسب الرسول بشأن الصحة الإنجابية والواقي الذكري. لكن مع حالة الحدة التي بدت في لهجة رئيس البرلمان وإصداره لتوجيهات مباشرة للوزير بمجلس الوزراء أحمد سعد عمر الذي كان حضورًا بإبلاغ جميع الوزراء بالحضور لجلسة الأحد وتشديده على عدم السماح لأي وزير بالغياب بأذن شخصي منه إلا أن النائب عبد الله بابكر أبدى دهشته لقرار رئيس البرلمان القاضي برفع الجلسة لجهة غياب الوزراء لكن دهشة النائب كانت تنطلي على سخرية من الوزراء بقوله في تصريحات صحفية : «غياب الوزراء عن جلسات البرلمان أصبح أمرًا عادياً حتى أن الجلسات تقدم تقريرًا خاصاً بوزارة من الوزارات ولا نجد أي مسؤول عن الوزارة». غياب الوزراء رده البعض إلى تساهل رئاسة البرلمان معهم في كثير من الأحيان حيث لم يسبق للمجلس أن بدا حاسماً في هذا الأمر رغم أن عدداً كبيراً من الوزراء هم أعضاء أصيلون منتخبون من قواعدهم بدوائرهم الجغرافية. وكان رئيس البرلمان الأسبق د. حسن الترابي حازماً في إدارته لجلسات البرلمان وقلّما كان يحدث غياب من جانب الوزراء خاصة عند الجلسات الأكثر أهمية، ولعل مرد ذلك هو شخصية الترابي والمكانة التي كان يحظى بها في الحكومة.. عندما استفسرت النائبة البرلمانية السابقة سامية محمد عثمان أصغر أعضاء البرلمان سناً عندما كان يرأسه الترابي عن غياب الوزراء أشارت إلى أمر اعتبرته أكثر أهمية وهو غياب النواب أنفسهم وقالت :«لا أدافع عن الوزراء ولكن سبق لمولانا أحمد إبراهيم الطاهر في بدايات العام الماضي أن أبدى استياءه لغياب النواب، وأذكر جيدًا أنه قال إن ربع أعضاء البرلمان يتغيبون عن الجلسات دون إذن وطالبهم بالالتزام بنظام المجلس فيما يتعلق بأذونات الغياب»، وأضافت سامية:«بالتالي طالما هذا هو حال الإخوة أعضاء البرلمان طبيعي أن يحذو الوزراء حذوهم وعادت وأبدت أسفها لغياب الوزراء». غياب النواب الذي أشارت إليه سامية محمد يجعل البرلمان نفسه في حالة اتهام إذ أن كثيرًا من النواب مشغولون بمهام أخرى ويُذكر أنه سبق للمجلس الوطني أن فصل عضوه السابق ياسر عرمان بعد أن غاب لفترة طويلة دون إذن، وقد حفظ المجلس ماء وجهه بقرار فصله لعرمان وكان ذلك بمثابة تهديد لبقية النواب حيث انتظم كثيرون في جلساتهم. ومهما يكن من أمر، فإن جلسة الأحد المقبل ستحدد مدى جدية الوزراء ومن قبلهم النواب والتزامهم بموجهات رئيس البرلمان.