خمسة أعوام مرَّت على تلك الحادثة الشهيرة التي أثارت غضبًا محليًا ودوليًا بعد أن قامت منظمة فرنسية تُدعى «آرش دو زوي» باختطاف «103» أطفال من معسكرات النازحين بدارفور لترحيلهم إلى فرنسا عبر تشاد، ووجدت القضية رفضًا دوليًا واسعًا باعتبار أنها تجارة رابحة في فرنسا تحت مسمى العمل الإنساني، فقد ذكر أن حوالى «300» أسرة من فرنسا وبلجيكا دفعت ما بين «2800 و6000 يورو» و«4000 و8600 دولار» مقابل كل طفل بحجة تبنيهم لهؤلاء الأطفال، لكن تمكنت السلطات في تشاد من إحباط هذه العملية وتوقيف الخاطفين التسعة لتنكشف بعد ذلك فصول القصة المؤلمة التي خُطِّط لتنفيذها في سرية تامة، وبعد تقديمهم لمحكمة إنجمينا التي أصدرت حكمًا في «26» من ديسمبر «2007» بدفع «4.12» مليارات فرنك لعائلات الأطفال التي حاولت الجمعية نقلهم إلى فرنسا والسجن لمدة «8» سنوات، لكن تم العفو عنهم من قِبل الرئيس التشادي إدريس دبي، وقبل أيام أصدرت محكمة فرنسية حكمًا بالسجن لمدير تلك المنظمة «إيريك بريتو» وآخرين. وتعد الجمعية واحدة من المنظمات التي دخلت دارفور تحت غطاء العمل الإنسانى كغيرها من الجمعيات والتظيمات الأخرى، وكان رئيس الجمعية إيريك بريتو الذي اعتُقل بتشاد برفقة خمسة فرنسيين آخرين بتهمة الاحتيال واختطاف قاصرين قد أكد أن وزارات الداخلية والعدل والشؤون الخارجية وعدة أطراف أخرى بفرنسا كانوا على علم مسبق بالعملية، واعتبر إيريك في رسالة مطولة بثها الموقع الإلكتروني لإذاعة «فرانس أنفو» أن الحكومة الفرنسية تخلَّت عنه بل الأدهى من ذلك أسهمت في توريطه. مراقبون لم يستبعدوا أن تكون الحكومة الفرنسية على علم بتلك العملية إلا أنها تراجعت خوفًا من أي غضب من منظمات إنسانية في المجتمع الدولي وآثرت أن تقف ضد هذه المنظمة، وبحسب الناشطة في العمل التطوعي مديرة مؤسسة سند الخيرية سامية محمد عثمان فقد أكدت خلال حديثها ل«الإنتباهة» أن أمر تلك المنظمات يمثل خطرًا على المجتمع وخاصة مناطق النزاع وهذه المنظمات ليس لديها أي جهات تراقب أداءها وعملها ومع كثرة أعدادها يصعب على السلطات التحكم في طبيعة عملها خاصة عدم وجود جهات مختصة تحدِّد عمل هذه المنظمات، وأضافت سامية أنه مع ازدياد أعداد هذه المنظمات والجمعيات التي تدخل السودان من باب العمل الإنساني فإن ذلك ربما يؤدي إلى تكرار مثل هذه الحادثة، ولم تستبعد سامية أن تكون هنالك عمليات مشابهة قد تمت ولم يتم اكتشافها، وبالنظر إلى كمية البلاغات التي دُوِّنت بحالات اختفاء في مناطق النزاعات خاصة في دارفور فإن احتمالية حدوث عمليات لم تُكشف ربما يجعل من حديث سامية أقرب إلى الحقيقة. منذ اندلاع الحرب في دارفور تدافعت جمعيات ومنظمات منها من يعمل بالشأن الإنساني ومنها ما له أهداف تحتلف كليًا عن التي حضرت من أجلها حيث بلغ عدد المنظمات العاملة في السودان نحو «192» منظمة أجنبية تعمل بطاقة تقدر بأكثر من «1000» من الموظفين والعمال الأجانب. وبحسب تقارير مازال يوجد في دارفور أكثر من «70» منظمة أجنبية غير حكومية، وبالنظر إلى الدور الذي تلعبه تلك المنظمات يتضح أنها تأتي لأغراض غير التي تعلنها فقد كشفت تقارير حكومية عن تجاوز عدد من المنظمات في عملها من بينها منظمات فرنسية تم طردها ضمن المنظمات ال«13» التي أصدر بحقها الرئيس عمر البشير قرارًا بذلك، وكانت هذه المنظمات تحمل أسماء إنسانية مثل منظمة «العمل ضد الجوع»، وهي منظمة فرنسية، كانت قد قدمت تقارير ملفقة ضد الحكومة ولم تستند إلى أي أدلة، إضافة إلى منظمة التضامن الفرنسية فقد وفرت هذه المنظمة أشكالاً مختلفة من الدعم للمتمردين منها توفير الوقود وكروت الشحن وترويج مزاعم عن ارتكاب الحكومة لإبادة جماعية، كما تورطت مؤسسة التمويل والتعاون الأمريكية بتمثيل مشاهد تصور عمليات اغتصاب... وتدريب المتمردين على أساليب وأنشطة الدفاع عن حقوق الإنسان، كما اشتركت «أطباء بلا حدود» الفرنسية والهولندية في ترويج أكاذيب عن الاغتصاب والعنف الجنسي والقتل الجماعي، واستيراد أجهزة اتصالات متطوِّرة بطرق غير مشروعة.