حكى لنا الزميل الصحفي زكريا حامد طرفة عن أحد معارفه ترشح في الدوائر النسبية في آخر انتخابات لأنه موقن بأنه «ما حيلقى حاجة في الدوائر الأخرى» وحتى في النسبية فالرجل لم يجد شيئاً. وقد برر سقوطه بأن ناس المؤتمر الوطني زوّروا الانتخابات. ولما سأله عن الطريقة التي علم عن طريقها كيفية تزوير الانتخابات قال: إن كل مرشحي المؤتمر الوطني تعودوا أن يقولوا في لقاءاتهم وخطبهم السياسية ويكرروا دعاء يقول: «اللهم إنا نعوذ بك من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا» وصديقنا الفاشل في الانتخابات يعتبر أن تكرار هذا الدعاء يعني بالضرورة أن «الجماعة ديل» عارفين مسبقاً بأن نفوسهم شريرة وأعمالهم سيئة وبالتالي فهم مزوِّرون. وبعيداً عن قصة شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا فالناس ديل «براقماتيين». وطبعاً أولاد نمرة اتنين عارفين يعني شنو «براقماتيين» ولكن لتعميم الفائدة نقول لأولادنا في أم بعاشيم وأم عضام أن تكون «براقماتياً» معناها أن تكون «زول عملي» جداً وشغال صاح. يعني ناس المؤتمر الوطني تلقاهم «من هسع» قاموا بتشكيل لجان لمتابعة التسجيل والحصر والإعلام والدعاية والتصنيف والتعبئة والرصد. وتحليل المعلومة وامتلأت «كمبيوتراتهم» و«لابتوباتهم» استعداداً لانتخابات 2014م. وربما من خلال العامين القادمين سوف يضربون أكباد البكاسي واللاندكروزرات وفي الأرياف يضربون أكباد الإبل لحصر الناخبين والعمل على إقناعهم بالتصويت لصالحهم في انتخابات 2014م. ويعني يا جماعة المسألة ليست فيها «شرور أنفسنا أو سيئات أعمالنا» وإنما فيها أن لكل مجتهد نصيبًا وفيها أن كل من كدَّ وجد ومن استراح راح. ولأن أهلنا في الأحزاب الأخرى قد استراحوا فإنهم بالضرورة راحوا.. وقديماً اكتشف عالم الفيزياء نيوتن قانوناً يسمى الفعل ورد الفعل «لكل فعل رد فعل مساوٍ له في القوة ومضاد له في الاتجاه» وبالطبع لا يقف تأثير هذا الفعل عند الظواهر الفيزيائية بل يصل إلى تفسير الظواهر الاجتماعية والسياسية والاقتصادية. والعالم نيوتن جاء أيضاً بقانون فيزيائي آخر يقول إن «الطبيعة تكره الفراغ» ولما كانت كل الأحزاب السياسية قد «استراحت» فإن رد الفعل المساوي والمضاد في الاتجاه أنها قد «راحت». ولأنها تركت فراغاً واسعاً بين مؤيديها فقد ملأه الآخرون. وقد استرعى انتباهي أسماء الفائزين من مرشحي المؤتمر الوطني الذين اكتسحوا الانتخابات الماضية ولم ينصرف ذهني نحو العددية الكثيرة ولكن انصرف انتباهي نحو الأسماء نفسها. فالمعروف مثلاً أن كل من كان اسمه أو اسم أبيه «سر الختم» أو «السر» أو «الختم» أو «محمد عثمان» أو «علي عثمان» أو «ميرغني» أو «الميرغني» أو «الخليفة» أو ود «الخليفة» أو «الحسن» فبالضرورة أن الرجل أو أبوه أو جده المتسمي يتبع إما للطريقة الختمية أو أن أهله ينتمون لحزب الشعب الديمقراطي أو الإتحادي الديمقراطي لاحقاً. وقد لاحظت أن الكثيرين من فائزي المؤتمر الوطني جاءت أسماؤهم تحمل ملامح صارخة ومطابقة من الأسماء التي ذكرتها. طيب يا جماعة هذا يقودنا بالضرورة إلى أن قواعد المؤتمر الوطني ما هي إلا من أصل الختمية والإتحاديين والأمة. ولهذا فنقول بصحة قانون نيوتن ونقول بعدم وجود الحاجة الى التزوير. فالأولاد أولادكم ومن أصلابكم ولكنه تيار جديد يرفض القديم ويعمل على سد الفراغات التي يتركها فترات الاستراحة الطويلة للزعماء القادة في هذه الأحزاب «القديمة» يعني المؤتمر الوطني باختصار هو نفسه الاتحادي الديمقراطي في ثوب جديد يستصحب قواعد شبابية .. كذلك لاحظت أن كثيراً من فائزي المؤتمر الوطني تكون اسماؤهم أو أسماء آبائهم أو أجدادهم مثل «مهدي» أو «المهدي» أو «الصادق» أو «الهادي» طيب يا جماعة بنفس المنطق بتاع الافتراض الأول فإن المؤتمر الوطني هو أيضاً تيار جديد انتزع من حزب الأمة أبناءه وأبناء أبنائه ثم خلطهم مع أولاد الاتحادي الديمقراطي وكانت النتيجة أن الفراغ من اولاد الحزبين مضافاً اليهم أولاد الحركة الإسلامية ولا مجال لشرور أنفسنا أو سيئات أعمالنا. ومن المؤكد أن هناك أسماء أخرى مثل راشد وهاشم .. وراشد هذا هو الاسم الحركي للمرحوم عبد الخالق محجوب زعيم الحزب الشيوعي. وفي مقال قادم نحدثكم عن منبر السلام العادل الذي في الحقيقة يمثل تياراً عاماً يملأ الفراغات التي تركتها الأحزاب بما فيها المؤتمر الوطني ويخاطب وجدان المواطن السوداني العربي، الإفريقي، المسلم، المندكورو، الجلابي، ود البلد.. ويمثل لعبة «كشة الولد» في الكوتشينة التي أخذت الجمل بما حمل. كسرة: نجد أنه من الضروري أن نذكر أنفسنا بعد أن نستعيذ بالله من «شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا» أن الجنوبي باقان قال وهو يعلن الانفصال «باي باي لوسخ الخرطوم، باي باي للمندكورو، باي باي للعروبة، باي باي للاسلام، باي باي للجلابة» والذكرى تنفع المؤمنين.