يعتبر مرض البلهارسيا هاجساً صحياً يؤرق العالم، حيث يفقد «4,5» مليون حياتهم سنوياً. وهو أحد أهم ما يعرف بالأمراض المهلكة على المستوى العالمي. والسودان ليس استثناء إذ يتوطن المرض في كل أجزائه بدرجات متفاوتة، ولكنه يرتكز بصورة أساسية في المناطق المروية بوسط السودان، وقد أفاد تقرير صادر عن وزارة الصحة أن «80%» من السكان معرضون للإصابة به، وهذا ينذر بكارثة صحية أشبه بالإبادة الجماعية ليست أقل من تلك التي تحدث في الحروب، ولكنها بسلاح ناعم مما يستدعي التدخل السريع بوضع تدابير وقائية قبل فوات الأوان. فالبلهارسيا عبارة عن ديدان تعيش في الأوعية الدموية حول الأمعاء أو المثانة، وتضع أنثي الديدان بيضاً يخترق بعضه جدار المستقيم أو جدار المثانة، ثم يخرج البيض مع البول أو البراز عند نزول بول أو براز الشخص المصاب في الماء، فيؤدي إلى فقس البيض وخروج «المراسيديوم» الذي يدخل القواقع ويخرج منها الطورالمعدي للإنسان«السيركاريا» التي تثقب جسم الإنسان مسببة له المرض. فئات الإصابة أفادت دراسة أن معدل انتشار المرض إضافة للوفيات في ازدياد مستمر وأن انتشار البلهارسيا المعوية بلغت «234» بيضة في كل جرام من البراز. وأيضا نسبة البراز الدموي«براز الدم» تساوي «29%»، خاصة في القرى قرب قنوات الري. فالبلهارسيا تشكل خطراً على سكان المناطق المروية. وهذا الخطر يمكن أن يستمر لسنوات قادمة في ظل وجود معدلات إصابات وسط المقيمين في السكن الاضطراري الذي تصعب فيه معالجة مشكلة ماء الشرب. بالأرقام أعلنت وزارة الصحة الاتحادية أن «80%» من السكان معرضون لخطر الإصابة بمرض البلهارسيا، وكشفت عن إصابة خمسة ملايين شخص بالمرض في الولايات المختلفة. وحذر وكيل وزارة الصحة من عواقب وخيمة في المستقبل القريب لانتشار البلهارسيا لضعف التوعية الصحية بالولايات. وقال الوكيل لدى مخاطبته ورشة عقدتها لجنة الصحة بالمجلس الوطني، إن المرض انتشر بأنحاء البلاد مما يتطلب دعماً من الدولة، وأكد أن وزارة المالية لم تقم بدعم خطة الوزارة لمكافحة المرض في الموازنة الحالية. وقال إن بعض المناطق بالولايات سجلت نسبة عالية للإصابة بالمرض وصلت «90%»، وأشارت الورقة الى أن معدل انتشار المرض يتراوح بين «3.5 %» في الخرطوم كأقل نسبة، بينما توجد بؤر تصل إلى «66.6 %» و«70%» في شمال كردفان كأعلى نسبة، بينما بلغ عدد حالات النزيف المعوي الحاد الناجم عن مرض البلهارسيا بالمستشفيات في 2010 أكثر من «6» آلاف حالة، وأشارت لإجراء «4800» عملية نزيف معوي في العام 2011 في كل من مستشفى سوبا وابن سينا، وذكرت الورقة أن التكلفة التقديرية لعلاج مضاعفات المرض للفرد الواحد 1700 جنيه، بينما التكلفة الكلية لعلاج المصابين بمضاعفات المرض المسجلين بالمؤسسات الحكومية في 2011 والبالغ عددهم «6» آلاف مريض تبلغ 10.2 مليون جنيه، وأكدت أنها تمثل ضعف المبلغ المطلوب لتنفيذ الخطة الوقائية. مشكلتنا مع المانحين وزير الصحة الاتحادية بحر إدريس أبو قردة تحدث عن ارتفاع عدد المصابين بمرض البلهارسيا إلى «2» مليون، وشكا خلال مخاطبته ورشة «البلهارسيا المرض الصامت القاتل» بقاعة الشهيد الزبير من عدم وجود دعم دولي لبرنامج البلهارسيا، لافتاً إلى أن أولويات الداعمين الدوليين لا تتناسب مع أولويات الدولة، مشيراً إلى أن وزارته وضعت إستراتيجية مشتركة للتوفيق بين الولايات والوزارة والداعمين، إلى جانب العمل لخفض نسبة الإصابة إلى «5%» في العام 2016م من خلال إجراء المسوحات والعلاج الجماعي ومكافحة الناقل، داعياً منظمات المجتمع المدني للتعاون مع الوزارات للقضاء على المرض. الغبينة من جانبه أوضح مدير برنامج البلهارسيا بوزارة الصحة الاتحادية جبريل نعمان أن مرض البلهارسيا يأتي في المرتبة الثانية بعد الملاريا، لكنه يشكل خطورة بالغة، وقال إن عدد حالات النزيف المعوي الحاد بالمستشفيات بلغت «6» آلاف حالة، «10» منها تحولت إلى سرطان المثانة، وطالب الدولة بالالتزام السياسي والمادي تجاه مكافحة المرض، وعلى المشاريع التجارية أن تدفع فاتورة العلاج، وأردف أن برنامج البلهارسيا في الوزارة مغبون نتيجة لتجاهل الجهات المسؤولة. وعي صحي مدير إدارة مكافحة البلهارسيا بوزارة الصحة ولاية الخرطوم عبد الماجد تحدث ل«زووم» عن كيفية التي تحدث عند اتصال الإنسان بالماء الملوث«كالخوض أوالاستحمام أوالسباحة في الترع، البرك، الانهار أو البحيرات». والبلهارسيا أنواع منها البولية والمعوية ومن أعراضها الإصابة بحكة في الجلد وحرقان عند التبول وألم في الجزء الأسفل للبطن وضعف عام ودم في البراز. وقال إن برنامج المكافحة بدأ منذ عام 1997 وتم اكتشاف البلهارسيا في المناطق الواقعة حول مشروع السليت ومشروع الجموعية في أمدرمان وبعض المشاريع الصغيرة في ريفي بحري وتطور البرنامج حتى عام 2006م، فأضيفت بعض مناطق الخرطوم مثل جبل أولياء، الكلاكلة، أم عشر، الرميلة، اللاماب ومشروع الأبحاث البيطرية في سوبا. وفي عام 1997 أجري مسح طفيلي لتلاميذ مرحلة الأساس باعتبار أنهم الفئات الأكثر عرضة للإصابة. العلاج وعن السياسات العلاجية قال: «إذا كانت نسبة الإصابة «10%» يعالج كل السكان والتلاميذ، وإذا كانت «3%» يعالج التلاميذ فقط. وأكثرالفئات تعرضاً هم الصيادون وعمال المشاريع الزراعية. ويتم علاج البلهارسيا بعقار البرازيكوانتيل، وهو آمن وفعال وتعطى جرعة العلاج للأشخاص المصابين حسب وزنهم، ويمكن استخدام الطول بدلاً عن الوزن، وتعطى الجرعة بواسطة الطبيب أو المساعد الطبي المدرب بعد إعطاء وجبة غذائية، ويتم تخفيف المرض عبر تكرار حملة العلاج للطلاب والفئات الأكثر عرضة ورفع الوعي الصحي للمواطن وعدم قضاء الحاجة قرب مصادر المياه وعلاج المصابين مع تكرار الجرعة العلاجية كل ستة أشهر أو سنة في المناطق الموبوءة ومكافحة العائل الوسيط «القواقع» بنظافة الترع وإزالة الحشائش منها، وزيادة سرعة جريان المياه في الترع واستعمال مبيدات القواقع والعمل الجماعي ومكافحة القواقع وتوفير مياه شرب صحية. الأكثر في الولايات تنتشر البلهارسيا بصورة أكبر بنسبة «3.5%» وتوجد في محليات الخرطوم وجبل أولياء وأمدرمان وشرق النيل مناطق محددة حول المشاريع الزراعية، وآخر حملة علاج كانت من 26-29/11/ 2012 لعلاج تلاميذ محليتي الخرطوم وجبل أولياء 294/25 تلميذاً على التوالي في «74» مدرسة إضافة للفئات الأكثر عرضة، ويمكن القضاء على البلهارسيا بالمشاركات الفاعلة في عملية الفحص والعلاج ومشاركة مشاريع التنمية المائية في توفير مياه الشرب وإصحاح البيئة، وتكوين لجان طوعية لمكافحة البلهارسيا. فرقوا بين المرضى و«المعرَّضين» وزير الصحة ولاية الخرطوم مأمون حميدة قال ل«زووم» الوزارة عالجت 25 الف طالب وفي العام الماضي عالجت أكثر من «125» ألف معرّض وليس مريضًا، هناك فرق بين المريض والمعرَّض وقد نقل الإعلام أن هناك «5000» مريض، المرضى لن يصلوا هذا الحجم والصحافة يجب ان تتوخى الحذر حول هذا الأمر. النسبة حسب الوزير انخفضت في المحلات المتأثرة في شريط النيل الأبيض وفي الشريط النيلي والحاج يوسف لأقل من «5%» السنة الماضية.