يؤكد الأستاذ عبد الهادي الأمين «موظف» أن أسلوب التنشئة الخاطئة هو السبب الرئيس لتعلق الابن بوالدته حتى بعد الزواج، فالتربية الخاطئة تخرج للمجتمع شخصية لا تستطيع الاعتماد على نفسها وليس لها القدرة على اتخاذ القرارات المصيرية وتنتقل معه هذا الحالة لمرحلة اختيار شريكة حياته فقد تشاركه والدته في صفات زوجة المستقبل وتلزمه بشخصية تراها هي تتناسب وشخصيته، فتحب هذه الأم محاصرته حتى في اختيار زوجته، وإذا شعرت برغبتها في التمرد والخروج عن الطريق الذي رسمته تحدث المشكلات وتشتعل نار الغيرة بينهما ويصبح هو الضحية. وأغلب زيجات هذا النوع من الأبناء تفشل أو أن هذا الفتى الملقب بابن أمه لا يتزوج بالأساس ويبقى أسيرًا لحنين والدته دومًا. طلبت الطلاق وتروي «س» والتي فضلت حجب اسمها قصتها بصوت حزين وقالت تزوجته منذ سنتين فنحن زملاء في العمل وكان مشهودًا له بحسن الأخلاق والمعشر فلم أتردد في الزواج منه فقد عرفته من خلال عملي قوي الشخصية صاحب نفوذ، ولكن بعد الزواج كانت الكارثة التي لم أستيقظ منها إلا بالطلاق، فقد كان ابن أمه المدلل، لم يكن هناك سر في حياتي لا تعرفه بل كانت تتدخل حتى في طريقة لبسه، فحاولت مرارًا ان أشعره بأن حياته أصبحت مستقلة بعد زواجه وانه هو الذي ينهى ويأمر وليس والدته، فكانت المشكلات تشتعل وصارت تقول لي بصريح العبارة بأنها لن تتركني أخذه فبدأت تحرضه ضدي بكل السبل وأخيرًا خسرت المعركة وطلبت الطلاق بعد أن فشلت كل السبل لإخراجه من قوقعة أمه. المرأة هي السبب ويجزم متوكل إبراهيم «معلم» بأن الفتاة التي تقدم على الزواج يجب أن تضع النسيبة في الحسبان، ناهيك أن يكون وحيد أمه، فالمرأة السودانية والعربية عمومًا تدلل الصبي أكثر من الفتاة وتحتفي به بصورة مختلفة لذلك عندما يأتي وسط عدد من الشقيقات يكون متميزًا ويسعى الكل الى نيل رضائه وتدليله فيكبر ليصبح عالة على المجتمع، لذلك اذا كانت هناك مشكلات في شخصية الابن الوحيد فهي ناتجة حتمًا من معاملة أبويه اللذين قد يكونان بالغا في تدليله واستجابا لكل طلباته فهناك فهم لدى الأمهات أن حرمان الطفل من بعض المتطلبات به قسوة عليهم وهذا فهم خاطئ، فالدلال المفرط للولد يجعله إنساناً ضعيف الشخصية لا يثق بنفسه ولا يتحمل المسؤولية ويعتمد على غيره وغير قادر على أن يكون مستقلاً ولذلك على زوجة الابن الوحيد أن تتفهم غيرة الأم وتعمل على تعديل سلوكها ضدها بالاهتمام بها كما تهتم بزوجها وهذا يتطلب منها عزيمة وصبرًا وتفهمًا عاليًا لغيرة الأم و تتصور نفسها بعد عدة سنين في مكان نسيبتها. غريزة وتقول سعاد الملقبة بأم الغالي وهو ابنها الوحيد وسط عدد من البنات رزقني الله بابني الوحيد بعد خمس بنات وحتى لحظة قدومه جاءت معه بنت، فكانت سعادتي به لا توصف، لذلك فقد نشأ في دلال كونه الوحيد والصغير، وقد عاتبني أهلي كثيرًا عندما يرون خوفي وحرصي الشديد عليه، ولكن تصرفاتي هذه وراءها غريزة لا يدركها إلا من جربها، وتضيف إذا قرر الزواج يجب إن أسهم في اختيار زوجته. خلل عاطفي د. نجدة محمد عبد الرحيم الاختصاصية النفسية تناولت القضية من تخصصها مبينة أن الطفل الوحيد يختلف عن بقية الأطفال فهو مصدر اهتمام الوالدين والأسرة منذ إنجابه يحاط بكمية من الرعاية والاهتمام الزائد مما يؤثر سلبًا عليه مستقبلاً مشيره الى إمكانية حدوث خلل عاطفي للطفل وعدم تفريقه بين الخطأ والصواب والمقبول وغير المقبول بجانب تعامله بأنانية فيصاب بخلل في مفاهيمه وعاطفته، وقالت إن مسيرة الطفل الوحيد الحياتية تتأثر نسبة لأن كل مرحلة لديها احتياجاتها النفسية والاجتماعية ومع خروجه للحياة العامة يصطدم بأنه ليس لديه القدرات للإدارة واتخاذ القرارات ومتردد وانطوائي لأنه لم يكتسب مساحة للتفاعل مع الآخرين بحرية تامة فهو دائمًا مراقب ومحاصَر من والدته فتظهر المشكلة في اختيار شريكة الحياة وتعامله مع زوجته وأبنائه وتنصح د. نجدة الأسر بضرورة التقليل من مظاهر العاطفة والدلال الزائد لإخراج شباب ناجح للمجتمع والاستماع لمقولة «علم ولدك لزمن قادم».