ظلت العلاقات السودانية الإيرانية ومنذ استقلال الأول تسير بخطى ثابتة وتمضي في تصاعد مستمر لم يعكِّر صفوها إلا بعض سني الثمانينيات إبان حقبة حكم الرئيس الراحل جعفر نميري حينما ساند السودان العراق في حربه مع إيران، ولكن سرعان ما عادت العلاقات الدبلوماسية بين البلدين للدوران بعد تولي الصادق المهدي للحكم وزيارته للعاصمة الإيرانيةطهران واستمرت بعد ذلك العلاقة في التحسن والتطور إلى أن زادت الروابط عمقاً ومتانة في عهد الرئيس البشير الذي تبادل الزيارات مع الرئيسين الإيرانيين السابقين هاشمي رفسنجاني ومن بعده محمد خاتمي وتعد زيارة الرئيس الإيراني محمود أحمدي نجاد المعلنة للبلاد اليوم الثانية إذ سبق وأن زار نجاد البلاد لأول مرة في العام 2007 أي بعد عام واحد من زيارة نظيره البشير لإيران واستغرقت الزيارة حينها مدة يومين وجاء فيها على رأس وفد وزاري رفيع ضم عدداً من وزرائه وكانت المباحثات قد تناولت مسار العلاقات بين البلدين وقضايا المنطقة وفي مقدمتها قضية العراق وفلسطين ولبنان ودارفور، بجانب الملف النووي الإيراني الذي وصفه نجاد حينها بأنه قطار مسرع. وعلى خلاف الزيارة الأولى التي كانت قد انطلقت طائرة نجاد الرئاسية فيها من مطار طهران وحطت بالخرطوم نجد أن مسار الطائرة تغيّر هذه المرة إذ يأتي نجاد قادماً من مطار نيويورك بعد مشاركته في اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة.. وأكد الناطق باسم الخارجية العبيد المروح في تصريحه ل «الإنتباهة» أمس أن مباحثات نجاد التي ستلتئم مع الرئيس البشير بقاعة الصداقة غداً ستتناول ملفات العلاقات الثنائية بين البلدين وتنسيقهما المشترك في المحافل الدولية والإقليمية. وكان مستشار رئيس الجمهورية مصطفى عثمان أكد إبان الزيارة الأولى وجود آفاق لتطوير علاقات البلدين نظرًا للتقارب السياسي بينهما ومشاطرتهما «الرؤية نفسها حول المسائل الدولية وتطابق رؤاهما في الاعتماد على قواهما الخاصة». بينما تحاشى نجاد الخوض في ملف بلاده النووي، وأطلق تصريحات داوية ركز خلالها على العلاقات مع السودان، وقال إن العلاقة لا ينتابها القنوط أو المحدودية، وقال إن تقدم السودان هو تقدم وعزة لإيران والإسلام، مؤكداً وقوفهم إلى جانب الخرطوم بالدين والعقيدة. وأكد أن السودان يشد على ساعد إيران بقوة في حقها المشروع في الاستفادة من الطاقة النووية للأغراض السلمية، مؤكداً أن هذا الحق تكفله لإيران المعاهدات والمواثيق الدولية كافة، واعتبر محاورات بعض الدول التي تمتلك الأسلحة الفتاكة حجب حق إيران في الاستخدام السلمي للطاقة يمثل ازدواجية في المعايير التي تهيمن على الساحة الدولية. من جانبه، دعم البشير في خطابه خلال الجلسة موقف إيران في ملفها النووي، وقال «لإيران الحق في الاستفادة من الطاقة النووية للأغراض السلمية». وقال البشير إن السودان وإيران عقدا العزم على ترجمة الإرادة السياسية إلى تعاون مثمر في المجالات كافة وإقامة شراكة اقتصادية قوية بما لدى البلدين من ثروات، وأن يكون التعاون الأنموذج على مستوى دول العالم الثالث عامة والإسلامية بوجه خاص. وبالنظر إلى متانة العلاقات الراسخة بين البلدين سيما في السنوات الأخيرة والتي دلل عليها تمسك إيران في يوليو الماضي بتأمين زيارة البشير عبرها للصين نجد أن هناك عدة عوامل أسهمت في تحسُّن علاقات البلدين في عهد البشير أبرزها الضغوط الاقتصادية والسياسية التي مارستها واشنطن ضدهما تحت ذريعة رعايتهما الإرهاب وتنسيق المواقف في المحافل الدولية. بجانب تقريب إيران لوجهات النظر وحل الخلافات بين السودان وبعض جيرانه مثل إريتريا وأوغندا، وهو الدور الذي نشط في القيام به الرئيس الإيراني الأسبق هاشمي رفسنجاني.