ويتكرَّر نفس السيناريو ويُلدغ (مؤمنو المعارضة) من ذات جحر قرنق للمرة المليون ويعود التجمُّع الوطني الديمقراطي الذي ركب به قرنق حمار المعارضة حتى باب نيفاشا ثم ربطه في العراء خارج الباب في صيف قائظ ودخل إلى القاعات المكيّفة ووقَّع مع غريمه المؤتمر الوطني اتفاقاً كان وبالاً على السودان جميعه شعباً وأرضاً وحكومة ومعارضة. يعود التجمُّع الوطني الديمقراطي في ثوبه الجديد مع قرنق آخر هو عرمان. نفس الرويبضة الذي ساق مع باقان قوى المعارضة بقيادة الحزب الشيوعي السوداني خلال الفترة الانتقالية في (قوى إجماع جوبا) ثم قوى الإجماع الوطني بقيادة أبو عيسى ومشاركة الترابي وفصيل حزب الأمة القومي المساند لقوى الإجماع ولعرمان بقيادة مريم الصادق المهدي التي وقَّعت مع أركو مناوي اتفاقاً في كمبالا قبل عدة أشهر بينما الفصيل الآخر يعترض على التحالف مع قوى إجماع أبو عيسى وعرمان وباقان ويقف السيد الصادق في المنزلة بين المنزلتين!!. ما حدث هو اتفاق جديد باسم جديد لا يختلف كثيراً عن تحالف الجبهة الثورية السودانية الذي يضم الحركة الشعبية (قطاع الشمال) (رئيساً) والحركات الدارفورية العنصرية عبد الواحد ومناوي وجبريل ثم ممثلين (ويا حسرتاه) على حزبي الميرغني المشارك في الحكومة والصادق المهدي!!. استنساخ لكل التحالفات التي قادتها الحركة منذ ما قبل نيفاشا وحتى اليوم مع الأحزاب (الوطنية) التي تأبى إلا أن تلعب بهذا الوطن وبجماهيره وهي التي تعلم أن من تتحالف معهم سيعلقون قياداتها في المشانق يوم يحققون ما يريدون ويوم يصنعون السودان الجديد الذي يسعَون إلى إقامته من خلال (تحرير السودان) القائم اليوم... تحريره من الميرغني والصادق المهدي ومن بقية الجلابة المخدوعين الذين ظلت النخب الجنوبية تكِنُّ لهم العداء منذ أن انفجر التمرد في عام 1955م قبل استقلال السودان. لطالما أوردنا ترجمات لمقالات صحيفة (سيتزن) الجنوبية خلال الفترة الانتقالية وهي تحتفي بسيرة (جون أوكيلو) وتتحدث عن قيامه بقتل عشرات الآلاف من العرب في زنجبار في ليلة واحدة ولطالما ذكَّرنا بتلك المشاعر المبغضة التي جعلت سلفا كير يُحيي ذكرى تمرد توريت الذي كان سلفا كير عندما انفجر طفلاً صغيراً لكنه لم ينسَه حين نفض عنه الغبار بعد أكثر من خمسين عاماً من حدوثه وسمَّى خلاله المجرمين الذين ذبحوا مئات الشماليين في أول عملية تطهير عرقي في السودان.. سمَّاهم بالأبطال وجعل من ذلك اليوم (18 أغسطس) يوماً وطنياً في جنوب السودان يحتفل به كل عام. لكن الغفلة لا تزال تسيطر على (زعمائنا الوطنيين) الذين يتحالفون مع عقار والحلو وعرمان ومن ورائهم سلفا كير وباقان بالرغم من أن دولة الجنوب لا تزال تحتل أرضهم في جنوب كردفان والنيل الأزرق ويوقِّعون الاتفاقيات في كمبالا مع أعدى أعداء السودان الرئيس اليوغندي موسيفيني وبالرغم من ذلك يطمع هؤلاء الزعماء في أن يحملهم الشعب السوداني على كتفه ويمنحهم تفويضه ليحكموه ويخضعوه لدولة جنوب السودان صاحبة الاسم التجاري لمشروع السودان التي تحتفظ الحركة التي تحكمها حتى اليوم باسمها القديم (الحركة الشعبية لتحرير السودان)!! لكن هل نلوم هؤلاء الزعماء الغافلين الذين تسوقهم أحقادُهم لشنّ الحرب على أنفسهم وبلادهم وقبل ذلك دينهم أم نلوم المؤتمر الوطني الذي يرفض أن يُتيح لغيره أن يتحدَّث أو يكتب أو يفرفر والذي يدفع الأقربين لأحضان الأعداء دفعاً؟! لن أجد عذراً للترابي وهو يُجيز التحالف الجديد الذي يقوم على إقامة حكومة انتقالية علمانية (تخيلوا علمانية)!! الترابي الذي ظل ينافح عن الشريعة ويناصب الحزب الشيوعي وبني علمان العداء بل ويقود حل الحزب الشيوعي في الستينات.. الترابي بعد أن تجاوز الثمانين وبات إلى القبر أقرب يرتمي في أحضان الشيوعيين بل يصرِّح بأن الحزب الشيوعي هو الأقرب إليه ويتحالف مع الرويبضة عرمان ومع الدولة التي تحتل أرضه ويتآمر على دينه ووطنه. على المؤتمر الوطني أن يتحرك ويخرج من حالة الجمود التي تُمسك بخناقه اليوم قبل فوات الأوان وأهم شيء أن يمنح الأحزاب الوطنية التي لا تسعى إلى إسقاطه إلا من خلال صناديق الاقتراع أن يمنحها فرصة أن تنازله سلماً بدلاً من أن تنازله حرباً. --- الرجاء إرسال التعليقات علي البريد الإلكتروني عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.