في العالم العربي، وفي الإنتاج الدرامي الذي يرتبط بقضايا دينية، تنشأ تحفظات مشروعة، وأحياناً أخرى تنشأ تعقيدات بسبب تصلُّب الرأى. وقد دخل الأديب الراحل عبدالرحمن الشرقاوي امتحانات عصيبة في هذا المجال. يُذكر أن الأزهر الشريف، على سبيل المثال، منع عرض فيلم (الرسالة)، أهم فيلم عن الإسلام. حيث منعه لمدة (22)عاماً، قبل أن يسمح بعرضه. وقد ذكر حينها السيد/ مدكور ثابت الخميس رئيس الرقابة المركزية على المصنفات الفنية السمعية والبصرية في مصر، أن إدارته طلبت من الأزهر الشريف التصريح بعرض فيلم (الرسالة) بنسختيه العربية والإنجليزية بعد (22) عاماً من الحظر فسمح بعرض الفيلم بعد أن اقتنع برأى الرقابة، بأن فيلم (الرسالة) يتناول حلقات مضيئة في التاريخ الإسلامي. يذكر أن النسخة الإنجليزية من فيلم (الرسالة) قام ببطولتها أنطوني كوين (أدى دور سيدنا حمزة-رضى الل عنه) وإيرين باباس (في دور هند بنت عتبة). والنسخة العربية قام ببطولتها الفنان المصري عبدالله غيث (أدى دور سيدنا حمزة) والممثلة السورية مني واصف (في دور هند بنت عتبة). وقد أخرج الفيلم (الرسالة) المخرج الأمريكي السوري الأصل مصطفي العقاد، الذي حصل على موافقة الأزهر الشريف على السيناريو. وكان الأزهر عندما وافق على سيناريو الفيلم في نهاية السبعينات، اعتبر أن المحظور تجسيدهم في الأفلام السينمائية، هم فقط العشرة المبشرون بالجنة، وأن سيدنا حمزة ليس من بينهم. إلا أن الأزهر الشريف تراجع لاحقاً عن هذا الموقف ورفض تصوير سيدنا حمزة في فيلم الصور المتحركة (محمد رسول الله)، الذي يتناول كذلك سيرة الرسول صلي الله عليه وسلم، واضطر مخرج الفيلم للتعديل ليتمكّن من الحصول على موافقة الأزهر. وبعد أن أخرج فيلم (الرسالة)، كان المخرج الراحل مصطفي العقاد يعد لإخراج فيلم (الناصر صلاح الدين). ولكن قبل أن يكمل انجازاً تاريخياً جديداً، قتِل في تفجير فندق في العاصمة الأردنية عمَّان. وفي السِّجل المضئ للرقابة في مصر، يذكر أنها منعت فيلم (بروس المايتي) أي (بروس القادر على كل شئ) للممثل (توم شادياك)، لأن أحد أبطال الفيلم يجسِّد على الشاشة ربَّ العزة عزَّ وجلّ، تعالى الله عن ذلك علوَّاً كبيراً. حيث اعتبرت الرقابة أن الفيلم مسئ لكل الديانات فحظرته. وفي كتاب (العرب من الأمس إلى الغد) ينقل المستشرق الفرنسي جاك بيرك رأي (أبي علي) أحد علماء المعتزلة، بأن كل ما سوى الباري عزَّ وجلّ يمكن تصويره أو تمثيله. ولكن هذا الرأى غير مقبول لدى الأزهر الشريف. كما أن أغلبية العلماء في دول العالم الإسلامي لا توافق على ذلك الرأى.