الزمان قبل ثلاث سنوات من كتابة هذا التقرير، المكان قبالة السواحل اليمنية حينما تعرّضت الباخرة «آيس بيرج 1» إلى الخطف من قِبل قراصنة صوماليين والإبحار بها صوب منطقة «قرعة» جنوب شرق الصومال وعلى متنها «24» بحارًا من دول الهند وباكستان والفلبين والسودان واليمن وغانا، والمطالبة بفدية «6500» مليون دولار ارتفع فيما بعد إلى عشرة ملايين دولار. وعن ثلاث السنوات التي قضاها البحاران السودانيان المهندس بحري عبد المنعم عبد الحفيظ، والمهندس بحري أحمد الأمين أحمد اللذان التقتهما «الإنتباهة» واستمعت إليهما إلى قصة الاختطاف والمآسي التي واجهتهما عبر إفادات موجعة فروى البحار عبد المنعم قائلاً: «لم أكن أتخيل أننا كنّا ال «24» بحارًا نقيم في غرفة واحدة طيلة السنوات الثلاث كيف؟ لا تسألوني، لكنها الحقيقة وأنني فقدت عيني اليسرى وضعفت اليمنى وأصبت بآلام حادة في الظهر والأرجل وسخونة في البول ما زلت أتعالج منها وكانت أقسى الأيام علينا حينما أخبرنا القراصنة بفشلهم في الحصول على فدية تفك أسرنا فتم الاتصال بمنظمة تتاجر في الأعضاء ستصل قريباً فخلق ذلك خوفاً وهلعاً نتج عنه انتحار بحار يمني الجنسية»، وأضاف أحمد الأمين «نحن طيلة سنوات الأسر كنا نتناول وجبة واحدة من الأرز ولتراً ونصف ماء تصرف لنا كل أسبوع وحينما ينتهي الماء كنا«نشرب من البحر». وأوضح أنه نال حظاً وافرًا من الضرب والركل والحبس الانفرادي في غرفة لا تتجاوز «مترين * مترين» لمدة ستة أشهر لا يعرف فيها ليلاً ولا نهارًا وجاء إلى أهله وهو مصاب ب«الأنيمياء» وأوجاع في جسده كله وعندما نجحت عملية تحريرهم من الرهن بعد معركة استمرت «13» يوماً بين القراصنة وقوات بونتلاند واستقبال الرئيس البونتلاندي لطاقم السفينة الذي أحسن ضيافتهم وتقديمه الواجب الإنساني على أكمل وجه ونقلهم جميعاً بطائرة خاصة إلى نيروبي. وأبان عبد المنعم أنهم وجدوا كل وفود الدول في انتظار رعاياها ومنهم وزراء وأقلهم كان سفير دولتهم عدا نحن السودانيين!! لم نجد حتى أصغر موظف من السفارة في انتظارنا فأصبحنا هائمين في مطار نيروبي كأننا « كلاب ضالة» على حسب قوله. وعن دور اتحاد البحارة في حادثة خطف البحارين السودانين سألت «الإنتباهة» البحار صلاح جنكري، الأمين العام التمهيدي لاتحاد البحارة السودانيين الذي قال: للأسف الشديد ظللنا منذ أكثر من «15» سنة نطالب باتحاد مهني للبحارة السودانيين، وقد استوفينا كل الشروط المطلوبة لقيامه إلا أن الجهات المختصة هنا بالبحر الأحمر حاولت الزجِّ بنا تحت تنظيم نقابات عمال السودان رغم أن طبيعة عمل البحارة وأهدافه والقانون الذي يتحاكمون به مختلف تماماً عن قوانين اتحاد العمال! الأمر الذي أضر بالبحارة وأضاع حقوقهم وحادثة القرصنة الأخيرة ابلغ مثال لضياع هذه الحقوق، وكان بالامكان ان يكون تحاد البحارة دور محوري ومهم جدا في مثل هذه القضايا وذلك من خلال العمل والتنسيق مع اتحاد البحارة العرب والاتحاد الدولي للبحارة من اجل مساعدة هؤلاء البحارة الراهائن والدخول في مفاوضات مباشرة مع القراصنة. ودعا جنكري الدولة لتسهيل قيام هذا الاتحاد لان البحارة السودانيين يتجاوز عددهم خمسه آلاف بحار والمحافظة على مصالحهم وحقوقهم واذا تم تنظيمهم بصورة فعالة فانهم يشكلون موردًا اقتصادياً مهمًا ولم ينسَ جنكري في إفاداته ل«الإنتباهة» أن يشيد بالدور الذي قامت به مندوبة الاتحاد الدولي للبحارة لاستقبالها البحارين السودانيين بمطار نيروبي ومساعدتهم وتقديم الواجب لهم . وفي السياق اصدر اتحاد البحارة السودانيين تحت الانشاء بياناً حصلت «الاإتباهة» على نسخة منه ناشد فيه الحكومة السودانية وبالاخص النائب الاول لرئيس الجمهوريه الاستاذ علي عثمان محمد طه برفع الظلم عن البحارة السودانيين ومحاسبة الجهات التى عطلت قيام الاتحاد والذي ظل مطلبا لهؤلاء البحارة منذ اكثر من «13» عاماً ومحاسبة الجهات التى تقاعست عن دورها فى التفاوض مع القراصنة وعدم استقبال الرهائن بعد تحريرهم وجبر الاضرار الجسيمة التى لحقت بهم وطالب كذلك بالتحقيق والبحث عن البحارة السودانيين المفقودين حتى الآن.