ما مصير صناعة السياحة؟ سؤال ظل يتردد مع كل نظام حكومي وكثر الحديث عن فشل إدارة السياحة في السودان لدرجة أن ظن البعض أن السودان بلاد ليست سياحية. «الإنتباهة» حملت هذه الهموم ووضعتها أمام السيد وزير السياحة والآثار والحياة البرية، محمد عبد الكريم الهد الذي أرجع الأمر إلى التقاطعات التشريعية التي تقف أمام تطور السياحة، مؤكدا عدم وعي بعض الدستوريين للدستور الاتحادي الصادر، الأمر الذي أحدث بعض المشاكسات القانونية التي شوهت الأداء العدلي. وقال هذه الأشياء يمكن تجاوزها بالتفاهم المشترك من خلال المجلس الاتحادي ومجلس الولايات والمجلس الوطني والناظر إلى المعوقات العديدة التي تواجه هذا القطاع . بلد به جواذب سياحية يمكن أن تساعد في زيادة الدخل القومي، ولكن تلك المعوقات تحول دون تصنيف السودان في مجال السياحة العالمية. هذا وغيره من الأسئلة أجاب عنها الوزير بكل صراحة عبر هذا الحوار: الشواهد السياحية في السودان كثيرة ولكنها غير ذات أثر ملموس؟ السودان حسب تقارير منظمة السياحة العالمية يعتبر السابع عالمياً من حيث الإرث الحضاري والتاريخي وفق آخر تقارير في العالم ووفق المكتشف منه والموجودة على سطح الأرض والمقصود بالسؤال الجواذب السياحية في السودان التي تتمثل في الإرث الحضاري لحضارتي كرمة ونبتة في القرن الماضي قبل الميلاد موجودة في المنطقة الشمالية وفي جبل البركل وأهرامات كرمة، وكثير جداً من إرث غير مكتشف، وفوق الأرض وما تدفنه الرمال يوجد حالياً «230» هرماً، وهي في حاجة إلى إعادة الترميم حتي تكون جاهزة للمشاهدة واستقبال الزوار، وكذلك من جواذب السياحة البيئية أن السودان غني بالغابات الممتدة أفقياً وعرضياً، وتعتبر حديقة الدندر أهم مورد بيئي وهي من الحدائق المسجلة عالمياً بمساحة «10 آلاف كيلومتر» أي ما يعادل مساحة لبنان، هذه كلها منطقة محجوزة تقع تحت رعاية الوزارة وبها أنواع مختلفة من الحيوانات وهي اتجاه طبيعي للزوار، وعدد من الطيور الممتدة داخل القرن الإفريقي من إثيوبيا وكينيا وتنزانيا، وبها حركة كبيرة في هذه المناطق وهي جاذب سياحي كبير يحتاج منا إلى تنمية حتى نستفيد منها كمورد أساسي للاقتصاد الوطني. ما هي الجهود التي بذلت لتطوير العمل السياحي في حظيرة الدندر؟ إستراتيجيتنا تتمثل في إيصال طريق عابر لكل الولايات حتى يصل إلى الحظيرة لمزيد من التعاون بين المركز والولاية لربطها بطرق وإحداث تنمية في الولايات الثلاث في القضارف والبحر الأحمر والنيل الأزرق، وأن الولاة الحاليين متفهمون. مقاطعة: لا يزال هناك جدل كثيف وتقاطعات في الحظيرة، ما هو دور الوزارة؟ نعم هنالك تقاطعات كثيرة أضرت بالقطاع السياحي وأن الدستور القادم سيعالج كثيراً جداً من السلبيات الموجودة في الحظيرة، كما أن محمية الدندر مسجلة منذ عام 1935وهي مبرأة من كل حقوق ولائية، بمعنى أن شأنها اتحادي، وهذه الحديقة ملك للشعب السوداني. وهنالك «42» بركة للمياه لمنع ارتحال الحيوانات إلى الهضبة الإثيبوية، فلا بد من المحافظة على الغابات والبيئة. كيفية المحافظة على تلك الآثار؟ في إطار ذلك بذلت الدولة جهوداً كبيرة لإعادة تأهيل الأهرامات باتفاقية بين السودان وقطر بتأهيل «100» هرم في منطقة ولايتي الشمالية ونهر النيل للآثار وسنزيد من الحملات الاستكشافية حتى نتمكن من كشف الكنوز المغطاة والإرث التاريخي للسودان خاصة بعد النظرة الجديدة للتاريخ الإنساني في الحضارات في منطقة الشرقين الأوسط والأدنى في منطقة السودان وهنالك كثير جداً من الشواهد وكتب كثيرة لمؤرخين وأثريين ألمانيين يكتبون عن أصل الحضارة الفرعونية في السودان وأصل الحضارة التاريخية، وبالنسبة للسودان الأوسط الممتدة من شمال الخرطوم حتى أسوان ولا يتوقف الأثريون في الماضي عن بحث كنوزها وتتميز بحرارة شديدة. كم بلغت عائدات السياحة في العام الماضي، وما هي النسبة المتوقعة؟ في العام الماضي بلغت «600» ألف دولار، أكثر من مليار بالعملة السودانية، ونطالب بضرورة إعادة حساب عائدات السياحة، وهنالك بعض العائدات الأخرى غير محصورة منها الحياة البرية والفنادق، ونحن نحتاج لمعرفة العدد الكلي الإجمالي للسياحة خاصة وأن هناك أموالاً تذهب لوزارة الداخلية متمثلة في شرطة الجوازات، أكثر من 300 دولار تأخذها من السائح، وهنالك أموال لدى شرطة الجمارك وحالياً نسعى لحصر هذه الأموال لإظهار أداء السياحة الكلي إضافة الى وجود أعداد كبيرة من مرتادي الحياه البرية من رياض السفاري وهم غير محصورين في الأداء الكلي. كم تبلغ ميزانية الوزارة من الموازنة العامة؟ ميزانية ضعيفة جداً وتعتبر ميزانية تسيير، وهي في حدود «4.5» وتكفي لتطوير المتحف فقط. كيف يتم تغطية العجز؟ من خلال الرعايات والشراكات والتفاعل مع القطاع الخاص ليقوم بدوره في رعاية القطاع السياحي، ونعمل على إيجاد بدائل للتمويل لإنفاذ البرامج بالتعاون مع القطاع الخاص. وماذا عن خطة العام الحالي؟ نحن في هذا العام أكثر ترتيباً، ولنوضح الدخل الحقيقي للسياحة هنالك تنسيق لحصر الأجانب في كل ولاية وجميع نزلاء الفنادق، ونتطلع الى إنشاء نيابات متخصصة للسياحة ومحاكم متخصصة لتسهيل كل الإجراءات ذات الصلة بالعمل السياحي. موقف تلك العائدات، هل هي في انخفاض أم ارتفاع؟ أعتقد أن العائدات بها نمو، وهذا النمو ناتج من الرغبة المتزايدة للسياحة للتعرف على الحضارة السودانية وعلى الشعب السوداني وأن السياحة ما هي إلا جزء من الدبلوماسية التي يمكن من خلالها التعرف على الإرث. وهذا العام مواتٍ للسياحة خاصة وأن هنالك مناطق كثيرة يرتادها سواح من سوريا وروسيا والصين ودول العالم المختلفة، ولا يجدون محطات آمنة. ويمكن للسودان أن يستقطب الأجانب. هذه الإجابة تقود الى تساؤل عن الجهود التي بذلت لتطوير العمل السياحي؟ هنالك بعض الاتصالات قامت بها الوزارة مع السفراء لتنشيط السياحة ونتطلع الى استقطاب مليون من الصين لأن لديها أكثر من «50» مليوناً وروسيا لديها هنالك اتصالات بيننا ومكاتب التفويج الروسي ونتوقع أن يكون لدينا نصيب كبير مما يسهم في إنعاش الاقتصاد. وكذلك نتميز بالجواذب السياحية البحرية المتمثلة في ساحل البحر الأحمر هنالك كثير من الجزر في البحر الأحمر ويمكن تسجيلها لتكون محميات وتطويرها حتى تخدم البلاد في السياحة خاصة منطقة أركويت وأرسو وهي جاذبة ويعتبر الساحل السوداني الأطول وهو قابل للتطوير من أجل استقطاب السياح، وكذلك يتميز بوجود السياحة الصحراوية سواء كانت في رياض سفاري والصيد أو الاستجمام بالصحراء. عدّد المناطق السياحية وما هي الأكثر ارتياداً من قبل السائحين؟ منطقة نهر النيل والولاية الشمالية وهي أكثر المناطق التي يرتادها السياح باعتبارها منطقة للسياحة الأثرية ويتوافدون لها في شكل مجموعات منها السياحة الصحراوية المتمثلة في الدفن في الرمال وهذه موجودة في الولايتين الشمالية ونهر النيل وجزء من البحر الأحمر وكسلا و الخرطوم وتتميز بالسياحة النيلية ووجود المتحف القومي وبيت الخليفة وبعض الآثار التركية وتتميز بقيمة تفضيلية في غابة السنط وهي مهبط لطيور متعددة عابرة للقارات، وتتميز بالتقاء النيلين خاصة وأن هنالك كثيراً من السياح في هذه المنطقة لمشاهدته. ونحن محتاجون لتطوير الحركة النهرية بين الخرطوم والشلال حتى يتم مشاهدة المناطق. هل لكم مساعٍ لتطوير السياحة والخروج بها من التقليدية؟ تسعى الوزارة مع جهات ذات صلة داخل الخرطوم لجذب الكثير من السياحة مع عدد من الدول بجانب رفع الوعي السياحي. وهذا يتم عبر المهرجانات والمنتديات المختلفة وتنظيم وتدريب الكوادر في كل الولايات إضافة الى خطتنا في فتح مجالات الاستثمار لعدد من المشروعات المختلفة، وذلك من خلال أول معرض للسياحة في السودان وسيكون في مارس المقبل، وسيشهد تظاهرة سياحية كبيرة بمشاركة كل وزراء السياحة في الولايات المختلفة من أجل تكامل الرؤى وإحكام التنسيق مع الولايات لتطوير السياحة، وهنالك خطة واضحة تبدأ الآن في إعادة وإكمال مباني المتحف الإسلامي، وهذه ضمن اتفاقية دولة قطر وكذلك تشرف على «7» محميات اتحادية مسجلة بحرية ونهرية، وكذلك الإشراف على المتحف القومي وتم وضع خطة واضحة لإعادة التأهيل بحضور مدير متاحف قطر مطلع الأسبوع القادم الشيخ حسن آل ثاني لإنفاذ هذه الاتفاقية التي سيتم إجازة ما تم الاتفاق عليه بواسطة اللجنة بين البلدين، وتعتبر انطلاقة البداية لانطلاقة المشروع في ولايتي الشمالية ونهر النيل وداخل الخرطوم. المعوقات التي تواجه السياحة؟ التقاطعات التشريعية في وجود بعض التشريعات وأن الدستور يعلو ولا يُعلى عليه، و ذلك لعدم معرفة بعض الدستوريين للدستور الاتحادي الصادر، الأمر الذي يحدث بعض المشاكسات القانونية التي تشوه الأداء. وقال هذه الأشياء يمكن تجاوزها في التفاهم المشترك. إضافة هنالك نقص كبير في شرطة السياحة وبعض الإجراءات الخاطئة وبها سوء فهم بالقانون في التصوير ونعتقد أن التقدم التكنلوجي تجاوز مسألة منع التصوير وملتقى النيلين ممكن تصويره من الجو وهنالك تنسيق بيننا والأجهزة المختصة بتوجيه مسؤوليه بعدم التعرض للسياح في تصويرهم للمناطق الجمالية للعمل على ترويجها وهي لا تؤثر على الأمن القومي بشيء التصنيف العالمي للسودان؟ السودان الخامس عالمياً من حيث الجواذب السياحية المستكشفة ونسعى لمزيد من المراكز المتقدمة بالتسجيل في اليونسكو الخاصة بالجواذب الأثرية والبيئة. مدى التعاون بينكم ووزارة الداخلية؟ نحن نتجه الى تطوير دخول السياح بمزيد من التعاون مع وزارة الداخلية بالتنسيق مع وزارة الخارجية وأن أكثر المشكلات ناتجة من الجهات ذات الصلة، كإجراءات الدخول ومنح التأشيرات المتبعة لدخول السياح وليست لوزارة السياحة صلة بتلك التعقيدات. ما هي آليات الوزارة في التسويق للسياحة؟ هناك ضعف في أداء القطاع الخاص وأعتقد أنه أكبر مهدد والوزارة تسعى لفتح آفاق أوسع مع القطاع الخاص خاصة شعبة السياحة وشعبة وكالات السفر من أجل مصلحة البلاد، وتطوير السياحة وسنقوم بالتنسيق الكامل لرعاية مصالح القطاع الخاص. لدينا تفاهمات من أجل إنعاش دور المرشد السياحي بالتعاون مع القطاع الخاص وبعض الترتيبات مع وزارة المالية من أجل تنظيم كورسات تدريبية وتأهيل المرشدين من الناحية الفكرية. يلاحظ انعدام المناهج الأكاديمية في بعض الكليات هل لكم خطة لتطويرها؟ هنالك كليات قديمة وأخرى جديدة للسياحة، وبدأنا في ترتيبات مع جامعة السودان العالمية لبناء قدرات جديدة وإمكانيات واسعة، كما أن هنالك اتفاقية تعاون مع جامعة الزعيم الأزهري. المناهج ضعيفة وأنها تحتاج لمواكبة مواصفات السياحة العالمية ونحن بحاجة لرفع ساعات التدريب لتحديث خريج السياحة بكفاءة عالية، وهنالك تنسيق في توفير وظائف وتمت مخاطبة الولايات المختلفة لتخصيص جزء من «30» ألف وظيفة الموجودة في العام الجديد لتوفير مجموعة متخصصة للعمل في مجالات الآثار والسياحة بصورة عامة. الآليات التي تتبعها الوزارة لحماية تلك الآثار؟ سيتم التنسيق مع شرطة المعادن وهنالك تنسيق أمني من أجل تكامل الأدوار والآن التنسيق بيننا ووزارة البيئة لحفظ التداخلات في مجال السياحة البيئية واتجاهنا في التعاون مع المعادن والبترول لوضع ضوابط تتيح الحفاظ على الإرث التاريخي باتفاقيات مع الشركات والشرطة الأمنية، ونحن بحاجة الى مزيد من التنسيق. وبعد ظهور التعدين الأهلي نحتاج الى رفع كفاءة شرطة السياحة من ناحية، ورفع كفاءة الآليات والمحركات وذلك بالتعاون مع وزارة الداخلية، كما أن المشكلات الكبيرة عدم وعي المعدنين بالتراث الإرثي.