حذر عددٌ من الخبراء في مجال الهجرة من الأطباء وأساتذة الجامعات من هجرة العقول أو الكوادر البشرية المؤهلة للخارج واصفين ما حدث خلال العام الماضي من هجرة بأنه كان نزيفًا بشريًا مؤكدين أن هجرة هؤلاء لها أثر سلبي على مؤسساتهم وأوصوا في ورشة العمل التي عقدها جهاز تنظيم شؤون السودانيين بالخارج بالتعاون مع الأمانة العامة لهيئة المستشارين ومركز دراسات المجتمع ومركز دعم القرار ومركز السودان لدراسات الهجرة والتنمية والسكان أمس بعنوان (هجرة الكفاءات العلمية والخبرات الوطنية) بضرورة تبني سياسات شاملة ومتوازنة لإدارة هجرة الكوادر الوطنية بجانب مراجعة القوانين واللوائح المنظمة للهجرة وضبطها بما يخدم الأهداف العامة للدولة وضرورة إنشاء ملحقية عمالية بسفارات بلادنا الجاذبة للعمالة لتساعد في تنظيمها وتوجيهها واحكام التنسيق مع الأجهزة ذات الصلة بقضايا الهجرة المتمثلة في وزارة الخارجية ووزارة الداخلية وجهاز المغتربين.. الخ).. ٭ قلة الحقائق والإحصائيات: وأكد دكتور كرار التهامي الأمين العام لجهاز تنظيم شؤون السودانيين العاملين بالخارج أن (66) ألف كادر بشري مؤهل حصلوا على عقد عمل العام الماضي لافتًا إلى أنهم يفتقدون إلى حقائق وإحصائيات عن الهجرة، وأوضح أن هجرة العقول هجرة إيجابية ويجب أن نعمل على تحفيزهم وجذبهم، وطالب المؤسسات الصحية والتعليمية من عدم التخوف من الهجرة بل عليهم أن يعملوا من أجل تعويض الفاقد بالتدريب والتأهيل.. وقال دكتور كرار إن هذه الورشة تأتي في إطار سعي جهاز المغتربين للإعداد للمؤتمر العام للهجرات والكفاءات والخبرات بهدف إعداد إستراتيجية قومية لهجرة الكفاءات والخبرات وذلك بمشاركة الكفاءات العلمية والخبرات والمتخصصين وأصحاب العلاقات من الشخصيات. ٭ أعداد المهاجرين: بينما كشف علي أحمد دقاش مدير الإدارة العامة للموارد البشرية وممثل وزارة تنمية الموارد البشرية والعمل أن عدد المهاجرين لأغراض العمل لعام (2012) بلغ حوالى (94230) مهاجرًا، وأوضح أن المهاجرين إلى المملكة العربية السعودية حوالى (86553) مهاجرًا وقال إن أعداد المهاجرين مقارنة بعام (2008) يمثلوا ثمانية أضعاف عام (2012) وأشار إلى أن هجرة الكوادر الفنية والحرفية تمثل العليا بين القطاعات الأخرى خلال الأعوام الخمسة الماضية حيث وصل أعداد الحرفيين (62818) وعمال الزراعة والرعي (60838) وأضاف أن أعداد المهاجرين خلال الأعوام الخمسة الماضية بلغ حوالى (189856) مهاجرًا، أما بالنسبة لهجرة الأطباء فأرجع أسباب هجرتهم إلى ضيق فرص العمل للخريجين بالإضافة إلى ضعف الأجور الشيء الذي دفع عدد كبير منهم إلى التوجه إلى الخارج خاصة الى المملكة العربية السعودية وليبيا واضح أن أكبر هجرة للأطباء تمت إلى المملكة العربية السعودية وبلغت (4430) طبيبًا تليها ليبيا (426) حيث هاجر خلال العام الماضي حوالى (1620) طبيبًا وبلغ عدد الأطباء المهاجرين خلال الأعوام الخمسة الماضية (5028) طبيبًا و(1002) أستاذ جامعي، وأكد أنه خلال العام الماضي فقدت عدد كبير من الجامعات السودانية خيرة كوادرها المدربة وأجمل الآثار السالبة المترتبة على الهجرة في فقدان السودان للكوادر المؤهلة والمدربة بجانب تدهور الإنتاج العلمي وتدني الخدمات الصحية.. ٭ قلة الوظائف الطبية: من جانبه أكد الدكتور الشيخ الصديق بدر المرصد القومي للموارد البشرية أن هنالك ندرة في معلومات الهجرة كما أنه ليس لدينا معلومات دقيقة للجهات التي تتوجه إليها كما أن هجرة الأطباء في زيادة مستمرة إليها وقال إن كل من يأتي لاستخراج شهادة خبرة من وزارة الصحة دليل على شروعه في الإجراءات الهجرية وكشف عن أن هنالك (30000) طبيب تم لهم استخراج شهادات خبرة خلال السنوات الماضية وأكد أن (20000) منهم هاجروا وأشار إلى أن إحصائيات وكالات الاستخدام من عام (2006 إلى 2012) إلى المملكة العربية السعودية (6) آلاف، وأوضح أن وكالات الاستخدام الخارجي تعمل على تجنيد العنصر البشري كما أنها تمارس عملها دون رقابة مأمونة وأرجع أسباب هجرة الكوادر الطبية إلى قلة الوظائف كما أن الوظائف الموجودة لا تعبر عن طلبهم وحذّر من خطورة هجرة الكواد الطبية مشيرًا إلى تقرير الأممالمتحدة الذي صنف السودان من ضمن (57) دول تعاني من تدني مستوى الصحة.. بينما وافقهم في الرأي البروفيسور حسن محمد صالح مؤكدًا أن هجرة الأستاذ الجامعي أصبحت أزمة يعاني منها التعليم العالي وأرجع أسباب هجرتهم إلى تدني الرواتب والمستوى المعيشي لأساتذة الجامعات وفي بعض الأحيان تكون الهجرة بدوافع علمية وبحثية لا تتوفر في السودان وتتاح للباحثين في دول أخرى، رغم محاولتهم لتحسين البيئة الجامعية لكنه دون الطموح، وأجمع الحضور على أن هجرة العقول تعتبر نزيفًا للكوادر البشرية المؤهلة مطالبين بضرورة ترشيد هجرتهم وتحسين أوضاعهم.