شهدت السنوات الاخيرة هجرة العديد من الكوادر المؤهلة من مختلف التخصصات، الاعلامي محمد الطيب احد الكواد الإعلامية التى هاجرت بعد ان خاض عدة تجارب في عدد من القنوات الفضائية السودانية وبعد ذلك عمل كمراسل لقناة البى بى سي وقناة الحرة وأخيرًا الى اسكاي نيوز عربية.. نافذة المهاجر التقته وكان لها هذا الحوار فماذا قال؟ بداية حدِّثنا عن رحلة كفاحك إلى ان ذهبت إلى الغربة.. هى قصة طويلة ومتخمة بالتفاصيل المريرة والعقبات لكنني استطيع القول انها كانت سبباً فى تأسيس مستقبلي المهني وكانت انطلاقتي من ورش الميكانيكا فقد درست وتخرجت من كلية هندسة ميكانيكية جامعة السودان الى دنيا الصحافة فى «ألوان» و«الإنتباهة» و«الوفاق» ومن ثم تلفزيون السودان برنامج ساعة شباب والأخبار ومنها الى البى بى سى مراسلاً من ثم الى قناة الحرة وبعدها قناة الجزيرة والآن بابوظبى حيث قناة اسكاى نيوز عربية. اذًا ما هي طبيعة المشكلات التى تواجهك؟ ليس ثمة مشكلات بعينها في سبيل تحقيق الاهداف، غير أن المشكلة الحقيقية تكمن في مدى سلامة القرار الذي نتخذه أو الخطوة التي نخطو اليها.. لكن ما اؤمن به أن المشكلات والعقبات هي بنات أعمام النجاح والتقدم.. لا نجاح من غير فشل. وهل وجد ما سعيت من اجله؟ كلما يصل المرء الى آمال تتفتح له آمال أخرى.. وكلما يفتح بابًا يجد وراءه الف باب يجب عليه ولوجها.. ما تزال الرحلة في أولها والغد مليء بالجديد والمثير والجدير بالاكتشاف. برأيك هل استطاع الاعلام السوداني الولوج الى الخارج؟ ربما اكون حديث عهد بالاغتراب ولكن بالفترة القصيرة التى كنت موجودًا فيها بالخارج استطيع الجزم بان الصحفى السودانى اثبت وجوده بالاجهزة الاعلامية والصحفية بالعالم، وعلى سبيل المثال لا الحصر نائب رئيس تحرير صحيفة الشرق الاوسط ذات الصيت الواسع عثمان مرغني وكوكبة من الصحفيين السودانيين فى قناة الجزيرة العربية الذين اصبحوا بصمة مميزة للقناة، وكذا الحال فى البى بى سى امثال علاء الدين صبحى وعمر عبد العزيز ورشا كشان ومحمد خالد وعمر الطيب وغيرهم، وهذا الحال فى كل المؤسسات فى دول الخليج التى على رأسها صحفيون سودانيون وهل عكس ذلك؟ الآن بدأ يتنامى ادراك لدى الغير بنضوج الصحافة السودانية وقدرتها على الريادة وخلق التميز للمؤسسات التى يعمل فيها صحفيون سودانيون. بم تنصح من يفكر بالاغتراب وخصوصًا من الكوادر الاعلامية؟ لا أنصحها بشيء سوى بإجادة فن تسويق نفسها بصورة جيدة وعدم احتقار قدراتها.. ولابأس بالتجربة أمازلنا محلك سر فى الترويج لأنفسنا اعلاميًا؟ مع العلم اننا اكثر البلدان فصاحة؟ الاعلام السوداني والصحفي السوداني لا يفتقر إلى الكثير... فالصحافة السودانية بالرغم من بعض الإشكالات التي تواجهها وتمر بها اذا ما قورنت ببعض التجارب الأخرى لديها درجة نضوج كبيرة غير أن الذي ينقص الصحفي السوداني لا يتمتع بمهارات التسويق لتجربته وخبراته.. حتى أن صحافتنا أو اعلامنا بصورة أشمل لا يروج ويحتفي بالصحفيين السودانيين الذي يسجلون تميزًا على الصعيد الدولي. قلت التسويق؟ اذًا كيف يتم ذلك؟ سيظل الصحفي او الاعلامي السوداني مغمورًا إن كانت لديك بضاعة منتجًا عليك اولاً ان تبحث سبل تسويقها قبل كل شيء. مشاركة الاعلاميين السودانيين في المحافل الاعلامية والدولية مقارنة بغيرهم ضعيفة... ليس هناك هندسة جيدة للعلاقات يقوم بها الاعلامي السوداني مع المؤسسات الصحفية الكبرى أو المشهورة وهذا الامر متاح أكثر من اي يوم مضى بفضل تكنولوجيا التواصل الاجتماعي ومستوى المبادرات خارج اطار الوطن ضعيفة ولا تكاد تذكر بالتأكيد اذا ما قورنت بغيرها من الدول العربية.. تغيير المكان هل يغير فى رؤية الصحفى للاشياء او تناوله للموضوعات؟ بطبيعة الحال المكان لا يغير شيئًا.. لكن التراكم المعرفي والانساني الناتج عن التحرك والاختلاط بالآخر والتأمل هو الذي يعيد صياغة الالة المفاهيمية والمنطقية في عقل المرء وبالتالي تتغيير تبعًا لذلك رؤاه ونظرته للاشياء من حوله واسلوب تناوله لها. هل الظروف باتت اقوى للهجرة مما كانت عليه؟ أقولها وبكل حسرة نعم.. الوضع الاقتصادي في السودان لم يتعافَ بعد.. هذا علاوة على انه في بعض المهن والتخصصات اكتساب الخبرات فيها داخل الوطن محدود جدًا ولا سبيل لجنيها الا بالاغتراب. ماهي الخدمات التى يقدمها لكم جهاز المغتربين او السفارة؟ في الواقع أنا جديد عهد بالاغتراب.. فلم أكمل حتى الآن عامًا.. لكنني قمت- بعدد من الاجرءات في السفارة بابوظبي كانت في تقديري مُرضية جداً لم تكن هناك صعوبات تستحق الذكر أو التشهير. ما هو تأثير التحولات الاقتصادية الداخلية على المغتربين عمومًا؟ أي تحول اقتصادي في البلاد نحن بكل تأكيد سنتاثر به وذلك ان مصالحنا مرتبطة بالبلد.. الاغتراب ليس من أجل الاغتراب فحسب ولكن من أجل تحسين الوضع المعيشي والمهني واكتساب الخبرات.. لكن درجة التأثر هذه تختلف من مغترب الى آخر حسب اختلاف المهنة ومدى الارتباط بالسودان ما الشيء الذى اضافته لك الغربة والذى خصمته منك؟ بالتاكيد لكل شيء مميزاته وسلبياته غير ان الغربة فى نظرى هى أم التجارب وأكثرها صقلاً لمعادن النفوس واعمقها اختبارًا لقدرات الذات وكشف مميزاتها فهي تجربة جديرة نعيشها فى الغربة على المستوى المهني بالتأكيد انها محطة لتلاقح التجارب والخبرات وتوسيع الأفق الادراكي للشخص ومع ذلك فإن ما تقدمه من مجهود لا تقطف ثماره مؤسساتنا الاعلامية السودانية بصورة مباشرة. تجربة تغطية الحرب في سوريا؟ هي تجرة فريدة وخطيرة في ذات الوقت لأن حسابات العمل فيها معقدة جدًا واي خطأ فيها قد يكلفك حياتك وربما حياة آخرين غيرك فهي في غاية الحساسية وتحتاج الى رفع مستوى الفطنة والحس وحسن الاستنتاج والتعليل وتغطية الحروب تعد أحد أرفع التغطيات في مهنة الصحافة ولا يتم اختيار اي صحفي لها بهذه البساطة.