صلاح الدين عبد الحفيظ مالك عرف السودان الموسيقا منذ فترة الاستعمار البريطاني المصري. فكانت هذه الموسيقا قاصرة فقط على الاحتفالات الرسمية للدولة. حتى أتت فترة الأربعينيات التي شهدت معرفة الموسيقا لقطاع كبير من هواتها. فظهرت الفرق الموسيقية المصاحبة للفنانين أثناء أدائهم لأغنياتهم. انفتحت أمام هذا التطوّر في عالم الموسيقا في السودان تجارب ثرَّة منها بداية ظهور المقطوعات الموسيقية وزيادة في عدد أفراد الأوركسترا الإذاعية. لتأتي فترة نهاية الخمسينيات وبداية الستينيات لتشهد الساحة الموسيقية بروز فرق الجاز كموسيقا جديدة على أسماع المهتمين بالموسيقى. عثمان ألمو والانطلاقة في منتصف العام (1959م) ظهر في سماء الإبداع الموسيقي نجم الغناء الشاب/ عثمان ألمو في الخرطوم فكان بإصراره واحداً من الذين ظهروا بمرافقة فرقة موسيقية وهي فرقة البوليس التي كان على قيادتها المبدع عبد القادر عبد الرحمن الذي حباه الله موهبة فذة في تمييز الأصوات وتوزيع الموسيقا زائداً مقدراته العالية في اختيار الجمل اللحنية. أثمر تعاون الشاب الموهوب عثمان ألمو مع المبدع عبد القادر عبد الرحمن أغنيتين شهيرتين وهما (جنة الأنغام) و(معبد الأحزان) مما جعل الفنان عثمان ألمو يظهر وقتها كأحد المجددين في عالم الغناء الموسيقي الجديد الذي عُرف بفن الجاز. وكعادة التجارب الناجحة غنائياً وموسيقياً في السودان كظروف عارضة تجعلها لا تستمر فقد كان لرحيل الأستاذ عثمان ألمو سبب في حجب إبداعه الثر فرن الأسى والحزن في نفوس معجبي فنه. شرحبيل بالمسرح القومي في نوفمبر (0691م) في العام (1960م) ظهر الفنان شرحبيل أحمد بأغنية (حلوة العينين) للشاعر المرهف وإذاعي المنوعات الراحل ذو النون بُشرى. فكانت من ضمن باقة أُغنيات خالدة تغنى بها الفنان شرحبيل أحمد الذي كون ثاني فرقة موسيقية تعنى بموسيقا الجاز بأسلوب غناء حديث شد جميع السودانيين فكان نجاحه سبباً في استمراره حتى الآن وفرقته في عالم فن الجاز. قدَّم الفنان شرحبيل أحمد عدداً من الأغنيات التي ما زالت مُنتشرة بمصاحبة فرقته الموسيقية. أول عنصر نسائي سوداني بفرقة موسيقية تعتبر الأستاذة زكية أبو القاسم زوجة الموسيقار شرحبيل أحمد هي أول امرأة سودانية تُشارك بالعزف الموسيقي داخل فرقة موسيقية وهي فرقة زوجها شرحبيل أحمد. فرقة جاز العقارب وهي الفرقة الموسيقية الأشهر في فترة السبعينيات لما قامت به من نشر ثقافة موسيقا الجاز. فكانت واحدة من الفرق التي قدَّمت أعمالها بكل من فنادق إكسلسيور وصحارى وصالة الهابي لاند بفندق القرين فبلدج زائداً استمراريتها لمدة كان فيها فن موسيقا الجاز منتشراً. ضمن هذه الفرقة من الموسيقيين فؤاد علامة الفونس دحدوح عامر ساكس حسن عثمان الطيب رابح محمد جبريل طيوبة. تحت قيادة ومؤسس الفرقة المرحوم الطيب رابح أمكن لفرقة جاز العقارب التمدُّد والانتشار في كل أنحاء السودان بواسطة الرحلات الفنية التي كانت تقوم بها. السبعينيات مجموعة من الفرق الموسيقية مع انتشار موضة فرق الجاز في السبعينيات بعد نجاح فرقتي الفنان شرحبيل أحمد وفرقة جاز العقارب ظهرت على خُطى هاتين الفرقتين فرق أُخرى استمرت في نثر موسيقا الجاز في السودان فكانت فرقتا جاز الديوم وفرقة جاز (أضواء بحري) التي أسسها الموسيقار بدر الدين عوض، قدَّمت فرقة جاز الديوم فناً موسيقياً خالداً بفضل قيادة الموسيقار عمر عبده لها. ومن ضمن تلك الأعمال الموسيقية قدمت عدداً من المقطوعات الموسيقية. أما فرقة جاز أضواء بحري فهي الأخرى كانت ذات نصيب من الانتشار وذلك بالحفلات الخاصة (الأعراس والمناسبات الاجتماعية) زائداً مشاركتها في العديد من المشاركات العامة لعدد من المؤسسات ومرافق الدولة. فرقة موسيقا الجاز العسكرية للدور الذي قامت به القوات النظامية في نشر الموسيقا السبب الرئيس في وجودها داخل منظومة فرق الجاز فكانت فرقة جاز المدرعات وفرقة جاز البوليس من أشهر الفنانين في عالم موسيقا الجاز العسكرية الفنان صلاح براون الذي عمل بموسيقا جاز سلاح المدرعات. في جانب موسيقا فرقة البوليس فقد كانت لها فرقة من فرق الجاز المشهورة وهي التي قدمت أعمالها في العديد من المناسبات الاجتماعية الخاصة بأفراد البوليس. فرقة جاز سلاح الموسيقا استمدت هذه الفرقة شهرتها من كم أغاني الحقيبة التي قامت بتوزيعها وأدائها وأشهرها أغنيات (قائد الأسطول) و(جوهر صدر المحافل) و(دمعة الشوق). فرق الجاز في الثمانينيات وأشهرها فرقة ديفيد قروب التي اشتهرت بفضل جهد ومثابرة مؤسسها أحمد داؤود العازف المعروف على آلة الدرمز. قدمت هذه الفرقة العديد من الأعمال الغنائية التي ما زالت حاضرة لدى بعض الفنانين، ومن أشهرها أُغنية (يا غريب عن ديارك). عودة الروح في التسعينيات لفرق الجاز بعد توقف قسري فُرض على هذه الفرق الموسيقية في فترة منتصف الثمانينيات عادت وبقوة موسيقا الجاز في بداية التسعينيات مع مهرجان الخرطوم الدولي للموسيقا فكانت فرصة لظهور فرق مشهورة مثل مجموعة الرحل بقيادة الموسيقار أحمد تاور. فرق جاز خارج المركز لا نغفل فرق جاز أخرى خارج العاصمة وأشهرها فرقة جاز بوليس السكة الحديد بعطبرة التي بزغ منها نجوم موسيقا مثل عز الدين عثمان وعازف الساكسفون عبد الله دون. ختاماً الشكر أجزله للصديق أمين رابح الذي أمدنا بهذه المعلومات الثرَّة ودوام التوفيق له في إخراج كتابه الضخم عن فرق الجاز.