لم يكن بالأمر السهل على أساتذة الجامعات العمل بعدد من الجامعات، إلا أن الظروف الاقتصادية والعائد غير المجزي من الجامعة التى يعملون بها، أجبرتهم على فعل ذلك، هذا ما أكده مدير جامعة النيلين البروفيسور أحمد الطيب في حوار سابق مع «الإنتباهة». فقد قال إن أساتذة الجامعات بما فيها جامعة النيلين، يقومون بالتدريس فى الجامعات الأخرى مضطرين لتوفير سبل المعيشة لأسرهم نسبة للظروف الاقتصادية، وهذا بالطبع يرهقهم، ولكن في ذلك نفع للتعليم العالي. والنقص الموجود فى الجامعات يستكمل من هذا التبادل وبدون بروتكول موقع فقد أصبح الأساتذة كأنهم مورد مشترك فى أوقاتهم الخاصة والإجازات إضافة لذلك فإن الأكاديميين أكدوا فقد السودان للكثير من الكفاءات والكوادر المؤهلة خاصة في قطاعي التعليم العالي والصحة بسبب الهجرة للخارج، مما أثر ذلك سلباً على تنمية وتقدم الدولة، ولعل ما صرحت به نائب مدير جامعة الزعيم الأزهري البروفيسور سهام محمد أحمد، عن هجرة العقول المبدعة التي ألحقت خسائر متعددة بالدولة والجامعات التي أنفقت مبالغ طائلة على إعدادها، وذلك لدى مخاطبتها منتدى مركز الدراسات السودانية والدولية بالجامعة. وأضافت أن هجرة الكوادر المؤهلة التي تعد عماد التغيير والتنوير والتنمية في المجتمع ألحقت خسائر متعددة بالدولة والجامعات التي أنفقت مبالغ طائلة على إعداد تلك الكفاءات بجانب فقدان الفرص التي يمكن تحقيقها لو أنها استقرت وأسهمت في مسيرة التنمية بالبلاد، فيما أرجع الدكتور خالد علي لورد في ذات المنتدى هجرة الأساتذة والأطباء والكوادر الصحية المؤهلة للخارج لاختلال سوق العمل في مجال التعليم العالي في السودان، وعدم انسجامه مع مطالب الأساتذة المادية، إضافة للعروض المغرية التي تقدمها الدول المتقدمة لكل كادر متميز مبدع، ومضى قائلاً إن سلبيات هجرة أساتذة الجامعات تعد من أخطر المشكلات التي تواجه برامج التنمية في السودان ممثلة في ضياع الجهود والطاقات الإنتاجية والعلمية، هذه العقول التي تصب في شرايين دول المهجر، ولعل ما قيل فى هذا الشأن يجعل الدولة تفيق من المخدر الذي اعتادت على أخذه لتجاهلها لأمورالصحة والتعليم التي من المعروف أنها من أساسيات الدول المتقدمة، وإلى الآن الفرصة سانحة للدولة لتحسين أوضاع الكفاءات وإجراء تحسينات مستمرة في الأجور وذلك تهيئة للمجال ولتوظيف التخصصات المختلفة للحد من هجرة العقول والعمل على وضع خطة إستراتيجية شاملة للعمل على تنشيط وسائل التشغيل في البلاد، إضافة لذلك الاهتمام وتطوير البحث العلمي لأن غياب الحريات الأكاديمية، يعد سبباً رئيسًا لهجرة الأساتذة. فالجامعات ومؤسسات التعليم العالي ومراكز البحوث في العديد من البلدان الطاردة للكفاءات عانت وما زالت تعاني من غياب الحريات الأكاديمية والندرة في عدد المراكز البحثية. فقلة المراكز البحثية في الدول الإفريقية تمثل مؤشراً خطيراً على تنامي هجرة الكوادر، فنجد في فرنسا وحدها «1500» مركز، وعدد الباحثين يبلغ حوالي «31» ألف باحث في فرنسا، لهذا فإن الاهتمام بالمراكز البحثية أمر مهم لتطوير الكفاءات والخبرات العلمية. وإذا نظرنا لمشكلات القطاع الصحي بالسودان منها عدم الاهتمام بالكوادر أي الأطباء، وهذا ما جعلهم يفضلون خيار الهجرة للخارج، وهذا بالطبع جعل القطاع الصحي قطاعاً هشاً وضعيفاً. ومن الملاحظ أن أكثر من نصف الأطباء السودانيين هاجروا للخارج ومن أكثر الدول التي استقبلتهم السعودية وبريطانيا ودول الخليج، وذلك بالتأكيد يرجع للتدهور الحادث بقطاع الصحة والأجر غير المجزى للطبيب، حيث هاجر خلال الفترة من العام «2009-2012م» أكثر من «6» آلاف طبيب إلى السعودية، وفي العام 2012م تم استيعاب حوالي «950» من الأطباء والكوادر الصحية للعمل بليبيا عقب الثورة الليبية إضافة لزيادة معدلات الهجرة وسط الطبيبات والكوادر الصحية. والسؤال الذي لم نستطع الإجابة عليه هل ستظل الدولة ساكنة هكذا إلى أن يخلو السودان من الكوادر؟ أم أنها سوف تسعى لجلبهم من دول المهجر؟