أصبحت مشكلة المواصلات تؤرق الآلاف من العاملين والموظفين بولاية الخرطوم وكل الولايات، لكنها من ولاية الخرطوم لولاية الجزيرة أفدح، خاصة الذين يمتطون حافلات شمال الجزيرة سيما محلية الكاملين المعروفة بمواصلات ألتى .. فقد شكا المواطنون فى هذا الخط لطوب الارض، لكن الولاية انطبق عليها المثل «لاحياة لمن تنادى» فالمواطن لا يعرف اتحاد البصات السفرية ولا غيره من المسميات التى لا تسمن ولا تغنى من تعب.. ومن هنا بصفتى من ركاب هذه المواصلات أحياناً ليست بالقليلة وأحس بهذه المعاناة بل واعايشها، اوجه دعوة لوالى الجزيرة السيد الزبير بشير طه إلى أن يعبر ولو لمرة واحدة كما فعلها مدير المرور السريع وامتطى احدى السفريات كاحد الركاب ليشعر بالمعاناة التى يعانونها، والتسيب فى الطريق السريع سواء من قبل السائق او مركبته، ومعالجة تلك المشكلات، فلو سمحت ظروفك أدعوك إلى أن تأتي لا أقول يوم الخميس، فهذا اليوم مهما كتبت فلن يشفي ما يسطره قلمى الغليل والغبن الذى يحسه من كان قدره العيش فى تلك المنطقة القريبة البعيدة من الخرطوم، فيوم الخميس هذا للراكب من الاستاد الى الجزيرة يوم ولا كل الأيام، فأنت مهما بلغت من الفهلوة والشيطنة والكياسة والفطانة وكل الصفات، فلن تظفر بمقعد، والكل ينظر بحيرة واعجاب وغيرة لمن حالفه الحظ أو تشاطر بالركوب فى ذلك اليوم (week end) لكن ندعوك للمغامرة فى اى يوم عادى حيث، أن كل الأيام فى ذلك الموقع أصبحت خميساً «زحمة وعدم رحمة»، وتسيب من اصحاب الحافلات بالوقوف خارج المجرى الموضوع لهم، فيقفون بعيداً جداً عن الموقع المعروف، إما لزيادة التعريفة أو تجنبا للزحام، فتجدهم يوقفون حافلاتهم بالقرب من مواصلات سوبا أو قبالة نشاط كلية التجارة بجامعة النيلين، أو أي مكان آخر الركاب لا يعلمونه يعلمه السائقون فقط. وتحضرني هنا حادثة يندى لها الجبين كما يقول اهل الادب، فقد وقفت الحافلة كالمعتاد بعيداً عن مجراها المفترض، وجاء الكمسارى والسائق الى الموقف يناديان النساء والطالبات ويذهبان بهن الى موقع الحافلة ليس رأفة بهن كما يتبادر الى الذهن من الوهلة الاولى كما افترضنا نحن، ولكن كان السبب الذى ابطل عجبنا حيث انهم قاموا بزيادة التذكرة الى اربعة جنيهات بدلا من ثلاثة جنيهات، وهذه الفئات لن تحتج بل اصبحن يدعين لهذا الكمسارى والسائق بانتشالهما لنا من بين كل الفئات وظفرنا بمقاعد «تخميس» ولم تستطع احدى السيدات اللحاق بالحافلة، فحجزت لها اختها وهى تحمل معها طفل الاولى الرضيع.. وتحركت الحافلة رغم كل مناشدات الاخت والركاب دون النظر لصراخ الرضيع، الى ان وصلت المجرى الاصلى للحافلة والام مازالت بعيدة كل البعد، فاضطرت حاملة الطفل أن تنزل رغم المعاناة، وتتحرك الحافلة بعد ان ادت التمام فقط فى موقفها المخصص دون سؤال او حساب، فقط أن تدفع للكمسنجى حتى لا تحدث مشكلات ومساءلات. اما البعض من السائقين فقد اخترع وسيلة سهلة تريحه، بأن وقف بعيداً واصبح كمساريه ينادى بأن آخر محطة له المسعودية او الجديد فقط، وباربعة جنيهات، والكل يركب دون أن يكلف نفسه السؤال، والبعض يصل حتى المسعودية او الباقير او الجديد وبعدها يركب لجهته. ترى أين ولاة أمر المواطنين من كل هذه الكركبة، وهذه كما ذكرت والله فى أيام عادية وليس الخميس الذى يصل فيه الأمر الذروة.. اما الراكب الى الخرطوم فقد اصبح معتاداً أن يصل حتى السوق المركزى وبعدها ينتظر بص الوالى «والى الخرطوم»، حتى يأتى ليحمله لمواصلة الرحلة للسوق العربى.. فجل الحافلات أصبحت تخيب أمل الراكب عندما يلف الكمسارى يده بحركة دائرية قاصداً الصينية وليس العربى محطته المفترضة، حتى ان الركاب تعودوا على ذلك، وأصبحت هى القاعدة وما عداها الشاذ. فيا والي الجزيرة.. نكرر الدعوة لك بأن تأتى لتستقل مركبة عامة لتحس بمدى المعاناة التى يعانيها مواطنك المغلوب على أمره فى هذه المنطقة، فوالي الخرطوم وقف بنفسه على مشكلة ولايته بذات الخصوص، بل وصل الأمر لرئاسة الجمهورية، والغريبة أن حل الضائقة فى ولاية الخرطوم نبع من ولاية الجزيرة، حيث وفرت مدينة جياد الصناعية وهى فى قلب منطقة المعاناة «140» بصاً سعة البص «45» راكباً لحل أزمة المواصلات فى الخرطوم.«وتقول لى شنو وتقول لى منو؟» ومحلس تشريعي الولاية يطالب بإنزال بصات عالية الجودة بدلاً من البصات الحالية، والغريبة أن هذه البصات مكيفة ومريحة جداً، او يخيل لنا ذلك باعتبارنا «أهل العوض الما لامين حتى فى البدون تكييف»، فكل أسطول الحافلات مكيف، لكن «لشنو ولمنو يشتغل التكييف؟!».