لا أدري ماذا يُسمى أو ما هو الوصف الدقيق الذي يجب أن يُطلق على المعارض الذي يحرض على قصف مقدرات وطنه دون أن يرف له جفن أو من ضمير وذلك لكونه عاجزًا عن أن يفرق بين معارضته للنظام وبين قدسية الوطن؟!!. بالطبع لا أحد ينسى تصريحات مبارك الفاضل يوم غارت صواريخ التجبر على مصنع الشفاء، ومناسبة هذه المقدمة أنه عندما استضافه الاعلامي حسن معوض في برنامجه «في الصميم» وصف نفسه لمقدم البرنامج بأنه «شخصية وطنية لها مكانتها»!! أهم ما في ذاك الحوار هو محاولة مبارك الفاضل تسويق وترويج نفسه على اعتبار أنه الشخصية الوحيدة «الوطنية التي لها مكانتها» المؤهلة لحكم السودان والتي تتباهى بأن لها صلات ببعض أعضاء الكونجرس وأنها تتلقى دعوات للاستشارة والاستنارة للاسترشاد بآرائه في الشأن السوداني للتخلص من نظام الإنقاذ بقيادة عدوهم الأول عمر البشير!!. حقاً إنه أمر يدعوه للتفاخر خاصة بعد اعترافاته الاعلامية بالتواطؤ على قصف مصنع الشفاء، فهل يا ترى أيضاً كان له يد في القصف الإسرائيلي على مجمع اليرموك؟ كل هذا كوم، أما تصريحه بأن الخلاف مع الإنقاذ هو خلاف حول «الإسلام والشريعة» فهذا كوم آخر وهذه مصيبة المصائب، فالإسلام دين أمة لم يختلف عليه مسلم واحد على وجه البسيطة، أما أن يحاول مبارك الفاضل الذي أتى من حزب قام أصلاً ورفع راية الإسلام والشريعة فهذه نكتة النكات، ولكني لا أستغرب هذا منه، لأن الأحفاد هم أنفسهم من وضع أيديهم وتواطأوا مع الإنجليز ضد بلادهم، بل ومع قتلة أجدادهم ومنهما الشهيدان الإمام المهدي والخليفة عبدالله التعايشي، فلم الدهشة إذن ولم العجب؟!! لا أدري كيف يختلف مبارك الفاضل على الاسلام والشريعة، والشريعة تعني الثوابت التي لا تبديل لها، ويبدو أن ثقافة مبارك الفاضل لا تختلف كثيراً عمن دخلوا الإسلام حديثاً من غير المسلمين والذين تعلموا الأساسيات إلى حين يشتد عضدهم فينهلوا من معين الاسلام الذي لا ينضب، ولكن ما أدهشني أن مبارك الفاضل هو حفيد قائد أول ثورة إسلامية في تاريخ السودان والحالة هذه تدل على أنه لم ينهل من معين وتراث وثقافة الثورة المهدية الثر إلا ربما «راتب الامام المهدي» فقط!! إن ثوابت الشريعة ثابتة لأنها نصوص قطعية، فإذا كان مبارك الفاضل قد صرح لحسن معوض بأن الاختلاف مع الإنقاذ هو اختلاف في الاجتهاد وتفسير ما لم ينزل بشأنه نص قاطع لكنت قد تفهمت أن الرجل فقيه مجتهد اختلف مع فقهاء مجتهدين من شاكته، ولكن يبدو أن الرجل ليس لديه من الوقت حتى للرجوع إلى كتاب الله وسورة المائدة ليتأمل ويتدبر ويعقل تلك الآيات المحكمات التي لا لبس فيها ونزلت في ثبوت شأن الحكم بما أنزل الله كما كان يفعل أجداده.. ومن باب «تحلية البضاعة»، لم يتوانَ مبارك الفاضل في الهمز واللمز باتجاه ابن عمه الامام الصادق، فقد كشف لنا الرجل سراً حربياً لم يكتشفه أحد قبله وهو أن القيادات الحزبية بلغت سن «الزهايمر» وهو بالطبع يقصد الإمام بأنه في العقد الثامن من عمره، وإن كان يقصد مولانا أو فاروق أبو عيسى أو نقد رحمه الله فهؤلاء جاء ذكرهم بالمعية، على كل حالٍ هو ليس بأحسن حال منهم فهو أيضاً في العقد السابع ورئيس وزراء أعرق ديمقراطية ديفيد كاميرون هو في عقده الخامس فمتى تترجل أسرة المهدي من قيادة الحزب ليتحول إلى حزب مؤسسي بدلاً من حزب عائلي؟!! النكتة غير المبلوعة التي رمى بها مبارك الفاضل أنه وقع على وثيقة الفجر الجديد مع حملة السلاح بصفته الشخصية «كشخصية وطنية لها مكانتها» وكان جلّ همه وهدفه «التحول الديمقراطي»!!، والله حيرنا مبارك منذ أيام تجمع المعارضة، فحينها كان يطالب «بتفكيك النظام» والآن تحولت النغمة إلى «التحول الديمقراطي»، ألم يكن في الحكم من 1985 1989 باسم الديمقراطية؟!