صنعت بمداد الدماء والعرق..ثورة أبريل من سرقها؟ استطلاع: عبد الله عبد الرحيم هنادي عبد اللطيف يمر علينا اليوم السادس من أبريل والبلاد ما زالت تستذكر ذلك اليوم الذي هبَّت فيه جموع الشعب السوداني في صورة نادرة من التلاحم مع قواته العسكرية وكونت ثورة عُرفت فيما بعد بتلاحم الشعب والجيش في وسطنا الاجتماعي واشتُهرت بثورة «6» أبريل التي وضعت حداً لحكم الفرد وقالت «لا... لا...» للدكتاتورية وذلك بعد أن حكم الرئيس الأسبق المشير جعفر محمد نميري البلاد لفترة امتدت ل«16» سنة. لكن دائمًا عند كل ثورة شعبية حتى في العالم العربي يبرز السؤال الملح من الذي صنعها وعندما تضل أهدافها يتساءل الكثيرون في حسرة من الذي سرق الثورة؟ وهو سؤال رأينا من الضروري أن نطرحه في هذا الاستطلاع عن ذكرى ثورة انتفاضة أبريل الشعبية فكانت هذه الحصيلة عبر أراء سياسيين يمثلون تيارات مختلفة . تاج السر محمد صالح الاتحادي الديمقراطي ثورة «6» أبريل اندلعت نتيجة لتراكمات استمرت «16» عامًا وتجمعت الأسباب بمشيئة إرادة الله أن يكون التحرك من جميع الفعاليات من ضمنها القوات المسلحة التي كانت تمثل كل السودان في إنجاز تجلت به عبقرية الشعب السوداني وأي حديث عن القول إنها سُرقت فهو حديث ظالم فالتغيير المفاجئ في الفترة الانتقالية مثل بها رجال أصبحوا مضرب مثل في التاريخ للوفاء بالعهد وسلموا السلطة في التاريخ المضروب لحكومة منتخبة للشعب السوداني لم يثوروا حول انتخاباتها ونزاهتها بأي شكل وشابهت النهاية البداية. ويضيف تاج السر أن الثورة جاءت نتيجة لتراكمات تكاملت فأحدثت الثورة متكاملة تمثل كل مكوِّنات المجتمع السوداني وحتى الأحزاب فهي جزء من مكونات الشعب السوداني وحققت أهم أهدافها وهي إزالة النظام، ونقلت السلطة من فترة انتقالية إلى نظام ديمقراطي. صديق البنا: المؤسسة العسكرية يرى أن القيادة العسكرية التي وثق فيها نميرى هي سبب هذه الثورة لأن القوات المسلحة لم تكن مؤيدة لهذه الثورة إطلاقًا لأن من اتوا فى القيادة التى اتت بهم الثورة لم تكن لديهم كفاءة ليوصلوا البلاد الى الامام . فالثورة لم يتآمر عليها احد.. الثورة لم تكن شعبية لأن الشعب لم يكن مؤيدها كثورة اكتوبر التى تعتبر ثورة شعبية متكاملة قوية وبتأييد من القوات المسلحة. ويضيف صديق ان ثورة اكتوبر اتت وتمت سرقتها من قبل جهات وذلك لعدم وجودة قيادة لها، فأول ما تم استلام هذه الثورة لم يقوموا بأي تغييرات وتم تسليمها لأحزاب ضعيفة، فهذه الثورة لم تكن لديها اهداف واضحة بعد ان اتت بالأحزاب وابتدأت الصراعات. إبراهيم الأمين حزب الأمة: من جهته يقول القيادي بحزب الأمة ابراهيم الأمين عن ثورة «6» أبريل إنها تعتبر نقطة مضيئة في تاريخ الشعب السوداني وهي بادرة سابقة لما يُعرف الآن بثورات الربيع العربي، كما أنها دليل على نضج الشعب السوداني. وأكد الامين أن الشعب السوداني شعب مبادر وفي اللحظات الحرجة تجتمع كلمته على ما يخدم الوطن ومصالح مواطنيه، بيد أن ابراهيم الامين قال إن الطريقة التي تعاملت بها النخب السودانية السياسية مع الثورة أدت في النهاية إلى إجهاض الديمقراطية وعودة العسكر. وأضاف أننا في هذا اليوم والشعب يمر بمحنة وأزمة خطيرة معقدة تحتاج الى ان نستفيد من تجربة الانتفاضة ونعمل على وقفة مع الذات يتم فيها رؤية مستقبلية نتجاوز بها كل أخطاء الماضي والحاضر وهذا لا يمكن أن يتم إلا بالعمل على نظام جديد فيه يكون الحاكم مساءلاً وتحدد فيها فترة مسوؤليته بألا تتجاوز مدتين على الأكثر كما هو الحال في معظم الدول التي تطبق النظام الديمقراطي، و للوصول لهذا الهدف علينا أن نسعى لوقف القتال في جبال النوبة والنيل الأزرق ودارفور كما انه لا بد من تطبيع العلاقات مع دولة الجنوب، وأن نطبق نظاماً فيدرالياً حقيقياً في ظل نظام ديمقراطي حقيقي أيضاً. وأكد الأمين السياسي لحزب الأمة أن ثورة أبريل سودانية شارك فيها كل الشعب السوداني بكل فصائله ولا يمكن أن يدَّعي أي طرف أنه انفرد بقيادتها واصفاً ذلك بقوله «ظلم وادعاء». وحول أن الثورة قد سُرقت قال لم تُسرق ولكن ما تم بعد نجاحها لم يكن بالطريقة التي كان يتوقعها الناس فبعض الممارسات التي تمت وقام بها البعض بالهجوم على النظام الديمقراطي أدت بنا للعودة الى النظام الشمولي مرة أخرى، وهو أن بعض القوى كانت تريد أن تستأثر بالحكم على حساب القوى الأخرى، وما حصل نتاج طبيعي لهذا الظلم الذي ظللنا ندفع ثمنه حتى الآن. يوسف حسين قيادي في الحزب الشيوعي يرى ان الشعب بعد ان اكتوى بنظام نميرى على مدى «16» عامًا وسياسات افقرت الشعب وكبَّلته وبطشت به وفرَّطت فى السيادة الوطنية لدرجة ان السودان اصبح مركزًا اقليميًا للمخابرات الامريكية ولقوات الانتشار السريع الامريكية، فالثورة قام بها كل الشعب، لكن العمل التحضيرى لها والعمل التراكمى الذى شاركت فيه كل القوى السياسية والفئوية كنقابات العمال والأحزاب والحرفيين والمهنيين واتحادات الطلاب والمرأة، كل هذه ساهمت فى التراكم النضالي الذي اسقط مايو ولاندلاع الانتفاضة في «6» ابريل «85». نظام نميرى كان حتمًا ولزامًا ان يسقط فلم تكن هذه الثورة ضربة حظ مواتية او صدفة، فحتى الحديث عمَّا اذا تمكن نميرى فى تلك الايام من الرجوع من القاهرة الى الخرطوم لكان استطاع ان يرجع الانتفاضة فهو حديث ليس له اي قاعدة صحيحة وانه مجرد اجتهادات. انتفاضة مارس ابريل ازالت حكم الفرد ودشنت النظام الديمقراطي. اهداف الثورة الاساسية كانت ازالتها لحكم الفرد والتحول الديمقراطى فلم تكن لها اهداف اكثر من هذه. كل الناس مقتنعون انها ثورة شعب شارك فيها كل القوى السايسية عبر تراكم ونضال استمر لمدة «16» عامًا، فالأحزاب دائمًا تتبنى اى مظاهر تؤدى الى ثورة فنضال القوى السياسية احدث تراكماً نضالياً جعل الشعب يثور فى لحظة الصفر. دكتور خالد حسين باحث ومحلل سياسي: ويقول الدكتور خالد حسين القيادي بالحركة الإسلامية والمحلل السياسي إن التاريخين «6» أبريل من العام «1985م» و«21» أكتوبر من العام «1964م» عبارة عن تاريخين مميزين خاصين بالشعب السوداني تم من خلالهما الاطاحة بحكمين عسكريين شموليين امتدا لفترة طويلة من الزمان، أحدهما عسكري بحت والآخر ذو ايدولوجيات مختلفة. وأقول إن التاريخين مميزان للشعب السوداني ويسجل بذلك الشعب كسابقة في إطار الأمم المختلفة، والكثير من الجماهير العربية استلهمت ثورات الربيع العربي من هتين الثورتين. وقال إن بعض المفسرين يقولون ان الثورات صناعة قوى غير ظاهرة في الصورة دائمًا، وبعض القوى السياسية تحاول أن تكبر «كومها» وتبعد الآخرين من السلطة وهذا ما يؤدي الى عدم القبول. وأكد خالد حسين أن اشكالات الثورة دائمًا ما تكمن بعد الثورة، وهذه واحدة من اشكالات الدولة السودانية وكل القوى السياسية منذ استقلال السودان مروراً بأكتوبر وأبريل وحتى انقلاب «1989م» ترسم صورة واحدة لمفهوم الشعب السوداني للحكم أو ممارسة الأحزاب للسلطة، فكان كل طرف يرى أنه فقط يجب أن يحكم وغيره يجب ان يكون بعيداً عن السلطة في عملية واضحة وهي أقصاء الطرف الآخر وابعاده، لذلك قام هذا الشعب بكل تلك الثورة نتيجة لردة فعل حرمانها من السلطة، وما لم يتغير هذا المفهوم وتكون الانتخابات هي الأداة للحكم لن نخرج من الدائرة الخبيثة انقلاب عسكري ثم ثورة ثم انقلاب. واعترف خالد حسين بسرقة الثورة بقوله «كلنا سرق الثورة» من غير استثناء الأحزاب والكيانات السياسية سرقت الثورة وتريد أن تنسبها لنفسها سواء كان في العهد الديمقراطي الأول الذي تم فيه حل الحزب الشيوعي أو في حكومة بعد «6» أبريل التي تم فيها إقصاء الجبهة الإسلامية مضيفاً بقوله: «وهكذا كلنا سرق الثورة وما لم نمارس الديمقراطية كما يكون فإننا سنظل نسرق الثورات دائماً». ولكن خالد حسين رجع مستدركاً بقوله: إن خطاب الرئيس الأخير وصل لقناعة أن المعارضة لا تستطيع أن تصل للحكم ولا تهزم عسكرياً ولا سياسياً، وفي تقديري يجب أن تلتزم كل القوى السياسية بألا تستطيع قوة أن تهزم قوة اخرى وثبت ذلك منذ العام 1986م وظل يدفع الشعب السوداني وحده الثمن. وقال إن دعوة الرئيس صادقة واتبعها بالعفو عن السياسيين وأرجو أن تشمل كل السياسيين وهذه دعوة صادقة جداً وافتكر ان الدعوة التي قام بها الصادق المهدي اخيراً تصب في هذا الاتجاه ويجب أن نلتفت للسودان ونقول للمعارضة كفاية.