مدخل (أيها السائق رفقاً بالخيول المتعبة فقد أدمى حديد السرج لحم الرقبة فإن الدرب في ناظرة الخيل اشتبه هكذا كان يغني الموت حول العربة وهي تهوي تحت أمطار الدجى مضطربة) الفيتوري (تحت المطر) صحن الصيني (أداء الوزيرة أنظف من صحن الصيني)... هكذا تغزل وامتدح رئيس لجنة العمل والحسبة والمظالم العامة بالبرلمان دكتور الفاتح عز الدين الممسك بملفات الفساد في السودان في وزيرة العمل وتنمية الموارد البشرية إشراقة سيد محمود عقب هجمة سابقة شرسة وصراع عنيف كثر فيه (اللعب غير النظيف) بين نقابة عمال الوزارة والوزيرة، واستخدم فيه الطرفان مدفعية ثقيلة في الهجوم على بعضهما البعض خرجت أحيانًا عن المثل الإسلامية التي تحكم البلد، وبرأ الفاتح الوزيرة عقب اجتماعات مكثفة مع أطراف الصراع من أية تهمة أو علاقة لها بالفساد. وربما كان أكثر ما أثار الريبة هو الصمت المريب لأجهزة الدولة العليا عن هذا الصراع عقب خروجه للملأ، فلم يتم التدخل إلا عقب ظهور إعلان (الجنس اللطيف) والذي كان بمثابة القشة التي قصمت البعير في الأمر. أسئلة مريبة: وعقب ظهور الإعلان قامت الوزيرة بعقد مؤتمر صحفي شهير كشفت من خلاله عن فساد يشيب له الولدان من فداحته، وإذا تجاوزنا الأسئلة المريبة من جانبنا عن التوقيت بروز قضية الفساد بالوزارة في هذا التوقيت، فستظل أسئلة أخرى معلقة نعجز نحن كصحفيين عن الإجابة عنها، وربما يعجز المسؤولون أيضًا عن الإجابة عنها أو ربما يفضلوا الاستعصام بالصمت أمامها.. فالوزيرة في مؤتمرها الصحفي الشهير اعترفت بوجود فساد مالي وإداري وصراع داخلي بينها وبين موظفيها خاصة التابعين للنقابة والذين يبدو أنهم يستمدون قوتهم من جهة ما أعجز عن تحديدها ولوحت الوزيرة بملف ضخم خلال المؤتمر الصحفي قالت إنه يحوي كافة التجاوزات، وعلي الرغم من أن تبرير ظهور الإعلان المدسوس من الوزيرة غير ذي جدوى إلا أنها حاولت أن تقحم به على أنه مدسوس لها بغرض توريطها من النقابة لتشويه صورتها، أو ربما لإرسال رسالة للوزيرة أنها غير محصنة فضلاً عن محاولة للضغط عليها من أجل التراجع عن كشف فساد النقابة، التي تقوم على حسب ما نقلت الوزيرة بتحصيل رسوم غير قانونية بلغت جملتها 300 مليون جنيه، ولم تقف التجاوزات على الايصالات غير القانونية فقط، بل تجاوزتها لفساد من قِبل كبار موظفين بالوزارة كوكيل الوزارة ومدير الشؤون المالية، وكشفت الوزيرة معلومات غريبة عن طريقة تعيين مدير الشؤون المالية حيث كشفت عن أن التعيين تم بأوراق مزورة أشبه بقضية طبيب عطبرة. وزراء مدمرون: بدورها لم تسكت النقابة فقدت هاجمت الوزيرة بكل أسلحتها وآلياتها فأصدرت عددًا من البيانات من عدة واجهات (تدين الوزيرة وتتهمها بالفساد وكان من بين تلك البيانات بيان خاص بإعلان الجنس اللطيف، حيث وصفت النقابة الإعلان بالفضيحة وبأنه إعلان لتصدير راقصات وعرج البيان مباشرة على الصراع بينهم وبين الوزراء بالوزارة وأكدوا من خلاله أن الله ابتلى الوزارة بوزراء هدفهم تدمير الوزارة، وعلى الرغم من حالة من الهدوء الحذر الذي أعقب تلك الحرب عقب تدخلات من البرلمان وبعد التزام كافة الأطراف على التهدئة، إلا أن النقابة عاودت الهجوم مرة عبر بيان مفاجئ خرج للصحف الأسبوع الماضي طالبت من خلاله بإقالة الوزيرة ودعت الرئيس لرفع الحصانة عنها، واتهمت من خلاله النقابة الوزيرة بالانحراف عن المهام الموكلة إليها وعن اختصاصاتها، ودللت على ذلك بإصدار منشور مالي ليس من اختصاصها، فضلاً عن إصرارها على إدارة شؤون الوزارة عبر التصعيد الإعلامي، ولم تكتفِ النقابة بتلك الاتهامات المعممة بل اتهمت الوزيرة صراحة بالتصرف في أموال العاملين المخصصة لبند الخدمات الاجتماعية، إضافة إلى تحويلها للملفات السرية لبعض العاملين لوزارة العدل دون إجراء تحقيقات أو مجالس محاسبية. وعلى الرغم من كل ما يثار في الصحف من خلاف وصراع بين الوزيرة والنقابة، إلا أن العاملين بالوزارة يرون أنهم أكبر المتضررين من هذا الصراع، باعتبار أن انتصار أي طرف من الطرفين لن يفيدهم بشيء، فإذا أقيلت الوزيرة ستقوي النقابة وإذا انتصرت الوزيرة لن يسأل أحد عن ما أثير من حديث عن تجاوزات للوزراء الثلاثة بالوزارة (إشراقة، كرمنو، وآمنة). ويبدو أن رئاسة الجمهورية ترى أن هذا الصراع صحي نوعًا ما، ورغم تأكيداتها على حربها على الفساد بترديدها المستمر من الرئيس ونوابه الاثنين أن لا كبير على القانون. حسنًا... بين تلك العبارات القوية التي تبعث بالطمأنينة في داخل أي مواطن على شاكلة «لا كبير على القانون» و«لو سرقت فاطمة بنت محمد لقطع محمد يدها»، سيظل هناك بون شاسع بين الحقيقة والتطبيق، وبين الحرب الفعلية التي تحتاج لأفعال وليس أقوالاً ولإرادة سياسية حقيقية، كما قال رئيس كتلة نواب الوطني بالهيئة التشريعية القومية السابق دكتور غازي صلاح الدين الذي نادي كثيرًا ببرلمان قوي في مقابل الجهاز التنفيذي... بين كل هذا تظل الأسئلة المعلقة عن المخطئ والمصيب والمكافئة على الأخطاء وبين العقاب والمحاسبة وو و و!!.