أعلنت منظمة (الفاو) التابعة للأمم المتحدة الأسبوع الماضي أن الحشرات قد تشكل مصدر غذاء رئيسي لسكان الأرض في المستقبل القريب. وأشار إلى ذلك مدير عام المنظمة (جوزيه جرازيانو) في مؤتمر دور الغابات في الأمن الغذائي منوهاً بأن الحيوانات البرية والحشرات ستشكل غالباً مصدر البروتين إضافة إلى أوراق الأشجار وبذورها والفطر والعسل... وفي الوقت الحاضر فإن الحشرات تشكل بالفعل جزءاً هاماً من الأغذية التقليدية لما لا يقل عن ملياري شخص في جميع أنحاء العالم... وأوردت الدراسات أن البشر في كل أنحاء العالم يستهلكون أكثر من (1900) نوع من الحشرات كغذاء وتمثل الخنافس القطاع الأكثر استهلاكاً حيث يصل استهلاكها إلى (31)% واليسروع (18)% والنحل والدبابير (14)% والجراد الإفريقي حوالى (13»%. وتتمتع العديد من الحشرات بكميات عالية من البروتين والدهون الجيدة والكالسيوم والحديد والزنك... وعلى سبيل المثال فإن اللحم البقري يحتوي على خمسة مليجرامات من الحديد لكل مائة جرام من الوزن الجاف بينما المحتوى الحديدي للجراد بين ثمانية وعشرين مليجرام لكل مائة جرام من الوزن الجاف حسب خصائص ونوعية الغذاء الذي تقتات عليه الحشرة. وتنتج الحشرات حجماً أصغر من الغازات المسببة للاحتباس الحراري بالمقارنة مع الحيوانات والنباتات مثل الميثان وغاز الأمونيا والغازات الأخرى وفضلات السماد الملوثة للبيئة... وعلى الرغم من قلة استعمال الحشرات في الغذاء المخصص للاستهلاك البشري لكن ظهور أعداد متزايدة عالمياً من المتاجر والمطاعم والمؤسسات المهتمة بالحشرات كطعام يشير إلى أن استخدام الحشرات كغذاء فاعل ربما يصبح أمراً مقبولاً وقريباً جداً. ولعلنا هنا نتذكر أن زملاءنا في وقاية النباتات ومن قبلهم وزارة الزراعة التي ترعاهم تهتم جداً بأمر (مكافحة) و(إبادة) الحشرات على اعتبار أنها ضارة بالغطاء النباتي والمزروعات والمخزونات الغذائية. وربما أنه بالدعوة الجديدة والجادة التي أطلقتها منظمة الفاو تعمل مصلحة (الوقاية) على إدخال تعديلات جوهرية في منفستو أدائها ليتضمن جهدها الاستفادة من (بعض) الحشرات كمورد غذائي هام. وقد تنشئ وزارة الزراعة جسماً يهتم بالأمر على أنه أمن غذائي. وقد لا يخفى على الكثيرين أن الجراد الصحراوي وجراد ساري الليل بصفة خاصة يعرف أنه من ضمن الوجبات الغذائية المحببة ليس في بلاد السودان وحدها ولكن في كثير من أقطار الدنيا خاصة في بعض الدول العربية والإسلامية حيث يؤكل مثل (التسالي) بعد أن يُشوى ويباع ملفوفاً في قراطيس... وعلى كل حال نرفع الأمر إلى المعنيين في وزارة الزراعة وإلى (قسم الحشرات بالوقاية) للاستفادة من هذا المورد إذا كان هناك من سبيل إلى ذلك. وقد يهتم زملاؤنا في قطاع الأمن الغذائي بهذا الموضوع بصفة خاصة. وبمناسبة الحشرات لا يفوت علينا أن نتذكر (الحشرة الشعبية) ونحن نعيش هذه الأيام في ظل (فعايل الحشرة) في أم روابة وأب كرشولة والله كريم. وإذا كانت الحشرات عموماً تُعرف بأنها تمتص الدماء وتنشر الأمراض وتنقل العدوى فقد عرف أهلنا كيف قامت الحشرة الشعبية بقتل الأبرياء والنساء والأطفال والشيوخ. وإذا كانت الحشرات تلوث الأمكنة فقد عرف أهلنا هناك كيف قامت الحشرة الشعبية بتلويث البيئة وتدمير وسائل الحياة من كهرباء ومياه وآبار بل إن الحشرة الشعبية في أبوكرشولا قتلت الناس بدم بارد وقامت بأعمال التطهير العرقي لكل من هو مسلم ولكل من هو (ود عرب). واستخدمت الوسائل البشعة في قتل الأطفال واغتصاب (النسوان) وهتك الأعراض وتقطيع الأوصال وعرض اللحمة البشرية على طربيزة الجزارة. ولعلنا هنا نقتبس ما قاله الفنان الحماسي (قيقم) وهو يلهب الإحساس في أوساط منسوبي الدفاع الشعبي عندما ذكر أن ممارسات (جزارة) المواطنين وتقطيع أوصالهم لن يفعلها حتى الغزاة اليهود والصهاينة إذا تيسر لهم أن يغزوا بلادنا ولم يفعلها قبلهم الدفتردار أو كتشنر أو غردون باشا لأن الإنسانية تمنعهم والتعاليم المسيحية واليهودية تمنعهم. أما ناس الحشرة الشعبية الذين ذبحوا المواطنين من الأذن إلي الأذن وقطعوا أوصالهم وعرضوها في الجزارة فهؤلاء من المؤكد أنهم من غير دين ومن غير مروءة ومن غير إنسانية. ولن تفلت الحشرة الشعبية من فعلتها طال الزمان أم قصر وسيتم رد الصاع صاعين... ومع كل ذلك فهناك من المخذلين والأبواق والعملاء والجواسيس (من بين أهلنا) من ينادي بالتفاوض مع الحشرة الشعبية قطاع الشمال وينادي علينا ويصفنا بأننا دعاة حرب.