٭ أيمن عبده شريف من مواليد الولاية الشمالية جزيرة صاي منطقة السكوت، ولد ونشأ بمدينة كوستي مرتع صباه ودرس فيها كل مراحل تعليمه، وتخرج في جامعة الجزيرة كلية التربية قسم اللغة الانجليزية، وحصل على درجة الماجستير من جامعة وادي النيل في في علم اللغة التطبيقي، ويعمل بوزارة التربية والتعليم السعودية بمحافظة وادي الدواسر منذ عام 2002م وحتى الآن.. التقته «نافذة مهاجر» ليلقي لنا الضوء على واقع تجربته في الغربة.. فأفادنا بالتالي. ٭ ما هي أسباب اغترابك عن ارض الوطن؟ خرجت من السودان مضطراً وليس بإرادتي بعد ان تم فصلي من وزارة التربية والتعليم بولاية النيل الابيض عن طريق مدير التعليم الثانوي آنذاك بسبب مطالبتي برواتبي الاساسية، وبفضل الله سبحانه وتعالى أتى الفرج من السماء وتعاقدت مع وزارة المعارف السعودية، ومنها دخلت في معترك الغربة «الحلومر»، وما اصعب وامر الخروج من ارض الوطن الحبيبة الى اوطان تختلف عنا كثيراً في كثير من تضاريس الحياة المختلفة رغم انها بلاد عربية، بالرغم من المعاناة في دهاليز الغربة. ٭ ما هو تقييمك لتجربتك في الغربة؟ تعلمت منها الكثير، وعلى سبيل المثال لا الحصر علمتني الغربة الصبر وقوة التحمل والاعتماد على النفس في كل شيء وليس مثل السودان، وتعلمت حب الوطن بصورة مختلفة متعلقة بالتحدث عنه للزملاء في العمل وتقديم صورة جميلة لهم عن السودان، كما أن هنالك تقصيراً من الإعلام السوداني تجاه الوطن وتعريفه للآخرين، حيث تفأجات بأن عدداً كبيراً من العرب لا يعرفون شيئاً عن السودان وبعض منهم جيراننا، وكانت لنا معهم وحدة وثقافة متداخلة، وهنا يكمن تقصير الدولة والإعلام السوداني في تقديم صورة زاهية وواعية لوطننا السودان، ومن خلال تعاملي مع بعض الإخوة العرب لاحظت ان الإنسان السوداني مثقف جدا مقارنة مع اقرانه العرب الآخرين، وهذه مفخرة ومحمدة للشخصية السودانية التي كانت هي الوحيدة التي تعكس الوجه المشرق للسودان. فكنت في الغربة ومازلت سفيراً لبلدي وأهلي وناطقاً رسمياً شعبياً غير مكلف، ومحامياً جسوراً للدفاع عن وطني، حينما يذكر اسم السودان بذكر غير لائق في النقاشات التي نثيرها اثناء الدوام اليومي عن العالم العربي. ٭ ما هي الأشياء افتقدتها في السودان ووجدتها في الخارج؟ هناك الكثير الذي أفتقده حقيقة وموجود في السودان، فعندما كن مشجعاً مخلصاً لفريق الهلال «الموج الأزرق» محباً غيوراً بلا منازع وكارهاً بلا منازع لنده التقليدي المريخ، ودائماً كنت اتمنى الخسارة للمريخ حتى ولو لعب مع فريق اجنبي، اما الآن في الغربة فقد صار حبي للهلال وللمريخ، واعتز وافتخر امام زملائي في العمل عندما ينتصر المريخ على فريق إفريقي او عربي كفرحي عندما يفوز الموج الازرق. ٭ بحكم انك معلم فما هو تقييمك لتجربة المنهج السوداني؟ بالنسبة للتعليم في السودان والمناهج الدراسية الحالية، فإني اراها ضعيفة جداً مقارنة مع المناهج التي تدرس في السعودية والمناهج القوية المواكبة تعتبر المحرك الحقيقي لعجلة الاقتصاد في كل دول العالم، فالتجربة اليابانية كانت خير مثال، فما نهضت اليابان وأصبحت في مقدمة دول العالم الا بتطويرها الجاد للمناهج التعليمية، والطالب السوداني لا يختلف كثيراً عن نظيره الياباني، ولكنه يحتاج لبيئة تعليمية صحية ومنهج مواكب ومدرس مؤهل، وبعدها انتظروه ليفعل أشياء خارقة. ٭ برأيك ما هي آثار الاغتراب السلبية على الاسرة؟ المشكلات التي تواجه المغترب السوداني كثيرة جداً، فعلى سبيل المثال نجد أن الاسر السودانية هي الضحية الاولى لمصيدة الاغتراب وخاصة الاطفال والزوجات الوفيات اللاتي تقع على عاتقهن المسؤولية التامة عن تربية ومتابعة الأبناء في الاستذكار والتنشئة السليمة، والطالب والطالبة السودانية يعانيان كثيراً في مدارسهما ولا يستطيعان أن ينخرطا بسهولة مع طلاب الدول الاخرى الدولة المستضيفة، وهنا يأتي دور الاسرة لتعويض الاصدقاء فيا لها من معاناة، كما نجد أحياناً أسراً كثيرة جداً تعيش معزولة داخل داخل الشقق المغلقة طوال ايام الاسبوع ما عدا يوم واحد او يومين، والتحية والإجلال لزوجات المغتربين، فهن والله مناضلات ومكافحات ولسن مغتربات «مرطبات» كما يظن الكثير من السودانيين. ٭ فيم تتمثل المعاناة التي تواجه المغترب السوداني تحديداً بالخارج؟ المغترب السوداني أصبح يعاني كثيراً في الفترة الاخيرة من قلة العائد المادي الذي يتقاضاه مقارنة بتكاليف المعيشة التي أصبحت «بعبعاً» يعاني منه معظم المغتربين، فالمغترب السوداني اصبح رأس ماله هو نجاح وتفوق ابنائه في التعليم. ٭ كيف تصف الترابط الاجتماعي في أوساط المغتربين؟ الترابط الاجتماعي وسط المغتربين السودانيين هو النسيج الاجتماعي المتميز المنقطع النظير الذي تحسدهم عليه بقية المقيمين من الدول العربية وغير العربية، فالإنسان السوداني قلما يكون انطوائياً منكفئاً على نفسه، فدائماً تجد النسيج الاجتماعي بينهم مترابطاً ومتماسكاً. ٭ رسالة للمسؤولين في السفارة السودانية؟ السفارة السودانية وما ادراك ما السفارة السودانية، فهي تقدم خدمات بسيطة للمغترب السوداني من عقد النكاح وتوثيق الشهادات وتجديد الجوازات وما ادراك ما تجديد الجوازات، وللأسف كل ما تقدمه لنا بمقابل مادي، اما بالنسبة لحل مشكلات ابناء جاليتها فالمحصلة صفر كبير، فالرجاء من الإخوة القائمين على خدمة مواطنيهم أن يخافوا الله فيهم. ٭ وماذا تقول لجهاز المغتربين؟ جهاز المغتربين مبنى شامخ وجميل، وكل هذا الجمال بفضل الله تعالى أولاً ثم بفضل المغترب السوداني ثانياً، وللأسف المقابل ورد الجميل معاناة وصفوف رسوم وايصالات وعدم تقدير للمسؤولية، فطيلة فترة اغترابي التي بلغت «12» سنة لم استفد فائدة واحدة من ذلك الجهاز الجبوي، فرجاءً اخوتي القائمون على امر هذا الجهاز ان ترحموا المغترب السوداني الذي لم تقدموا له شيئاً، وأن تسعوا جادين ومخلصين للوقوف مع قضايا المغتربين الكثيرة. ٭ حلم العودة للوطن.. هل هو بعيد المنال؟ العودة الى احضان وربوع السودان الجميل أمنية تجيش بخاطر كل مغترب سوداني، ولكن واقع الحال في السودان من وجهة نظري المتواضعة جدا لا أراه واقعاً مطمئناً للعودة، لما تعيشه البلاد الآن من غلاء طاحن ومعاناة كبيرة، فانظروا الى قطار الاغتراب الذي أصبح محملاً بأعداد كبيرة من شباب بلادي الطموحين، فمنذ العام الماضي وحتى اليوم هاجر حوالى اكثر من «30» ألف سوداني، فكيف تكون العودة يا ترى ومتى؟ وكل هذه الاسئلة اطرحها لعقلاء بلادي، ولكم التحايا العطرة.