إعلان التبرعات المالية من خلال النفرات العامة للأسف أصبح في بعض أوجهه واحدًا من صور النفاق السياسي والكذب الرخيص، وبات ساحة من سوح الظهور السياسي الماكر أو هو مجرد تمثيل وتجارة بائرة... كلنا نعلم أن آية المنافق ثلاث وفقًا لحديث المصطفى عليه أفضل الصلاة وأتم التسليم والذي رواه عنه أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم: «آية المنافق ثلاث؛ إذا حدث كذب، وإذا وعد أخلف، وإذا اؤتمن خان» متفق عليه... في يوم الأربعاء الموافق «29» سبتمبر من العام «2012» وأمام أعيننا وسمعنا بقاعة الصداقة، حينما كان المطرب محمد بخيت يشدو: سنار أنا، والتاريخ بدا من هنا، وكان الجو مفعمًا بالحماس، والرياء والشيفونية، في ذلك اليوم تسابق الناس نحو المايكرفون لإعلان تبرعاتهم للمتضررين من فيضان الدندر، حينما وعدوا ببذل المال والسيخ والأسمنت والطوب في تلك النفرة التي أقامتها ولاية سنار لدعم متضرري فيضان الدندر، والآن مر ما يقارب العام، ولم يفِ أحد بما وعد سوى رجل واحد فقط وهو معتمد أمبدة السيد عبد اللطيف فضيل الذي تعهد بالتبرع ب «5» أطنان من الأسمنت وقد وفّى الرجل وصدق ما عاهد عليه الله والعباد، أو ما درى هؤلاء أن العهد كان مسؤولا... في أمسية النفاق تلك لا أعادها الله دوَّنتُ في مفكرتي الخاصة أسماء القيادات، والبرلمانيين والمسؤولين، والمديرين، والمغتربين، وعامة المواطنين الذين تعهدوا ووعدوا وأخلفوا ما وعدوا به، لقد دوَّنتُ أسماء «المتبرعين»، والمبالغ التي تبرعوا بها، وهي مليارات، وملايين والآلاف عديدة حتى بلغت أكثر من أربعة مليارات ونصف المليار بالقديم، وبمناسبة القديم «دي» لأن التبرعات قديمة حتى نسيها الناس من فرط قدمها... لقد دوَّنتُ أسماء لامعة في سماوات السياسة والإدارة والتشريع... بالأمس كنت قد أجريتُ اتصالاً بأحد القائمين بأمر التبرعات لأنقل له اتهامات بعض المواطنين بأنهم كلجنة متهمون بالتصرف في أموال التبرعات الأربعة مليار ونصف، فكانت الصدمة أنه لم يف أحد بوعده سوى معتمد أمبدة، ولا الكبار ولا الصغار، وأن التبرعات كانت في الهواء الطلق فقط... قلت في نفسي ربما أرادوا انتظار النفرة القادمة خاصة أن موسم الفيضان لم يتبقَّ منه سوى شهرين ليضاعفوا حجم تبرعاتهم. مشروع الجُزيرة نتابع باهتمام ما يجري في مشروع الجُزيرة بالدندر بضم الجيم ونتصل بجميع الأطراف، ونقف مع خيار المزارعين هناك جوالين للفدان، ونتمنى ألا تكون المشكلة المثيرة للفتنة هي التمادي في تجهيز الأرض والتحضير من جانب المستثمر «شركة الجوهرة 2» قبل الاتفاق الكامل مع المزارعين وبرضاهم كما أعلن البرلمان، فالعدل قيمة لا يعرفها الظالمون..