لم تكن وزارة تنمية الموارد البشرية محتاجة إلى أن تبرر تكريمها أمس الأول لطاقم طائرة سودانير التي هبطت اضطراريا وبنجاح الأسبوع الفائت، ومع ذلك تبرع الوزير كمال عبد اللطيف برسم علاقتهم بما حدث ودواعي التكريم الذي حمل عدة دلالات، أولاها اهتمام الدولة وافتخارها بإنجازاتها وأهمية ما حدث، وتأكيد تضافر جهود كل الأطراف، كما أبان كمال بإشارته أن التكريم يشمل حتى إدارة المرور التى أفرغت شارع عبيد ختم من السيارات.. وقوف كمال على التفاصيل برز بإشارته لاهتمام الغرب حتى بإنجازات الفنانين وتكريمهم بتعيينهم مستشارين وكان يعنى المطربة الشهيرة شاكيرا التى عينها أوباما مستشارة له للشؤون التربوية كما ذهب للتشديد على أن الحدث يستحق أن يعظم ويدرس حتى في معاهد الطيران، وقال: «نحن الليلة بنعرض وبى حقنا»، وقرر تخصيص جزء من موازنة وزارته للتدريب في مجال الطيران. الفرحة التي علت وجه كمال حتى عرض وبمزاج مع أغاني الحماسة التي ملأت المكان لا تضاهيها إلا فرحتان أثناء الحفل الأنيق.. الأولى من قائد الطائرة الكابتن الشاب ياسر الصفي بتثمين كمال لدور الشباب وثورتهم في تحدي الصعاب وإدارة الأزمات.. أيضا اختيار كمال أن تكرَّم أم ياسر وليس الابن، فبكت فرحاً وهي ترى الحكومة تهتم بالحدث التاريخي، زد على ذلك أن التكريم شمل كل طاقم الطائرة والمراقب الجوي وإدارات الدفاع المدني والسلامة والساحات، وكذلك هيئة الطيران المدني وهى الجهة الثانية التي أصيبت يومذاك بتخمة بعد أن شبعت فرحةً وسعادةً وهي ترى شعارها «3 3» قد طبق، الذى يعني ترسيخ ثلاث غايات فى ثلاث سنوات «تعزيز السلامة وتحرير الأجواء وتطوير المطارات»، بحسب مدير الهيئة بالإنابة يوسف إبراهيم في كلمته، إذ قدم سرداً عن الخطة التي وضعت لمواجهة الهبوط الاضطراري للطائرة. وتحقق ذلك من خلال إيفاء الهيئة بالموجهات التي أصدرتها لجنة التدقيق الدولية خلال آخر تدقيق تم عليها في عام 2009 م، بجانب تهيئة منطقة الساحات الداخلية بالمطار وإزالة كافة الطائرات القديمة المتعطلة، وإزالة جميع الاتربة والانقاض، وقد علق الزملاء الذين غطوا الحدث في المطار على تلك المسألة، فضلاً عن إنشاء وحدة جديدة للسلامة والدفاع المدني بالمطار، وإدخال «24» عربة مطافئ جديدة، وتوفير مادة الرغوة الكيميائية لأول مرة بالسودان. وسبق ذلك إجراء تمارين افتراضية للهبوط الاضطراري للطائرات وإزالة كافة الجدار المحيط بالمطار وإحلال أسوار شفافة بدلاً منه، مما أتاح للمواطنين متابعة الحدث بالكامل، وهى مؤشرات تدل على أن الهيئة في عهدها الجديد بقيادة محمد عبد العزيز تلعب على المكشوف. وقد يكون مدير سودانير العبيد فضل المولى «نام قفا» وهو مطمئن لحال الطيران في السودان، بدليل أن جل كلمته كانت عن التكريم، وامتداح همة الوزير كمال ومبادراته، وقد يكون الأخير تحرَّج من المدح فشدد على أن التكريم باسم الحكومة وليس وزارته. ومهما يكن من أمر فإن الاحتفائية كانت كبيرة وأكدت مدى اهتمام الدولة وكافة مكونات المجتمع بالحدث، وبرز ذلك من خلال الضيوف الذين شهدوها وعلى رأسهم رئيس حزب منبر السلام العادل المهندس الطيب مصطفى الذى شارك في تكريم المحتفى بهم، ومن المؤكد أن والد الشهيد أبو بكر يملأه الفخر بأن الإنجاز تم على أرض السودان، بعد أن ظهر عطب الطائرة وهي تحاول أن ترقد على مهبط الدولة الجنوبية.