بالرغم من وجود شائعات قوية تجزم بتمرد زعيم المحاميد أكبر فخذ وبطن في قبيلة الرزيقات بشمال دارفور، الشيخ موسى هلال المستشار بديوان الحكم الاتحادي، منسوبة إلى نجله النقيب حبيب الضابط بالقوات المسلحة، بثها «سودان راديو سيرفس» يوم الأربعاء الماضي، إلا أنه لم ترد تأكيدات حتى الآن حول هذا الأمر، ولم يعلن موسى هلال بنفسه عزمه على التمرد بالكيفية والطريقة التي نسبت إلى ابنه الأكبر. وكان هلال الأسبوع الماضي في مدينة كبكابية التي تتبع لها منطقته «دامرة مستريحة» في الجزء الشمالي الغربي منها مع امتدادات وادي باري، وشارك بالفعل في تهدئة الأوضاع بعد نشوب مواجهات داخل المدينة بين بعض أبناء القبائل العربية وأبناء من الفور على خلفية مشاجرة وخلاف وسط سوق البلدة تم فيه تبادل لإطلاق نار ومقتل أكثر من أحد عشر شخصاً في المدينة.. وكان لوجود موسى هلال بالمدينة أثر مباشر في تهدئة الأوضاع ومنع وقوع كارثة وصدام دموي داخل كبكابية. وقبلها شهدت «مستريحة» مقر إقامة زعيم المحاميد، لقاءات واجتماعات ومؤتمرات مصغرة لوضع حد للاقتتال الذي دار في منطقة جبل عامر وامتد لمنطقة السريف بني حسين وأُزهقت فيه العديد من الأرواح قاربت ألفاً وخمسمائة شخص. لكن السؤال الأهم في حال كان الحديث المنسوب إلى حبيب نجل موسى هلال صحيحاً.. ما هي الأسباب والدوافع والمبررات وراء ذلك؟ هل هي تفاعلات داخل ولاية شمال دارفور بسبب الخلاف بين الوالي عثمان كبر والشيخ موسى هلال التي كانت ارتشاحاتها تملأ الصحف والمجالس؟أم هي الأسباب السياسية التي أجملها نجله حبيب في الحديث الذي نسب إليه ومنها التهميش السياسي وقضية دارفور وتعالي السلطة في الخرطوم وعدم تلبيتها لمطالب أهل دارفور وعدم استماعها للنصح والآراء التي قالها والده؟! الافتراض أن موسى هلال لديه موقف سياسي دفعه للتمرد، لا توجد فيه حجة مقنعة، بدليل أن الأبواب كلها كانت مفتوحة له في الخرطوم، ولم يعبر طيلة الفترة الماضية عن ضيق أو تبرم من شيء، واحتفظ بعلاقة خاصة وقوية مع كبار قادة الدولة وبشكل أساس مع رئيس الجمهورية، وظل موسى محل احترام وتقدير كبير لم يتغير أو يتبدل، ولم تعزه أية وسيلة في ايصال رأيه وتوضيح أفكاره والتعبير عنها وإبلاغها لقيادة الدولة، بل بالعكس كان قريباً من مواقع صنع القرار لا يفصله أو يحجبه عنها حاجب. وقد تحدث في بعض الأحيان خلافات في وجهات النظر هنا وهناك لكنها لم ترتق إلى الدرجة التي يغادر فيها الخرطوم غضبان أسفاً، ثم يعلن نجله الأكبر أنه تمرد على الدولة ويسعى لإسقاط النظام كما زعم «سودان راديو سيرفس» الذي يبث من كينيا ويتبع للجبهة الثورية وقطاع الشمال بالحركة الشعبية. أما الدافع الآخر بأن تمرد موسى هلال سببه نابع من تداعيات ومضاعفات خلافه مع والي شمال دارفور عثمان كبر، فهو خلاف معلن وعبر عنه هلال في الصحف وجرت تراشقات بين الطرفين وجدت طريقها إلى وسائل الإعلام والصحف والمواقع الإلكترونية المختلفة وتداولتها المواقع على نطاق واسع، وحسب ما هو كائن فإن موسى لجأ إلى الإعلام والصحف ونقل ساحة المعركة إليها، بينما استخدم الوالي كبر سلطاته لتفتيت قبيلة موسى هلال وتعيين إدارات أهلية لبعض بطون المحاميد وأتباع موسى «أولاد تاكو، أولاد جنوب» في خطوة وصفت بأن غرضها لم يكن بريئاً وتوجد فيه محاولة لزرع الفتنة وسط المحاميد، فقد عين كبر قياديين لفرعين من فروع المحاميد في مستوى موسى هلال ومنافسين له، ويسعى لتعيين زعيم ثالث وسط المحاميد للانتقاص من الإدارة الأهلية للقبيلة وزعامتها التاريخية. وزعمت بعض المجالس وأحاديث المدينة أن هلال هدد من قبل بالتمرد في حال بقاء كبر والياً على شمال دارفور، إلا أن تلك التهديدات لم تجد من يؤكد وجودها من الأساس، بالرغم من أن موسى هلال يعبر عن تبرمه وعدم رضائه عن بقاء كبر في الولاية لعشر سنوات وينتقد بشدة أسلوبه في الحكم وإخفاقاته، إلا أنه لم يقل صراحةً أنه سيتمرد، أو أنه قال: «إما أنا أو كبر في شمال دارفور»!! ويبقى إذن السؤال الأكبر.. ماذا وراء الصمت المطبق لموسى وهو في باديته ووسط أهله في مستريحة ووادي السنط ووادي باري شمالاً إلى دار الريح؟ هل يصحيح أنه تمرد أم أن حركات التمرد وما تسمى الجبهة الثورية حاولت الدخول على الخط وصناعة كل هذه البلبلة؟ وحتى ذلك الحين فإن موسى هلال هو وحده من يؤكد أو ينفي!!