يعتبر مرض السرطان من أكثر الأمراض خطورة على حياة الإنسان لأن عدم السيطرة عليه مبكراً يؤدي إلى إنهاء حياة المصاب فالطب الحديث لم يتمكن حتى الآن من الوصول إلى علاج نهائي لهذا الداء للمرض غير أن البحوث الحديثة أوجدت الأمل حول إمكانيه علاج بعض الحالات السرطانية.. وفي الوقت الذي كشف فيه خبراء الأورام السرطانية تصاعد حالات الإصابة بالسرطان في السودان عامة وبشكل كبير، وصف أطباء في منتدى (السرطان ومواجهة مخاطره وآثاره) الذي أقامته مؤسسة سند الخيرية بمركز دراسات المستقبل في سبتمبر من العام الماضي عن تنامي الحالات المكتشفة ب (المخيف). وأوضح د. كمال حمد كبير استشاري الأورام بمستشفى الذرة أن حالات السرطان المكتشفة تتجاوز ال (7) آلاف حالة سنوياً، فَضْلاً عن حالات المتابعة الدورية وقال حمد إن العدد لا يمثل الحالات الحقيقية، وتوقع وصولها إلى (30) ألف حالة لم تصل لمراكز التشخيص للجهل أو عدم قدرتهم للوصول إليها لأسباب مادية أو لمفاهيم تقليدية ولا يوجد تحديد واضح لحجم مرضى السرطان في السودان بينما تصل معظم الحالات للخرطوم في مرحلة متأخرة لجملة أسباب منها تأخر اكتشاف المرض والظروف المادية ويشير خبراء في هذا المجال إلى جملة من العناصر المسرطنة تتسبب في الإصابة بالمرض وتشمل (الإشعاع النووي سواء كان للأغراض السلمية أو الحربية «قنبلة هورشيما» الكيمياويات المسرطنة الفيروسات المسرطنة إضافة إلى سرطانات تسببها بيئة العمل كالمشتغلين في المهن وصناعات بعينها).. وبالولاية الشمالية كثرت حالات الإصابة بالسرطانات في الآونة الأخيرة حسب تردد المرضى على مستشفى الذرة إضافة إلى نتائج تزايد الوفيات من المصابين بهذا المرض ويعتقد البعض أن موادًا مشعة وراء هذه الحالات يعتقد أنها دفنت في الصحراء الممتدة بالولاية الشمالية في الحقبة المايوية، ولكن يرى آخرون أن السبب الأهم هوالاستخدام المكثف للمبيدات الكيميائية الحشرية ضمن مشروعات زراعية مختلفة كمشروع القامبيا منذ عدة سنوات والذي يهدف للقضاء تماماً على البعوضة ومنعها من الدخول للأراضي المصرية وإنشاء منطقة خالية من البعوض داخل الأراضي السودانية حيث يتم القضاء على البعوض بالاستخدام المكثف للمبيدات. الكيميائية الحشرية والقضاء يستوجب الاستخدام المكثف للمبيدات)وأنواع المبيدات كثيرة منها المسموح بها ومنها ما يحظر استخدامها عالمياً لخطورتها على صحة الإنسان، وبالرغم من الخطورة التي يتمتع بها هذا المرض إلا أن اهتمام السلطات بالولاية الشمالية لايزال ضعيفاً ولا يتناسب مع حجم المشكلات التي يسببها المرض وليس أدل على ذلك من ضعف الأموال المخصصة للتثقيف الصحي ودعم برامج التوعية علاوة على إهمال الإشراف على المؤسسات القيمة على هذا الأمر. ويرى منسق السجل القومي للسرطان بالولاية الشمالية الدكتور معتصم أحمد طه في حديثه ل (الإنتباهة) أن إدارته تعاني من مشكلات وصعوبات جمة للقيام بواجبها أهمها صعوبة المواصلات لاتساع رقعة الولاية الشمالية علاوة على عدم وجود دعم مادي للتحرك للمناطق البعيدة إضافة إلى عدم وجود تثقيف صحي مكثف وعدم وجود دعم ولائي أو اتحادي للمركز كما أنه كمنسق لا يتقاضي شيئاً نظير عمله في هذا المجال، ويشير طه إلى أن أكثر أنواع السرطان انتشاراً بالشمالية هما سرطاني «الثدي عند النساء بنسبة (36%) وسرطان البروستاتا عند الرجال بنسبة (15%) بينما نفى حول ما أشيع من تزايد حالات السرطان بالشمالية وأضاف: لا توجد زيادة مخيفة في هذا المرض كما أن المواطن أصبح لديه وعي تام بهذا المرض مضيفاً أن زيادة استخدام المواد الكيميائية من الأسباب الرئيسة في الإصابة بالمرض، مشيراً إلى إمكانية علاج مرض السرطان في مراحله الأولى لذلك تأتي أهمية التثقيف الصحي. وقال المنسق إن عملية المسوحات الأولية التي أجريت حول السرطان بالشمالية خلال الفترة الماضية تم إرسالها إلى الخرطوم ولم تصل نتائجها حتى الآن ولم تتأكد بعد حقيقة ما أشيع عن وجود نفايات مدفونة بأراضي الشمالية تتسبب في هذا المرض مشيرًا إلى أن هذه القضية وجدت حظها من البحث والتداول حيث جاء تيم كامل من هيئه الإشعاع الذري وقاموا بإجراء العديد من الأبحاث والتقصي وخرج التقرير بنتائج إيجابية بعدم وجود أي نسبه إشعاع ذري بالولاية الشمالية، ويشير طه إلى أن إنشاء مركز الجميح للأبحاث الطبية بدنقلا يعد نقلة كبيرة في مجال العلاج المبكر للأمراض السرطانية متمنياً أن تقوم السلطات المختصة بالتثقيف الصحي المطلوب تجاه المرض من أجل تقليل الإصابة. بعد تجنب العادات الغذائية الخاطئة.. وتأسيساً على كل ذلك تبقى قضية توفير سجل علمي دقيق لمرضى السرطان وإنشاء مراكز وفرق عمل لبحوثه بالشمالية هي القضية الأهم للحد من اتساع رقعة الإصابة بالسرطان وذلك من خلال الحصول على بيانات دقيقة وعلمية توضح مستوى الإصابة ومعرفة أكثر أنواع السرطانات انتشاراً في مناطق بعينها وما هي مسبباتها حتى يتم اتخاذ الخطوات الوقائية السليمة لمنع انتشار المرض في السودان عامة وفي الولاية الشمالية بصفة خاصة.