الطامّة اللاطمة اللامّة التي ضربت إخوتنا أهل الإسلام في شمال الوادي حزن لآثارها المؤلمة أهل الإسلام في شمال الوادي.. حيث أهل السودان الذين تربطهم بأرض مصر وشائج العقيدة والدين وجذور الحضارة والثقافة وآصرات الأخوة والجغرافيا والتاريخ المشترك. إن الذي جرى في مصر بفعل الغدر والخيانة والتشفي والانتقام الذي قامت به القوى العلمانية والشيوعية والكفار «الأقباط» واللبراليين الحيارى مسنودة بالدعم الصهيوني والماسوني واليهودي والنصراني هو حلقة من حلقات الابتلاء والاختبار والتمحيص الذي يتعرض له أهل الإسلام سواء كان ذلك في غزة أو العراق أو الصومال أو أفغانستان أو السودان أو ما تعرض له أهل الإسلام من قبل في الجزائروتونس والفلبين وتركيا فهي سُنة كونية وحالة من حالات صعود حركة الإسلام وتراجعها وفق المؤثرات المحيطة في إطار الصراع الأزلي بين قوى الحق والباطل غير أننا نعلم علم اليقين وفقاً لبشارة القرآن والسنة النبوية أن الحق والإسلام هو من ينتصر في خاتمة مطاف الصراع ولذلك مقدمات ومؤشرات ومؤطرات تنتهي إلى نتائج وبيان. إذا أمعنا النظر والتفكير ملياً في الحالة المصرية الراهنة تبدو بوضوح شديد أظافر المؤامرة ومكر الليل الذي رتَّبت له القوى الشريرة التي ذكرناها في فاتحة هذا المقال، وهي قوى تمتلئ حتى الثمالة بالكراهية الشديدة والعداوة الراسخة الراكزة والتربص المستمر بالإسلام وأهله وهي حالة ليست بغريبة عندنا لأننا نعلم أنها سجية وجبلة وقاعدة تفكير ثابتة عند هؤلاء الأعداء «لَتَجِدَنَّ أَشَدَّ النَّاسِ عَدَاوَةً لِّلَّذِينَ آمَنُواْ الْيَهُودَ وَالَّذِينَ أَشْرَكُواْ».. ولذلك المطلوب اعتمادها كواقع شاخص والتعامل معها بحسم وإعداد وتدبير وليس مجرد شجب وإدانة وتفاعل شعوري طارئ مقيَّد محدود الأثر والفعل. إن الانقلاب على الشرعية والخروج على ثوابت الدستور وأعراف الديمقراطية ثم هجمة إعلامية ضارية استخدمت فيها وسائل وأدوات وتوصيفات دنيئة وضعيفة خسيسة قذرة نتنة إنما يكشف بوضوح أيضاً عن طينة هؤلاء الأوغاد الذين قادوا تلك الحملة حتى انتهوا بها إلى الحرق والقتل وسفك الدماء وإثارة الفتنة إلى أوجهها، وهي صورة تكذب دعاوى الإصلاح وصيانة الثورة ورعاية المصالح الوطنية المشتركة وحفظ الأمن القومي لمصر الشقيقة كما كانوا يتشدقون بلحن القول والقلوب مريضة والتصورات فاسدة والنيات سيئة. هذه الهجمة لم تستهدف مصر فحسب كرقعة جغرافية محددة وإنما تستهدف محيط مصر الإسلامي والعربي، وإنما بدأت بمصر ولم تنطلق من تونس وليبيا واليمن أو أي منطقة أخرى لوضع مصر الحيوي والبارز ولتوفر أدوات الغدر والمؤامرة وتردي سلوك واتجاهات الفكر المنحط الذي وصلت إليه جماعات في مصر وأساليب التضليل الفذاعة التي يمارسونها ضد كل مقدس من قِيم وأخلاق خشية انهيار أحلامهم البلطجية والانتهازية والفضول الدنيء. أن أوضاع مصر السياسية والأمنية والاجتماعية أثرت تأثيراً بالغاً على مجموع الرأي العام الشعبي والرسمي في السودان لموقع مصر من السودان والأسباب التي عدَّدناها آنفاً وغيرها، ولكن من حسن النتائج واللطائف أن الطامّة التي ضربت أهلنا وإخوتنا في مصر وحَّدت الشعور العام هنا نحن الظلم المنظم والبطش المسعور الذي مورس على أنصار الشريعة والشرعيَّة والحق في رابعة والنهضة وأقنع الرأي العام هنا من أن الذي يجري هناك مؤامرة لا تتوقف عند مصر وهذا أبلغ درس وأعظم فائدة مستفادة من هذه النكبة، هذه الرؤية الجمعية وتقارب الاتجاه العام في تلحيل هذه الحالة فتح آفاقًا جديدة للالتقاء والحوار والتواصل والانسجام والتعاون بين فئات كثيرة من أهل السُّودان حتى لا ينطبق علينا المثل القائل «أُكلتُ يوم أُكلَ الثورُ الأبيضُ»، لذا حدث تلاحم وتقارب يبشر بدخول مرحلة جديدة من الوفاق الوطني العام على مستوى القوى السياسية والجماعات الدعوية والأفراد لقد رأيت يوم 16/8/2013م التي أعقبت أحداث الأربعاء الدامية في مصر في منصة ضخمة نُصبت كمنبر خطاب جماهيري عام أمام قوى جماهيرية عريضة خرجت في مسيرة هادرة من عشرات المساجد نظمتها قوى سياسية وأحزاب أبرزها الحركة الإسلاميَّة السودانية التي قادها أمينها العام الشيخ الزبير أحمد الحسن ومنبر السلام العادل الذي قاده رئيسه المهندس الطيب مصطفى وجماعة الإخوان المسلمين التي أصر شيخها وشيخ الجميع شيخنا صادق عبد الله عبدالماجد رغم عامل السن والهرم أن يكون على المنصة جالساً وفي ذلك درس بليغ في الهمَّة لشبابنا الثوار هذا بجانب مراقب الجماعة العام الشيخ علي جاويش، وحركة الإخوان المسلمين الإصلاح وتجمع القوى الإسلامية والوطنية وهو تجمع عريض يشمل ما يقارب عشرين حزباً إسلامياً بقيادة الأستاذ أمين بناني وقوى أخرى من فئات الشباب والمجاهدين بقيادة الأخ حاج ماجد وطلاب ومرأة بقيادة الشيخة الدكتورة الثائرة عائشة الغبشاوي وقطاع عريض من الجماهير والمصلين الذين خرجوا في غضب شديد يطالبون بعودة مرسي والشرعية الدستورية إلى مصر وانهاء حالة الانقلاب العسكري وايقاف نزيف الدم والقتل والحرق لأبناء الأمة الإسلامية في مصر. حين صعدت إلى تلك المنصة الضخمة «المنبر العام» وجدت الشيوخ، الشيخ طنون والشيخ سعد أحمد سعد والشيخ الزبير والشيخ السنوسي والشيخ صادق والشيخ صديق علي البشير والشيخ حسن عبد الحميد وغيرهم كثير لقد كنت قريباً من الشيخ الزبير أحمد الحسن بهدوئه المعهود ولمست حرصه وحسن إنصاته لكلمة الشيخ إبراهيم السنوسي وحرصه على مواصلة الحديث رغم محاولة الشغب التي حاول بدءها بعض المهرجلين الذين نهرهم الشيخ الزبير فانتهوا وتلاشوا، الشيخ السنوسي أكد أهمية توحيد الصف الإسلامي لأجل مواجهة التحديات وكان الزبير يكبر لذلك وحين جاء دور الزبير ذهب في هذا الاتجاه ورحب بأي مبادرة تنتهي إلى رأب الصدع والوفاق الإسلامي وهتف آخرون على شيخ علي جايوش أن يلتحق بهذا الركب وكل القوى الأخرى. إذا كانت الأزمات على قساوتها توحد جهود أهل القبلة فعلينا أن نأخذ من تجربة مصر درساً في أهمية الوفاق الوطني والإسلامي لإصلاح حال البلاد السياسي والاقتصادي وحتى نفوِّت الفرصة على أعداء هويتنا في الداخل والخارج وحتى لا تمثل تجربة مصر ثائرة سلبية على قوى هنا تناصب العداء علينا أن نسرع الخطى نحو وفاق إسلامي يحفظ ذمة الأمة وعهودها ويقوّي شوكة الوطن والجماعة، وهذه فرصة جيدة لتلك التي اتفق عليها الشيخان الزبير والسنوني رغم ما صاحب هذه الدعوة من أصداء قد تكون سالبة لكن علينا أن نمضي أكثر نحو هذه المبادرة على الإخوة الشباب والمجاهدين والطلاب أن يدفعوا بالحسنى نحو هذه المبادرة، في الأخبار أيضاً أن هناك اتجاهًا قويًا للقاء مرتقب بين رئيس الجمهورية والدكتور الترابي نأمل أن يكون السيد رئيس الجمهورية أكثر حرصاً على هذا اللقاء لما هو معروف عنه خاصة بعد حديث طيب أدلى به الدكتور الترابي عن السيد رئيس الجمهورية بصفة خاصة.. إن تقارب القلوب بين الشعبي والوطني فرصة لتجاوز خلافات الإسلاميين بالمصطلح الضيق، الأمر الذي يفتح آفاقاً للوحدة الإسلامية بالمصطلح العام الواسع، فهل تفلح توجهات الشيخ السنوسي والشيخ الزبير نحو مشروع وحدة إسلامية عامة تحفظ البلاد وتحمي الهوية وتقوي الصف الإسلامي لمواجهة المؤامرة العالميَّة؟