رسم المشاركون في ورشة العمل القومية لإطلاق التقرير العربي الأول حول معلومات أسواق العمل العربية واقعاً مظلماً، ووصفوه بعدم وضوح الرؤية لضبابية الموقف لتفاقم مشكلة البطالة بمعدلات كبيرة نتيجة للحراك السياسي الذي شهدته المنطقة العربية بما تحمله من مؤشرات ومضاعفات وازدياد معدلاتها، الأمر الذي يجعلها بمثابة قنبلة موقوته تؤدى إلى انفجار واقع أشد وأقسى من الذي تشهده المنطقة حالياً ولقد أدركت منظمة العمل العربية منذ وقت مبكر خطورة إهمال مشكلة البطالة وانعكاساتها على الأمن الاجتماعي والاقتصادي ووضعتها في أولوياتها للحد من تفاقم المشكلة ودرجت على إطلاق تقارير دورية ركزت فيها على قضايا التشغيل والبطالة، ولقد سعت المنظمة من خلال هذا التقرير إلى تقديم بعض الإجابات حول اختلالات سوق العمل العربي وإبراز التحديات التي تواجه سوق العمل. وأوضحت أن هنالك نقصاً حاداً في البيانات من بعض الدول العربية، وتباينت في توفيرها البعض في بيانات «2011» وآخر اكتفى ببيانات «2009م». تقرير: هنادي النور وفي ذات الإطار عبر النائب الأول لرئيس الجمهورية علي عثمان طه عن أسفه لعجز الإستراتيجية عن تقديم حلول وإجابات لهذه التحديات، داعياً إلى ضرورة العمل من أجل جمع القدرات والموارد العربية والتكامل بقوة وفاعلية أكثر وتجاوز مرحلة التنسيق إلى مرحلة التوحيد وإعداد خطط جماعية موحدة لمواجهة هذه التحديات للاستفادة من كل خريجي الدراسات النظرية وتوفير فرص ومقاعد التعليم لكل الأطفال في إطار الالتزام بأهداف المنظمة، وأكد ضرورة تحريك طاقات شباب الخريجين بالعمل على استغلال الموارد والثروات بالاستفادة من مؤهلاتهم لرفع الإنتاج وتحقيق التنمية عبر التدريب والتأهيل ورفع كفاءات الخريجين في الوطن العربي. وأمن على ضرورة أن تضطلع جهات الاختصاص ومنظمة العمل العربية بدورها في صياغة نموذج في النمو الاقتصادي وإقامة الموازنة بين سوق العمل ومعدلات التعليم، مشيراً إلى أن تجربة السودان في هذا الصدد تقوم على فك الربط بين التعليم وسوق العمل باعتبار أن التعليم حق أساسي للإنسان وإطلاق لطاقات العمل. وقال طه لدى مخاطبته الورشة أمس إن التقرير كشف عجز البلدان العربية عن إيجاد مواءمة تعمل على توظيف هذه الإمكانات لإحداث قيمة مضافة لهذه الموارد، ودعا إلى ضرورة وضع حوافز أولوية وميز للاستخدام البيني للكفاءات العربية في الوطن العربي، وضرورة توظيف التقانة المتوسطة التي تتيح التوظيف بدلاً عن التقانات المتقدمة التي تحول المجتمعات إلى عطالة، وقال إن التحدي أمام الأقطار العربية الآن هو مدى القدرة على تحقيق القيمة المضافة للموارد الأولية وبين توظيف الطاقات البشرية المتاحة بصورة حسنة، مؤكداً ضرورة تحريك طاقات شباب الخريجين بالعمل بالاستفادة من مؤهلاتهم لرفع الإنتاج وتحقيق التنمية عبر التدريب والتأهيل، ورفع كفاءات الخريجين في الوطن العربي. وفي ذات الاتجاه أكدت وزيرة تنمية الموارد البشرية والعمل إشراقة سيد محمود أن سوق العمل يواجه تحديات العولمة الاقتصادية، وأضافت أن السوق العالمي لا يرحم، وأن الدول العربية مظلومة لسيطرته على الرأسمالية بشكل مخيف الأمر الذي أفقدها فرص العمل بجانب عدم توفر العدالة الاجتماعية، وتخوفت من تزايد معادلات البطالة، مشيرة الى أن النسبة الأكبر من العاملين من فئة كبار السن، وأقرت بوجود إشكالية في التعليم التقني والتقاني لا سيما وأن التعليم العالي ارتفع بزيادة «5%» من الأعوام السابقة، وكشفت في ذات الوقت عن إجراء مسح للقطاع غير المنظم الذي وصفته بأنه عبء كبير في سوق العمل، في وقت أوضحت فيه أن تقرير السودان قبل شهرين أن نسبة البطالة بلغت «18.8%» مقارنة بالدول الأخرى، مؤكد أن التحدي لمواجهتها عبر الاستثمار العربي الذي يوفر فرص عمل مشتركة، فيما أشارت إلى أن هنالك خللاً في توازن المهارات، فيما كشف مدير عام المنظمة العربية أحمد محمد لقمان عن تدني قوة العمل العربية لتوائم النمو الاقتصادي مع تزايد أعداد الخريجين في الجامعات النظرية، لا سيما أعداد الإناث بصورة أكبر، بينما الحرفيين والفنيين والتخصصات المطلوبة لسوق العمل الأمر الذي يتطلب إعادة النظر في نموذج النمو الاقتصادي، كما دعا الى ضرورة دفع القطاع الخاص بقوة لتحقيق زيادة في معدلات النمو ليرفع عن كاهله دور التابع ليصبح شريكاً فاعلاً ومؤثراً في التنمية، وأوضح الخبير المختص بالشبكة العربية للمعلومات د. رافت رضوان أن نمو الناتج المحلي الإجمالي هو الوسيلة الوحيدة لخلق فرص عمل حقيقية، مشيراً إلى انعكاس الحراك السياسي على الأوضاع الاقتصادية وسوق العمل، وقال في التقرير الذي قدمه في ورشة العمل إن التحدي الذي تواجهه المنطقة العربية هو التراجع في مستويات معدل متوسط الناتج المحلي الإجمالي الذي انخفض من «4.6%» إلى «2.4%»عام 2011، مشيراً إلى مشكلة الزيادة السكانية وأن نسبة المشتغلين بالمنطقة العربية «62%» ونسبة العطالة كبيرة مما يحول الفرصة السكانية لتهديد مستمر. وأشاد بنسبة القوى العاملة من الإناث بالسودان كأعلى نسبة بالمنطقة العربية، وأشار إلى أهمية النظر في المستويات التعليمية في العرض في سوق العمل، مبيناً أن المستويات الحالية غير قادرة على صنع المستقبل. وتناول توزيع قوة العمل وفق المهن ووفق النشاط الاقتصادي كالزراعة والبناء والصناعات التحويلية. وأوضح أن البطالة الشبابية للفئة العمرية من «15-30» نسبتهم «80%»، مضيفاً أن نسبة البطالة بين الجامعيين أكبر من البطالة بين الأميين. واقترح حل العمالة الوافدة الأجنبية بالعمالة العربية لحل مشكلة البطالة بالمنطقة.