تمثل قضية الحصول على مياه الشرب هاجساً للعديد من المواطنين بولاية الجزيرة في ظل تزايد حالات الإصابة بمرض البلهارسيا وضعف برامج التوعية والتثقيف الصحي حتى أصبح منظر الأطفال يمارسون الاستحمام والسباحة في الترع الرئيسية والفرعية من المناظر المعتادة مما يجعل الإنسان يتحسر على قدوم وافدين جدد لمرض البلهارسيا. وكشف تقرير البيئة عن الرقابة على المياه الصالحة للشرب بولاية الجزيرة الذي أعده المراجع العام من حيث كفاية المياه النقية حسب المصادر المائية الموجودة بالولاية وصلاحية وسهولة الحصول عليها والفاقد من المياه وتكلفة مياه الشرب خاصة أن الأممالمتحدة حددت الحد الأدنى لكفاية الفرد بواقع «120» لترًا لليوم. وأشار التقرير أن الفاقد اليومي من المياه بالولاية يمثل نسبة «40%» وأن مصادر هذه المياه الجوفية فيها نسبة «84%» ومحطات التنقية من النيل «10%»، حيث أوضح أن هنالك تدنيًا في الكمية المستهلكة للفرد يومياً ففي محلية المناقل بلغت «21,5» لتر للحضر و«5» لترات للريف فيما شهدت محليتا الكاملين «15,5» لتر للريف وأم القرى «19» لترًا للريف مما يشير إلى ضعف نصيب الفرد من المياه. وأوضح التقرير أن مواطني القرية «33» محلية أم القرى يعانون من نقل المياه من مناطق بعيدة بواسطة عربات الكارو والحمير إضافة إلى أن المحطة المدمجة معطلة. وبما أن ولاية الجزيرة قد حباها الله بمصدر مياه هو الأنقى إلا أن بعض المناطق تعتمد على مياه الترعة الرئيسية والحفائر خاصة في محليات المناقل الأمر الذي يتطلب رقابة شديدة على هذه المصادر ومنعها من التلوث وتوفير الأموال التي تصرف على معالجة الأمراض الناتجة من المياه حيث بلغت التكلفة الكلية لأمراض الإسهال المائي وحمى التيفوئيد والكبد الفيروسي والدسنتاريا «32,650,00» مليون جنيه للفترة «1/1/2011»م 30/4/2012م تم صرف مبلغ «8,434585» مليون جنيه من إدارة الملاريا، أما مرض البلهارسيا فقد صُرف عليه مبلغ «2.494.500» مليون جنيه لذلك لا بد أن تعمل الولاية على إدخال نظام الشبكات لتقليل هذه الأموال المهدرة. وكما يوجد بمحلية المناقل «110» حفائر بها «93» حفيرًا تعمل بضخ مباشر دون إجراء معالجة للمياه إضافة إلى ضعف التسوير مما يؤدي لدخول الحيوانات. وكشف التقرير أن قطاع المياه يتم تمويله بدعم من حكومة الولاية «مشروعات تنمية» ودعم الحكومة الاتحادية «بالمعدات والمشروعات» ورسوم المياه التي يدفعها المواطن. حيث تلاحظ أن نسبة المصدق لقطاع المياه من موازنة التنمية متزايدة عامًا بعد الآخر في حين إن التنفيذ الفعلي متناقص عامًا بعد الآخر. كما أن الحكومة الاتحادية في العام ساهمت بمبلغ «2.243.752» مليون جنيه عبارة عن مشروعات حفر وشبكات إضافة إلى مبلغ «3.009.500» مليون جنيه طلمبات ومولدات «عيني». وفي جانب رسوم المياه فقد أشار التقرير الى تعرفة استهلاك المياه المجازة في العام 2005 م من المجلس التشريعي والتي تبدأ من «9 32» جنيهًا حسب الدرجة للسكن ويتم تحصيلها عبر نافذة الكهرباء بعد خصم «3%» لهيئة مياه ولاية الجزيرة و«10%» نصيب شركة الكهرباء واستهلاك المحطات من الكهرباء ليظهر صافي نصيب مكاتب المحليات مبلغ «1.172.228» جنيهًا يتم توزيعه لمقابلة مصروفات الصيانة ومرتبات العاملين مما يدل أن تعويضات العاملين تأخذ النصيب الأكبر من الرسوم. وأشار التقرير أن الفاقد من المياه هو الفرق بين كمية المياه المنتجة وكمية المياه المستهلكة يمثل «40%» من الإنتاج الكلي للمياه. وأوصى التقرير بضرورة إنشاء إدارة متخصصة لمعالجة هذا الأمر لأنه يسبِّب كثيرًا من الأمراض وانسياب الحركة وزيادة تكلفة الإنتاج وتسهيل مهمة المواطن للاتصال بمراكز الصيانة عبر الطرق الحديثة لتلافي أي ضرر ينتج من الانفجارات والأعطال. وبالرغم من الجهود المبذولة لتحسين الإمداد المائي بالولاية إلا أنه لا بد من مضاعفة الدعم المالي وتحقيق أعلى قدر من أداء الميزانيات المصدقة لقطاع المياه لزيادة حصة الفرد لتقارب «120» لترًا يومياً حسب المعايير العالمية ومراجعة التعرفة الحالية وإيجاد حل لتعويضات العاملين بدلاً من صرفها مباشرة من رسوم استهلاك المياه. هذا الواقع يتطلب من الحكومة الاتحادية ووزارة المالية ومنظمة الصحة العالمية توفير التمويل اللازم لصيانة ومعالجة العديد من المحطات التي تعطلت وتحتاج إلى تجميع محطات هذه القرى في محطات مدمجة وطرح مشكلة المياه ومعالجتها من خلال إيجاد تمويل ومنح وقروض لأن إنسان هذه الولاية يمثل السودان الذي ننشده بنسيجه الاجتماعي البعيد عن النزعات الجهوية والقبلية، فلا يمكن إهدار هذه الثروة البشرية بسبب قصور في التخطيط وترتيب الأولويات وتركه نهباً للأمراض المنقولة بالمياه ونحن في القرن الحادي والعشرين نتحدث عن معايير الجودة الشاملة ونعين لها الخبراء والمستشارين.