ما إن غابت «الإنتباهة» حتى أخرج بعض المنبطحين أضغانهم وطفقوا يهرفون بما لا يعرفون قدحاً وذماً في توجهاتها الوطنية ظناً منهم أن «الإنتباهة» لن تعود لتكشف زيف باطلهم وعوار منطقهم ولتعري ثقافة الاستسلام التي نشروها بين قطاعات مقدَّرة من هذا الشعب الأبي العزيز حتى يستلقي على «قفاه» في انتظار سكين الجلاد الذي لن يفرق بين سكان الخرطوم عندما تجتاحها خيول المغول الجدد. قبل أن أسترسل أرجو أن أشيد بالتوضيح الذي أدلى به الأخ عبد الرحمن أبو مدين عضو وفد التفاوض وهو يعلق على تصريح الرئيس البشير الذي غمّ على الناس حول التفاوض مع قطاع الشمال فقد رهن أبومدين الشروع في التفاوض بتغيير القطاع البغيض لاسمه العميل بما يُنهي ارتباطه بدولة الجنوب التي تحكمها الحركة الشعبية «لتحرير السودان» ومعلوم أن عبارة «قطاع الشمال» تعني أنه قطاع أو جزءٌ من كل أو من أصل هو الحركة الشعبية التي تحكم دولة جنوب السودان. أبو مدين أضاف أن الشرط الآخر يتمثل في تخلي قطاع الشمال عن العمل على إسقاط النظام مؤكداً «أن الوفد الحكومي لن يتفاوض مع عرمان وأن المقصود بالتفاوض هم أبناء المنطقتين الذين يحملون السلاح وحتى عقار لن يتم التفاوض معه بصفته رئيساً لقطاع الشمال إنما بصفته أحد أبناء النيل الأزرق». وهكذا قطعت جهيزة قول كل خطيب وجاء التوضيح من وفد التفاوض الحكومي بل من أحد القيادات المهمة من أبناء المنطقتين. لكن الأستاذ يوسف عبد المنان يأبى ذلك ويقول إن «العنصريين من منبر السلام العادل وضعوا المؤتمر الوطني تحت الابتزاز السياسي» وإنهم خوفوا قيادته من أن التفاوض مع حاملي السلاح من قطاع الشمال يفكِّك الدولة ويذهب بسلطان الحكم بعيداً عنهم» بل إن يوسف في سعيه لتسويق التفاوض مع عرمان هاجم ما سماه بشخصنة القضايا العامة مسمياً ذلك بالسلوك البدائي!! إذن فإن تناول الأشخاص في مفهوم يوسف عبد المنان سلوك بدائي حتى لو جاء به القرآن الكريم من رب العالمين الذي «شخصن» قضية الشرك والإيمان حين رجم أبا لهب بقوله «تبت يدا أبي لهب» وبالتالي فإن شخصنتنا للقضية من خلال رجم «أبي لهب السوداني» المسمى عرمان سلوك بدائي فإذا قلنا وقال أبناء النوبة والنيل الأزرق إن عرمان ظل ولا يزال يتاجر بدمائهم كما ظل يفعل زعيمُه قرنق من قديم لأهداف لا علاقة لها بقضاياهم وإن هدفه هو مشروع السودان الجديد ينبري لنا من ينظرون تحت أقدامهم ليصمونا بالعنصريين وبدعاة الحرب وكأن عرمان وعقار والحلو كانوا يوزعون الحلوى والزهور على سكان أب كرشولا وأم روابة حينما اقتحموا المدينتين الوادعتين وروعوا وقتلوا نساءهما وأطفالهما. أعجب والله ألا يدرك المنبطحون بعد كل الدماء التي سالت منذ أن شنَّ قرنق تمرده اللعين في عام 1983م بأن الرجل وتلاميذه لم يفكروا في يوم من الأيام في قضية جبال النوبة والنيل الأزرق بقدر ما ظلوا يوظفون مقاتلي المنطقتين في سبيل مشروعهم الاستئصالي العنصري وأعجب أن يحاضرنا المتاجرون بالقضية بالرغم من أنَّ من ضحوا بدمائهم في أتون الحرب الضروس وبسنوات عمرهم في سجون الحركة الشعبية أمثال تلفون كوكو وغيره من المعبِّرين الحقيقيين عن آلام وأوجاع أبناء النوبة.. أقول بالرغم من أن هؤلاء الباذلين أرواحهم ودماءهم هم مَن ينبغي أن يتحدثوا ويكشفوا الحقيقة.. حقيقة أن أبناء النوبة استُغفلوا من قبل قرنق وعرمان والحلو وعقار. قطاع الشمال أيها السادة أصدر دستوره الجديد قبل أيام باسم جديد يبدو أنه تخلى فيه عن اسم «قطاع الشمال» واحتفظ باسم «الحركة الشعبية والجيش الشعبي لتحرير السودان» وقد أُجيز دستور الحركة بعد اجتماع «المجلس القيادي القومي» المنعقد من السادس إلى التاسع من أكتوبر 2013 وقد وقَّع الدستور الفريق مالك عقار إير رئيس المجلس القيادي القومي للحركة الشعبية لتحرير السودان والقائد العام للجيش الشعبي لتحرير السودان. ليت من يكتبون في شأن التفاوض وأخص الأخ يوسف عبد المنان يرجعون إلى هذا الدستور الذي يؤكد على ذات الأهداف القديمة المتجددة المتمثلة في «تحرير الشعب السوداني» وفق مفهومهم العنصري البغيض الداعي لإعادة هيكلة الدولة السودانية لتصبح دولة علمانية إفريقية الانتماء وأهم من ذلك مما ظللنا نكتبه طوال السنوات الماضية فإن الوسائل التي نصَّ عليها دستورهم الجديد لتحقيق الأهداف المذكورة تقول «النضال السياسي والجماهيري السلمي والانتفاضة الشعبية والكفاح المسلح والتضامن الإقليمي والدولي والحل السلمي الشامل المتفاوض عليه والمفضي للتغيير» أود أن أسأل الأخ يوسف عبد المنان هل قال هذا الدستور إن هدفه تحقيق مطلوبات منطقتي جنوب كردفان والنيل الأزرق أم أن هدفه احتلال السودان جميعه بجميع الوسائل بما في ذلك الكفاح المسلح ثم هل يجوز للمرتجفين والمذعورين أن يطلبوا التفاوض مع من يعلمون أنهم ليسوا معنيين البتة بجبال النوبة والنيل الأزرق وإنما بكل السودان؟!