«إبراهيم» ابن أخي الصغير، ذو السنوات العشر، ظلّ مشدوهاً إلى واحدة من أفلام الكرتون التي تقدّمها إحدى القنوات المتخصصة في برامج الأطفال، بالدرجة التي لم يستجِبْ فيها إلى نداءات أمه المتكررة له لتناول إفطاره، ولما انتبهتُ إلى فيلم الكرتون الذي كان يُبثُ في تلك القناة هالني أنّ اللغة المستخدمة فيه هي الإنجليزية، ولمّا سألته عقب انتهاء الفيلم هل كان يفهم ما كان يُقال في الفيلم من حوار أجاب بالنفي، لكنه استدرك بالقول بأنّ قصة هذا الفيلم كانت واضحة ولم تكن في حاجة الى فهم اللغة الإنجليزية. سلوكيات دخيلة عبد العظيم الفاضل، «أحد أئمة المساجد بمنطقة الحاج يوسف»، قال بأنّ الاستلاب الذي تُحدثه هذه البرامج الفضائية بالنسبة للأطفال كبير، وأثرها عليهم وعلى أذهانهم وسلوكياتهم أكبر، ففي تقديره أنّ الذين تمّ تصميم هذه البرامج لهم تختلف ثقافاتهم وعاداتهم وتقاليدهم وحتى معتقداتهم عن ثقافاتنا وعاداتنا وتقاليدنا وديننا، ويرى الشيخ عبد العظيم أنّ هناك مَنْ يتحكّم في عقليات هؤلاء الأطفال والتأثير عليهم عبر برامج الأطفال هذه، ولا يستبعد في عدد من البرامج التي يكون فيها العنف مبالغاً أو بعض السلوكيات التي لا تشبه مجتمعنا، أنْ تكون مصنوعة من جهات تريد النَيل من أمتنا. مسموحٌ وغير مسموح الأستاذ أبو القاسم خليفة، «معلّم» بمدارس الأساس، أشار الى نقطةٍ مهمّة وهي أنّ الكثير من القنوات التلفزيونية المحلية، والقنوات الفضائيّة تُقدّم عدداً من البرامج التلفزيونيّة «خالية» من المضمون، ومصنوعة بعقلية متأخرة، واستثنى من هذه القنوات ما تقدِّمه قناة «الشروق» عبر برنامجها «قطار الزهور»، وهو ما جعل الكثير من الأطفال السودانيين يتّجهون مباشرة الى القنوات الأخرى.. لكن الأستاذ أبو القاسم يترك أمر المسؤولية الى ذوي الأطفال، وعليهم تقع مهمة التوجيه الصحيح لأطفالهم، ما هو المسموح بالمشاهدة، وما هو غير المسموح.. قنوات ذات رسالة إكرام الطيب «متخصصة في علم نفس الأطفال»، قالت بأنّ الحديث عن كل برامج الأطفال في القنوات الفضائية بهذا السوء ليس صحيحاً كاملاً، فهنالك بعض القنوات المحترمة وذات الرسالة، فمن هذه الفوائد لهذه البرامج التي تُقدّمها مثل هذه القنوات تعلم التحدُّث باللغة العربية والفصحى، وكذلك الإنجليزية، هذا بجانب تعلّم بعض المعارف الأخرى. هذا بالإضافة إلى أنّ هنالك العديد من القنوات المتخصصة في برامج الأطفال التي لها رسالتها التي من الممكن أنْ تتناسب معنا، وليست كل القنوات التي تقدّم برامج الأطفال تستلب أذهانهم وعقولهم وسلوكياتهم وتؤثر على معتقداتهم كما يُردّد البعض؛ فهنالك القنوات المتخصصة ذات «الرسالات» التي تتناسب معنا، وتتوافق مع ما نريد، إذاً التعميم هنا غير صحيح، وتبقى على الوالدين مسؤولية كبيرة في اختيار البرامج التي تتناسب مع أطفالهم، وعليهم تقع مسؤولية متابعة ما يشاهده أطفالهم، وألا يتركوا لهم «الريموت» كنترول في أيديهم متى أرادوا.