لعبت أفلام الكرتون القديمة دوراً كبيراً في تكوين جيل الشباب واكسابهم القيم الاخلاقية والاجتماعية النبيلة اضافة إلى تأثيرها على اللغة العربية والثقافة العامة والتحصيل العلمي فلا يزال ابطال هذه الافلام حاضرين بقوة في ذهن الشباب ولايزال ذكر سالي وجورجي وغراندايزر موجودا في احاديثهم ومقترنا في مخيلتهم بطفولة جميلة حافلة بالقيم والاخلاق . فلا يمكننا أن ننكر أن لافلام الكرتون فضلاً كبيراً في غرس الكثير من الفضائل الإنسانية مثل الرحمة والعطف والإحساس بالآخرين والتواضع وحب العمل والدراسة والحماس للحلم والنجاح لأنها كانت تستند إلى قصص وحكايات عالمية منسوجة بطريقة راقية ومدروسة . تقول مريم عاصي 25 سنة موظفة ان افلام الكرتون كانت تتميز بالقصص الانسانية التي علمتنا الطموح والشجاعة والرحمة والعطف وحب العمل فمن منا ينسى مغامرات عدنان ولينا وكيف كانت مشاهد الحياة المتطورة في القلعة تحمسنا للمستقبل وكيف تعود مشاهد "أرض الأمل" لتذكرنا بأن الحضارة الحقيقية تقوم على تعاون البشر لأجل خيرهم جميعاً. ومن منا لم يعتمر قبعة ويحمل سيفاً بلاستيكياً تمثلا بالأميرة ياقوت أو كون فريقاً للعب الكرة مثل الكابتن ماجد وكيف تعاطفنا مع ريمي في رحلة بحثه عن أمه . وترى نسرين ويس28 سنة خريجة اعلام أن افلام الكرتون القديمة كانت تتضمن رسائل غاية في الدقة مدروسة اعلاميا من ناحية اللغة المستخدمة فيها مبينة أن شخصية ساندي بيل هي من شجعتها لاختيار مهنة الصحافة وهي التي رسمت لها حلمها للمستقبل. ومازالت في الذاكرة مساحة لابنة الجبال هايدي ولعائلة روبنسون كروزو وابنتهم فلونة ولا أظن أن الشباب خصوصاً سينسون أبداً مسلسل جزيرة الكنز المثير ولا الخمسة عشر رجلاً الذين ماتوا من أجل صندوق. ولم يكن المحتوى المميز هو فقط ما يميز افلام الكرتون بل أن أغاني المقدمة والنهاية لهذه المسلسلات شكلت نشيداً لا يزال يحفظه جيلنا حتى اليوم ولا عجب فقد كانت الأغاني رائعة لحناً وصوتاً ومضموناً. يقول أحمد الحسن 30 عاما إنه مازال يردد هو وأصدقاء الطفولة اغنيات افلام الكرتون القديمة مشيرا الى انه تعلم من هذه الحكايات أكثر بكثير مما تعلمه من المدرسة. ولم يكن ذلك التاثير القوي لبرامج الاطفال القديمة على جيلنا ناتجا من فراغ فقد كان هناك فريق متكامل يشرف على الترجمة ثم الدبلجة والغناء وهو مكون من خبراء لغويين ومن ممثلين وممثلات أعلام في الوطن العربي بأصواتهم المميزة ولغتهم السليمة. وليست أفلام الكرتون وحدها هي من جعلت تلك الفترة ذهبية بالنسبة لجيلنا بل ان وجود إنتاج عربي لبرامج ثقافية مفيدة ومميزة كان من ابرزها برنامج افتح يا سمسم وبرنامج المناهل اكمل هذه الصورة وجعلنا نتعلم اللغة العربية الفصيحة من لسان سكان شارع عشرين وأبو الحروف. ولكن هذه القيم التعلمية والاخلاقية غابت عن شاشات اليوم حسب ما قالت ميرفت سليمان ام لاربعة اطفال والتي اشارت الى إنها تبحث في وجوه أبطال افلام ديزني وقصصها عن معاني انسانية أو قيم أو حتى لغة فصيحة يقوم بها اطفالها لغتهم ولكن دون جدوى فايام سالي وليدي ليدي ذهبت الى غير رجعة ولم يعد لهذه الوجوه الجميلة ومساحات الخير التي تحملها مكانا على الشاشة . تقول ريم درويش اختصاصية في التربية وعلم النفس أن افلام الكرتون القديمة كانت تتجه الى صناعة الانسان وتغذية المشاعر والقيم النبيلة لكن ما نشاهده في افلام اليوم هو تعزيز لأنماط سلوكية سيئة تشجع على الانانية والعنف وعدم تقبل الآخر. وأشارت إلى ضرورة أن تخضع افلام الكرتون لفلترة من قبل الأهل ولا يترك الطفل مقابل التلفاز اكثر من ساعتين لما في ذلك من تاثير سلبي على عقله وحد من مخيلته مشيرة الى ضرورة أن تسترجع التلفزيونات العربية ذاكرتها لتعيد الى الواجهة افلام الكرتون القديمة بجماليتها وبما تحمله من قيم .