يستحق وزير الصحة بولاية الخرطوم البروفسير مأمون حميدة حملة مؤازرة ودعم في خلافه مع مجلس تشريعي ولاية الخرطوم برئاسة الأستاذ محمد الشيخ مدني فيما يتصل بتطبيق لائحة مكافحة التبغ التي وُضعت على منضدة المجلس في بداية هذا العام 2013، السيد وزير الصحة بدأ في تطبيق اللائحة بفتح بلاغات ضد مخالفيها خاصة المادة الثامنة من اللائحة التي تحتوي على فقرات مهمة منها: 1/ حظر زراعة التبغ بولاية الخرطوم 2/ منع زيادة عدد مصانع التبغ بالولاية. 3/ حظر التصاديق أو الترخيص لمحلات بيع التبغ قرب أماكن بيع الطعام. 4/ فرض عقوبات وغرامات على كل من يتعاطي التبغ من العاملين في مجال تقديم الطعام أو في المجال الصحي أو المعلمين والطلاب. أعتقد أن قانون مكافحة التبغ لو لم يحتوِ على زيادة إلاّ هذه الفقرات لكفت أن تشكل لحمة متماسكة في مكافحة التبغ الذي يتسبب في قتل مئات الآلاف سنوياً، حيث إنه أحد الأسباب الأهم في الإصابة بالسرطان طاعون العصر القاتل الصامت، بل إن فرعيات هذه المادة صالحة بامتياز أن تعمم في قانون قومي يشمل كل ولايات السودان حتى يحمي صحة الناس والشباب من الدمار الشامل. لقد كان موقف رئيس المجلس التشريعي بولاية الخرطوم غريباً ومثيراً للدهشة أن يعقد مؤتمراً صحافياً حول تطبيق لائحة مكافحة التبغ التي بدأ إنفاذها معترضاً على التطبيق، بل الأدهى والأمرّ أن المجلس التشريعي بولاية الخرطوم قد أصدر قراراً بإيقاف العمل بهذه اللائحة.. السؤال لمصلحة من يحاول المجلس التشريعي الوقوف في وجه وزارة الصحة الولائية ومنعها من ملاحقة منتهكي تطبيقات اللائحة التي وقع عليها وزير الصحة الولائي ثم أودعت على منضدة المجلس للمصادقة عليها؟ لمصلحة من يوقف العمل بها؟ هل من أجل مصلحة مصانع التبغ وزارعيه وبائعيه ومروجيه، لأن هذه الجهات تدفع مثلاً لخزانة الدولة؟ هنا نتساءل كم تدفع هذه الجهات إلى خزانة الدولة؟ وكم تصرف الدولة من أموال لعلاج مصابي أمراض القلب والرئة والشرايين وتكاليف دواء السرطان الذي يتسبب فيه التبغ؟ هنا لا نريد أن نكرر فتاوى تحريم التبغ التي أصدرها العلماء والفقهاء لقد داس كثيرٌ من الناس على هذه الفتاوى الدينية ووضعوها وراء ظهورهم!! لكن أليس مهماً لكثير من الناس الاكتراث للفتاوى الطبية التي أكدت بلا تحفظ أن التدخين ضار بالصحة؟ إن لائحة تنظيم أعمال المجلس التي أجازها المجلس نفسه أعطت السلطات التنفيذية بالولاية حق تطبيق اللوائح بمجرد التوقيع عليها من الجهة المختصة سواء أكانت وزارة الصحة أو غيرها فلماذا الانقلاب والردة على لائحة مكافحة التبغ وسحبها وإعلان الحرب في مواجهة وزير الصحة في موقفه النبيل؟ السيد رئيس المجلس التشريعي محمد الشيخ «أبو القوانين» قدم مبررات مفادها الآتي: 1/ إن اللائحة تدخلت في اختصاص هيئة المواصفات والمقاييس فنياً، وتتعارض أيضاً مع اختصاص التخطيط العمراني. 2/ أنها تخالف قانون مكافحة التبغ لسنة 2012م. 3/ أنها تخالف نصوصاً من الدستور القومي. إذا كان أمرها كذلك فلماذا لا توفق أوضاعها بدلاً من سحبها وإلغاء العمل بها؟ نأمل أن يكون السحب لأجل التعديل وليس التعطيل لمصلحة جهات على حساب صحة المواطنين وتأمين حياتهم من المخاطر.. إن مصانع التبغ بأمر من وزارة الصحة تكتب على سطح صندوق التبغ تحذيرًا من وزارة الصحة «التدخين ضارٌ بالصحة» في مساحة تقدر ب 30% من مساحة الصندوق الكلية بينما وزارة الصحة العالمية تقضي أن تكون المساحة 50%، وفي دول الاتحاد الأوروبي الذي فتك التدخين بشعوبه خاصة في بريطانيا قضى أن تكون مساحة التحذير في الصندوق بنسبة 70%.. إن أماكن بيع التبغ والتمباك تزاحم أماكن بيع الأطعمة والمشروبات والمطاعم في العاصمة الخرطوم حيث فرضية أن تكون صحية ونظيفة دع عنك الولايات الأخرى خاصة ولايات الجزيرة وكسلا ودارفور، إن المرء يجد مضايقة شديدة من انبعاث الدخان وروائح التمباك في المركبات العامة والمستشفيات والمدارس، وهذا السلوك يُلحق أضراراً بالغة بكثير من الناس من خلال التدخين السالب، أليس الوزير مأمون حميدة محقاً في عزمه تطبيق اللائحة لحماية حياة المواطنين التي من صميم واجبه باعتباره المسؤول الأول في مجال الصحة بولاية الخرطوم؟ إذن فلماذا يعرِّض المجلس التشريعي بولاية الخرطوم حياة المواطنين للخطر بدخوله طرفاً في الصراع مع الوزير بسحبه هذه اللائحة وتعطيل إنفاذها؟