مازال حديث المدينة عن التشكيل الوزاري الجديد يأخذ حيزاً مقدراً في الأوساط المختلفة، ويتحدث به العالم بالسياسة والجاهل ببواطنها. حيث يرى البعض أن التغيير لا بد منه في كل المناصب التشريعية والتنفيذية، بعد أن ظلوا ردحاً من الزمان ممسكين بمناصبهم، وإن كان تقييم البعض لهم معرضاً للنقد السلبي أو الإيجابي، ولعل ما يميز هذا التغيير أنه مفتوح لكل الاتجاهات، فيما صرح رئيس الجمهورية بأنه التغيير سيكون جذرياً لكل ولاة ولايات السودان. ويرى مراقبون أن تغيير ولاة الولايات لا بد منه في ظل الظروف التي تمر بالبلاد وعدم تقديم ما يفيد مواطني تلك الولايات غير الوعود الجوفاء التي ظلوا يطلقونها في كل مسيرات تدشين حملاتهم ولم يجنوا منها إلا السراب، ورحبوا بالتغيير الذي سيقتلع الجميع دون استثناء خاصة حاملي بطاقات الشرعية لكونهم منتخبين لم يقدموا لها ما يفيد إنسانها، وظلت ترزح وتعاني طوال الفترات وخصوصاً الفترة التي اعقبت الانتخابات بالفقر المدقع ومرت بطيئة ومتعثرة وثكلى ترثي واقع تلك المناطق ولم تحقق شعاراتهم الانتخابية البراقة التي أطلقها أولئك الحكام في ولاياتهم على كثرتها ضعيفة ينعق فيها بوم الخواء الاقتصادي والفراغ المالي والإنتاجي، بالرغم من أن تلك الولايات بها منافذ كثيرة للإنتاج الذي يفيض ليغطي كل ولايات السودان، ولكن من المسؤول عن هذا الإهدار المفرط فإذا تفقدنا ولايات شرق السودان فقد أرهقها التبلد الذي يعاني منه أفكار الحكام ومخصصات الحكم، ففي الوسط تعاني الولايات من الإنتاج المتدني الذي يكاد يكون معدوماً، فولايات الغرب أعياها الصراع وأنهكتها الحروب التي لا تنفك منها إلى أن أصبحت أسيرة تلك الصراعات من أجل الحكم، وما عاد الكرسي يسع الجميع، لهذايرى البعض أنه لا بد من التغيير الكلي لولاة تلك الولايات ليتطلع سكانها لتغيير يقلب طاولات ظلت بلا حركة وضربها السكون والانتظار. فسر مراقبون خطوة التراجع عن الولايات بالمحطة الأخيرة ليصبح التغيير ذا سعة لا يتجاوزها، باعتبار أن التصريحات السابقة لحزب المؤتمر الوطني أكدت أن التغيير سيشمل جميع المستويات. فيما ينتقد المحلل السياسي عبد الوهاب كوكو في حديثه ل «الإنتباهة» ينتقد خطوات التغيير بأكملها ما لم يسبقها تخطيط وطرح سياسات تمثل الدواء الناجع لكل القضايا والمشكلات التي تجابه البلد ولم يكن الحل في هذا الإطار، والحديث لكوكو، فقد يكون التغيير «تحصيل حاصل» لم يستفد منه غير تغيير الوجوه التي اعتدنا عليها بأخرى، أما بالنسبة للولاة فقد طلب منهم الرئيس تقديم استقالاتهم، فهذا يطيح بشرعيتهم التي جاءوا بها عبر انتخابات شرعية ويخصعون لتقييم في الأداء خلال فترة بقائهم بتلك الولايات، وما قدموه لها فقد يكون بقاؤهم على حسب تقييم آدائهم بولاياتهم، فيما أشار أحد النواب فضل حجب ذكر اسمه ل «الإنتباهة» إلى أن بعض الولاة أداؤهم يعتبر خصماً على الحزب والدولة ولم يقدموا ما يفيد المواطن، واستنكر على بعض تشكيكهم في نيه السلطة الحاكمة على التغيير وضخ دماء شابة جديدة تقود حركة الإصلاح والتغيير التي ينادي بها الشعب والإصلاحيون من الداخل والمنشقون والمعارضة، ولعل أبرز الخطوات الشجاعة هي التي أقدم عليها كبار قياديي الصف الأول للحركة الإسلامية والمؤتمر الوطني بتنحي طه ونافع بإفساح المجال لوجوه أخرى تفيد البلاد والعباد، وأن التعديلات الجوهرية التي حدثت بالجهاز التنفيذي تهدف إلى الإصلاح والاستجابة إلى التغيير ومطالب الشعب، ويرى البعض أن خطوة الإبقاء على الولاة بهذه الوضعيات وإن ادعوا مجيئهم عبر انتخابات حرة ونزيه، ربما يفقد المؤتمر الوطني الكثير خاصة وأن معظم الولايات تشهد سخطاً كبيراً، وربما تؤدي بالولاة لمزيد من تكريس السلطة في أيديهم والنوم في عسل السلطة.