سقطت مقاطعة ملكال عاصمة ولاية أعالي النيل في يد قوات رياك مشار بقيادة اللواء قار كوث عقب اشتباكات عنيفة أمس، وسيطرت في ذات الوقت على القيادة العامة بملكال والقطاع الجنوبي واجتاحت سوق الملكية، بينما سلَّم حاكم مقاطعة الناصر نفسه لقوات مشار، وقُتل «12» من الحرس الشخصي لحاكم الولاية. وقام التجار الشماليون بالخروج من المدينة براً، واحتمى مواطنو المقاطعة بمقر بعثة يونميس الواقعة شمال المدينة، فيما كشفت الأممالمتحدة عن عثورها على مقبرة جماعية تضم قرابة «75» جثة في ولاية الوحدة، ومقبرتين جماعيتين أخريين في جوبا. رحلة هروب في ذات الأثناء وصل إلى العاصمة جوبا حاكم ولاية الوحدة جوزيف منتويل بعد رحلة هروب استمرت يومين، وحطت مروحية بمطار جوبا أمس بها أربعة حراس ساعدوا الحاكم على الهرب عبر ولاية البحيرات، فيما أعلنت جوبا رفضها الحوار مع د. مشار وفق الشروط التي أعلنها قبل أيام، وتمسكت بإدارة الحوار في جوبا، ورفضت بشدة إطلاق سراح المعتقلين واعتبرتهم مجرمين سيقدمون للمحاكمة. الزحف في المقابل، واصلت قوات مشار زحفها نحو أكوكا باتجاه فلج واقتربت من حقول النفط هناك، بينما هرب حاكم أعالي النيل لجهة غير معلومة، وتوقفت في هذه الأثناء شبكات الاتصالات عن العمل في معظم ساعات النهار بالولاية، وشهدت مناطق عديدة اشتباكات عنيفة بين الجيش الشعبي وقوات مشار باتجاه السوباط. وفي ذات السياق، طالبت مفوضية الأممالمتحدة السامية لحقوق الإنسان نافي بيلاي الجانبين بحماية المدنيين وحذَّرت من أن القادة العسكريين والزعماء السياسيين قد يمثلون للمحاكمة لارتكاب جرائم. وقالت بيلاي في بيان: «حالات القتل الجماعية التي تتم خارج نطاق القضاء والتي تستهدف أشخاصاً على أساس العرقية والاعتقالات الاستبدادية تم توثيقها في الأيام الأخيرة». وأضافت قائلة: «اكتشفنا مقبرة جماعية في بانتيو بولاية الوحدة، وهناك تقارير بوجود مقبرتين جماعيتين في جوبا يعتقد أنهما من جنود الجيش الشعبي». في غضون ذلك بسطت قوات مشار سيطرتها بالكامل على مدينة ملكال، ونقلت مصادر خاصة بالمقاطعة احتماء قوات الجيش الشعبي بمطار ملكال في انتظار وصول طائرات لإجلائهم، بيد أن مصادر متطابقة أكدت وقوع اشتباكات في محيط المطار بالمدفعية الثقيلة، ومقتل عدد كبير من قوات الجيش الشعبي هناك. إغلاق الآبار وفي سياق ذي صلة، كشفت متابعات «الإنتباهة» في وقت متأخر من ليل أمس عن وصول د. مشار إلى منطقة «التوج» وإقامته في إحدى «الواكات» بالمنطقة. وأكد مصدر مطلع أن نائب رئيس دولة جنوب السودان السابق يدير العمليات العسكرية بنفسه ويشرف على تجهيز القوات ومراحل تحركاتها. من جانبها، أعلنت القيادة العامة لقوات الانقلابيين عن إغلاق آبار النفط تماماً بولاية الوحدة، وسلَّمت خطابات إلى كل الشركات العاملة في الإنتاج بالولاية توجههم بالمغادرة وإجلاء موظفيها في غضون «48» ساعة. وفي هذه الأثناء أعلنت دولة الجنوب رسمياً توقف إنتاج النفط بولاية الوحدة، وقال وزير النفط ستيفن ديو، إن إنتاج بلاده من النفط تراجع إلى «200» ألف برميل من جملة «250» ألفاً عقب توقف الإنتاج في حقول الوحدة. حوار ولكن من جهته، أكد الرئيس سلفا كير رفضه استمرار الحرب في بلاده، مشدداً على استعداده للحوار مع نائبه السابق رياك مشار. وجزم في كلمة له أمام البرلمان، الذي انعقد لأول مرة منذ اندلاع الأزمة أمس، عن استعداده للحوار مع نائبه السابق ومجموعته دون شروط مسبقة. وقال: «أظن أننا يمكن أن نحل هذه المشكلات عن طريق الحوار، كما يمكننا إيقاف دماء شعبنا. إذا وافق مشار على التفاوض لكن دون شروط مسبقة»، وأدان بشدة الانتهاكات التي ارتكبت ضد المدنيين في مدينتي بور وأكوبو في جونقلي، وأضاف قائلاً: «أرجو من الدكتور مشار إدانة الانتهاكات التي تجري ضد مواطنينا وقوات حفظ السلام». وفي سياق متصل، لفت المبعوث الأمريكي الخاص دونالد بوث إلى أنه التقى بجميع المعتقلين ال «11» وقال في تصريحات صحفية: «قابلت المعتقلين وتتم معاملتهم بطريقة جيدة وهم بخير»، بينما علمت الصحيفة أن المبعوث التقى المعتقلين بمقر إقامة المفتش العام للشرطة بجوبا في حي العمارات. وذكر بوث أن المعتقلين نقلوا له رغبتهم في قيادة مبادرات لحل الأزمة الناشبة والوفاق الوطني. استرداد بور أعلن الرئيس سلفا كير ميارديت استعادة الجيش الشعبي لمدينة بور من يد قوات مشار التي استولت عليها قبل أيام، وقال للصحفيين في تصريحات بمكتبه في جوبا بحسب «رويترز» أمس: «استردت القوات الموالية للحكومة بور وتعكف الآن على تطهيرها من أي قوات باقية هناك».