الانتظار ساعات في الملاعب .. حيث الهواء منعش والضحك لسبب ولغير سبب، وحيث يسحب كل واحد احتياطيه من القوة والحماس ويضعه في عينيه وأذنيه ويديه.. وفي نفس الوقت يشرب ويأكل ويضحك ويرتفع صدره ويمتلئ بالصحة والعافية.. وتمضي «90» دقيقة وهو يصرخ ويغضب ويصفق ويتحول من دون قصد او بقصد الى طفل صغير. هكذا أنظر لكرة القدم وهذه وجهة نظري التي لا أحيد عنها. ومن قناعاتي أن الانسان لا يكاد يتحدث في اي موضوع جاد حتي ينحرف للحديث عن الكرة .. أو على الأصح لا يكاد الواحد منهم «ينحرف» بحديثه عن السياسة وتكاليف الحياة حتى «يستقيم» الحديث ويتجه الى الكرة والكأس والدوري، وعندما تكون المباراة مثل مباراة المريخ ٭ بايرن ميونخ، المباراة التي سبقها الكلام، قبل الاستعداد لها والإرهاب النفسي الذي عاش فيه جميع أفراد الشارع الرياضي السوداني.. المباراة الودية الأكثر شهرة على حسب مجريات السياق الذي نوهت به وأعلنت هذه المباراة، المباراة التي كانت تجري خارج صافرة الحكم والخشبات الثلاث.. كان الهدف الذي هز شبكة عشاق الكرة لفريق المريخ وهو يواجه الكبار .. وانت حر في ما تري من الآراء ما تشاء ومن النظريات ما تحب .. وأن تدعو الى ما تؤمن به بالعقل وبالحكمة وبالعاطفة التي هي مقياس لجميع الانفعالات الخاصة بنا. والمريخ حينما كان في موعده مع بايرن يونيخ بطل اندية العالم لم يكن مطلوباً منه أن ينتصر او يحقق الفوز او يخرج منه متعادلاً رغم أحقيته بالانتصار والفوز والتعادل. فالملعب يعرفه والكرة يلعبها ولا ينقصه ما يحقق به تلك الثلاثية.. ولكن الأجدر والأهم من تلك المباراة هي أن يثبت بأنه فريق يحافظ ويحتفظ بإنجازاته وبطولاته واعتباريته، باعتباره بطل السودان في اللعبة امام بطل اندية العالم. وأثبت المريخ وجوده وقدم عرضاً شرف به الكرة السودانية، والنتيجة خرج بها 2/ صفر نتيجة مباراة قوية متكافئة من حيث اللعب على ارضية الملعب الأخضر. ولعب المريخ امام بطل العالم باربعة لاعبين فقط على كامل الجاهزية للمباراة امام البقية التي تعاني من ضعف اللياقة وعدم الجاهزية، ورغم ذلك لعب فوق المستوى رغم انه خاضها دفاعية بحتة، ولم تشكل هجماته المرتدة التي اعتمدها خطورة علي الباير. والتحدي الذي واجه لاعبي المريخ داخل الميدان هو أنهم يتعاملون مع الكرة وليس الأسماء ولا ضخامة الخصم وعالميته. وهذا ما لمسناه في الشوط الثاني. ونتمنى ان تكون من دروس مباراة البافاري التي يجب الأهتمام بها، تسريع الانطلاق للاطراف والاختراق من العمق والتمريرات الدقيقة والتسديد من كل الزوايا، وليس الاهتمام فقط بالجانب الدفاعي.. ومحاولات التركيز على حماية اكرم الهادي من محاولات البافاري جعل أداء المريخ دفاعياً وتوغل داخل منطقة حارس مرماه . كما لم نر الكرات الثابتة اوالمتحركة من الكرات العرضية خلال المباراة. ومن المعروف أن جوارديولا يعتمد طريقة لعب تناقل الكرة والتمرير السريع وهي الطريقة المعروفة ب «التيكي تاكا» حيث تعتمد على الجانب الهجومي وتنويع المصادر من العمق، وهي طريقة لعب تشل حركة اي فريق وتجعله يلعب دفاعياً فقط، وهذا ما حدث للمريخ امام البافاري. وشاهدنا مباراة غاية في الروعة بصرف النظر عن نتيجتها في لوحة النتائج.. فشكراً ايها المريخ