أصبحت الرياضة من أهم عناصر ربط الشعوب بعضها ببعض، للدرجة التي أخذت تلعب دوراً هاماً حتى في العلاقات السياسية، فقد بدأت العلاقات الدبلوماسية بين الولايات بمباراة في تنس الطاولة!! روسيا الفيدرالية ومن قبلها الاتحاد السوڤيتي تضع الرياضة في المرتبة الأولى من الاهتمام، فقد كان الاتحاد السوڤيتي ومن بعده روسيا يستحوذان على معظم الميداليات وهذا راجع للاهتمام بالرياضة في روسيا!! الاهتمام بالرياضة في روسيا الفيدرالية بلغ أعلى المستويات حتى أن الإشراف على الدورات الرياضية العالمية التي تجرى على الأرض الروسية تحظى باهتمام ورعاية الرئيس الروسي بوتن وهو الرياضي المعتق وبطل من أبطال لعبة الجودو، ومارس الرئيس بوتن هذه اللعبة حتى الآن الشيء الذي أعطاه القوة اللازمة والحيوية للعب دور عالمي في السياسة الدولية!! وفي الصيف الماضي أقامت روسيا أولمبياد الجامعات في مدينة كازان وقد شاركت فيه أغلب جامعات العالم، وقد استقبلت مدينة كازان عشرات الآلاف من الطلاب المشاركين من جميع أنحاء العالم، الأمر الذي نال إعجاب المشاركين، وقد كانت المناسبة الرياضية مدخلاً للتعاون الرياضي والعلمي بين جامعات العالم وروسيا، وقد اختلط طلاب العالم بعضهم ببعض وتوثقت العلاقات بينهم الأمر الذي لم يكن متاحاً لولا هذه المناسبة الرياضية التي جمعتهم في مدينة كازان الروسية!! في الأيام القليلة القادمة ستبدأ دورة الألعاب الشتوية في مدينة سوتشي الروسية، ومدينة سوتشي تعتبر عروس القوقاز، ومنطقة القوقاز من أجمل المناطق الطبيعية في روسيا والعالم، ومدينة سوتشي تعتبر قمة جمال المنطقة، فهي تمثل منتجعاً صيفياً وشتوياً في آن وهي منتجع عالمي، وقد كانت القوقاز مقراً لأحد أهم المؤتمرات أثناء الحرب العالمية الثانية!! ولأن الأولمبياد مناسبة عالمية يهتم بها كل العالم ولها أثر سياسي ملموس فقد كانت السياسة دائماً ما تلعب دورها في محاولة للتأثير عليها، وأذكر أن السياسة قد لعبت دوراً كبيراً في أولمبياد موسكو الذي حاولت واشنطن إفشاله بمقاطعته، ولكن كل محاولات إفشاله باءت بالفشل وأخرجت موسكو الألعاب الأولمبية في أبدع صورة!! والآن استعدت روسيا خير استعداد لدورة الأولمبياد الشتوي في سوتشي ويبدو هذا الاهتمام جلياً في متابعة الرئيس بوتن شخصياً للأمر. فالميزانية التي أفردتها موسكو لهذا الأولمبياد لم تحدث في تاريخ الألعاب الأولمبية!! أولمبياد سوتشي طغى على ما قبله من أولمبيادات كذلك الذي شهدته ڤانكوفر وقبله من الألعاب الأولمبية في سولت ليك سيتي في أمريكا وغيرها. فالاستعداد لهذا الأولمبياد لم يكن مسبوقاً باعتراف اللجنة الأولمبية نفسها، والتي استبعدت تأثير العمليات الإرهابية التي تحاول الجهات المعادية للسلام في العالم إفشال هذا الحدث العالمي الكبير الذي يهدف أول ما يهدف إلى السلام، ويدعو من خلال المنافسات الرياضية إلى المنافسة الشريفة بين الشعوب والتي يتعانق بعدها الفائز والمهزوم انتصاراً للسلام!! هناك قوى خفية تحاول إجهاض هذه الدورة الرياضية بأعمال إرهابية خاسرة، ولكن الدولة الروسية بقيادة الرئيس بوتن عازمة على إنجاح هذه الدورة التي بهرت العالم قبل أن تبدأ، والقوى الخفية الإرهابية ومن وراءها لا يدركون حقيقة هامة، هي أن السلام وحب الشعوب للسلام أقوى من أي إرهاب يحاول تعكير صفوه الذي سيرفع راياته الرياضيون من جميع أنحاء العالم وأن عروس القوفاز سوتشي ستكون كذلك منتجعاً للسلام كما كانت منتجعاً للراحة وكما كانت القوقاز مقراً لمؤتمر الحلفاء إبان الحرب العالمية الثانية حيث نعم رؤساء العالم إستالين وروزفلت وتشرشل بالراحة في إقليم القوقاز وكان ذلك المؤتمر مقدمة للإحلال والسلام في العالم!! القوقاز التي لعبت دوراً هاماً في الحرب تلعب اليوم دوراً أهم لتعضيد السلام في العالم عن طريق الألعاب الأولمبية الشتوية حيث التنافس بالقدرة والصبر والعزيمة والجهد والعرق لا بالبندقية والعبوات الناسفة!! وسوتشي ستنتصر بالسلام الذي جمعت من أجله الرياضيين من شتى أنحاء العالم، فإيمان من عملوا على نجاح هذه الدورة بقيادة الرئيس بوتن أقوى من كل تفجير إرهابي يريد تعكير صفو السلام المنشود!!