شعار أنيق ومضمون عميق اختارته مدينة شندي الحضارة ليكون انطلاقة لمهرجان السياحة والتسوق الثاني بها، وبعيداً عن التعصب والجهوية سأحكي لكم بصدق الحديث عن شندي الروعة، ليس لأنني أحد أبنائها فقط ولكني احتفظ لها بكثير من الذكريات والوقائع والأحداث التي تؤكد بأنها مميزة عندي وعند كل من مر بها وعليها، فشندي مدينة الجمال والسياحة والتسوق فالسياحة عندها تمتد عبر آثار البجراوية الشهيرة وشلال السبلوقة والنقعة والمصورات كأكبر مواقع سياحية غير مفعلة في العالم حسب اعتقادي وشندي تلك المدينة الوارفة الوديعة تتميز بكثير من الثوابت الطبيعية والمناظر التي تظل ترسخ في عقل الجميع، فداخل المدينة نجد الأشجار وارفة الخضرة والظلال أمام كل بيت بالأخص «بيوت حلة البحر» ولمة بكري السيد الأزرق وجمال القعدة قدام بابو وجلسات السمر والفكاهة والضحك وبنطون شندى بموقعه القديم والجديد «المعدية» هو ذاته منظر سياحي يسر الناظرين وقد شاهدت لوحة رائعة بريشة أحد الهواة في معرض أقيم بمدينة سان بطرس بروسيا وفوجئت عندما قرأت التعليق أسفلها وهي عن حركة الناس أمام معديه شندي، ترجم فيه الفنان بريشته منظر الناس الراجلين والحاملين لأغراضهم الحياتية بعد أن تسوقوا وتزودوا من سوقها الخير باحتياجاتهم اليومية قاصدين بها الضفة الغربية من النيل والتي تمتد فيها قرى الكردة، السيال، النوراب، الجوير، كلي وحتى المكنية وسقادي وجل حرصهم وهم يهمون بصعود البنطون على إيجاد مكان لهم فيه رغم الازدحام وأجمل ما رأيت في تلك اللوحة المواشي والأبقار والمدافسة وطاقية عمنا «طلب» عليه الرحمة وحرصه على التحصيل وجديته المفرطة!!! والسياحة فى شندي لا في المواقع والمناظر فحسب بل نجده فى إنسانها الرائع اللطيف ،،، عليه رحمة الله عمنا «السر محكمة» فقد كان وجوده بيننا سياحة للنفس وترويحا ونحن نستمع لحديثه الرصين وإرشاداته القوية وفصاحة لسانه وهو يمثل لنا الكرم والسعادة ولا أظن أن أحدا مر على شندي ومحاكمها لم يتجود عليه عمنا «السر محكمة» بالحلوى التي كان يحتفظ بها طول أيامه بجيب جلابيته المميزة ببياضها اللامع وأذكر أن الأخ «عبد الله الصافي» شجعني في معاودته أثناء رحلة مرضه في بحري ورغم ظروفه الصحية إلا أنه أصر على وداعنا والنهوض وظل يفرفر فى جيوبه حتى مد لنا ما تعودنا عليه ونحن نمازحه بحزن وفرح «يا حليل شندي وحلاوة شندي فاختلاف الزمان والمكان تفقد الإنسان طعم المذاق وإن كانت حلوى» عليك رحمة الله فقد كنت سياحة قيم ومعاني بشندي ولشندي ،،، والسياحة في شندي تجدها في ديم عباس جلسات الفكاهة وتميز عندها في ذلك الزمن الجميل مطعم عمنا نصر وحرمه بنت البروجي!! ودي حكاية وقصة طويلة يصعب أن نترجم معانيها في هذه الأسطر فقد كانوا ملتقى جميلا للشعراء والفنانين والأدباء وظرفاء المدينة والرياضيين وجمعت معجبين وأنصار نادي النسر وعنصرية الديامة لفريقهم وكانت بحق سياحة وستظل،،، وعشقنا في شندي مسميات للذكرى وليس الحصر تميز أولاد مصطفى وعيش فرنهم العجيب والبرستيج في حياتهم وسط بساطة المدينة وتميز في شندي التيمان وقهوة الجمال والإبداع وتميز عندها شيخ عبد الرحيم إمام ومرشد الجامع الكبير بصوته الجهور ورصانة حديثه ،،، تميز فيها أولاد أبو جوخ واتقانهم للتجارة حرصهم على المال وتوظيفه التوظيف المناسب،،، تميز فيها البسطاء أصحاب النكات والمقالب أب دومة وسريرة السر العجيب وحسين كرستاني وصوت فرقعة أسنانه وحتى الأقباط كانوا بيننا مميزين وعاشوا وإلى الآن في تمازج وروح صدق فكانت السياحة والتسوق من قديم بدكان ادور سمعان وشفنا روعة التسوق وكل ما هو جديد في محلات حزقيال ولطفي سمعان،، وجدنا بين ظرفائها الأمين عترة «عليه الرحمة» وفيها أحببنا جمبل،، ملين ،،، وكمونية ومصطفى نقي ،،، طبوج ،،، أبو الجاز ،،، أحمد ضرس ،،، باسطة الدرديري ،،، وغيرهم وغيرها كثيراً من الذكريات والسياحة ولا أنسى أن مدينة شندي قد تميزت كذلك بأفذاذ في المجال الرياضي ولعل درة شندي عبد المحمود ساردية كان له وجود ذهبي في ذلك الزمن الرائع وشندي أضافت حديثاً تطورا كرويا واجتهادا وتميزا بفريق الأهلي الذي برزت مواهبه فى السنين الأخيرة،،، أما عن التسوق في شندي فالحديث ذو شجون عن سوق شندي وزنك الخضار واللحمة وزنك النسوان وكسرة حاجة زينب وسمنة التاية ومفاريك مبروكة وفسيخ النقادة!! فستجد الإبداع وأنت تمر وتتجول وسط معروضات هؤلاء وحركة النشاط التى تشاهدها وفي محطة القطار نجد الإبداع والتميز في الفرد والطعمية والطواقى،،، وقد وجدت نفس الحراك الثقافى والتسوق والإبداع فى أروع مدينة عربية هي مراكش تتشابه عندها كل التفاصيل بشندي فقط اختلاف التطور والتنظيم والإمكانيات والتوظيف الصحيح لتكن شندي كما هي مراكش فكلها مناظر بديعة تدهشك فيها القناعة والرضاء بالقليل فحاجة التاية ما تعرضه من حويجات لا تزيد قيمته عن خمسين جنيها ترضى بثمانية جنيهات ربحا وتلملم أغراضها وترجع لدارها وهي قمة فى السعادة والخير الوفير الذي جنته،،، وان تسوقنا «للملجة» ستقتنع بأن شندى مركزا تجاريا لا يستهان به فى التوزيع والتسويق فالخضروات والفواكه ترد اليه من العالياب والزيداب والقرى المجاورة التى تنتج تلك الاصناف وتنبسط وانت تشاهد كل تلك الخيرات من ارض بلادى وما هى لحظات حتى تنتهى كل المعروضات والملجة هى مركز تجمع المنتجات بسعر الجملة، وأنا اعتقد بأن الإخوة بشندى قد أفلحوا بأن يكون لشندى مهرجان للتسوق تانى وثالث ورابع فهى أصلا مهرجان دائم وهى الأنسب بمقتنياتها وموجوداتها ولعل وجود الاخ المعتمد «الحويج» على رأس تلك الفكره كان له الاثر الناجح فهو ابن المنطقه درس وترعرع فيها وقد سمعت آراء الكثيرين عنه فهو قمة فى البساطة لا يترفع او يتعالى على ماضيه بين هؤلاء البسطاء ولا نريد ان نقسم ظهره فيكفيه شرفا انه محبوب عند هؤلاء البسطاء وفكره المهرجان الذى انشأه فكرة تستحق منه الثناء والشكر والتقدير فهو يعي عن شندي وعن تميز بنيها الكثير ويفهم طبيعة النفس البشرية عند غالب أهلها فالضحك والفرح والطيبة والكرم هو أغلى ما عندهم لذا كان نجاح تلك الفكرة وهذا الملتقى السياحي التسويقي نجاحا منقطع النظير فى اعتقادى وشندى حقيقة تحتاج لوقفة قومية حتى نباهي بها وتكون كما هي مراكش الآن فعلى ابنائها ممن حباهم الله بنعمة المال أن يسعوا ليطوروا المواقع الاثرية ويهيئوا للسياح سبل الراحة ويجلبوا الشركات الكبرى لتطوير السياحة ولا مانع من ان تكون فكرتهم استثمارية فى ذلك يفيدوا ويستفيدوا منها وأنا أعلم أن من بينهم من يتطلع للنهوض والمشاركة في تلك المبادرة الوطنية الصادقة فبقليل من القناعات والتوكل يمكننا أن نجعل من شندي جنة الله في الأرض، فعندها نجد كل المقومات الطبيعية فقط نحتاج لمشاريع كبيرة نؤهل بها تلك المواقع السياحية لتكون جاذبة ونحول بثبات وقوة تلك المدينة لحدث عالمي ورسالتي لكم ابناء المنطقة ولك اخي الوليد فايت فقد أفادت فكرة استثمار«فابي» واضافة لنا ولك الكثير وكذلك وأخى صلاح إدريس وكل القادرين فنحن نحتفظ لكم بكثير من الفضل والعرفان لما خصصتم به شندى من مشاريع تنموية واستثمارية ساعدت كثيرا فى النهضة، وأعلم تماما بأن غيركم كثيرين فقط تحتاج مبادرتنا لقائد يكسر بها حاجز الخوف من الولوج فى هذا العمل وأنا أثق فى أنكم أهل لذلك ويجب ان تغتنموا فرصة وجود هذا الرجل الصادق الشاب الجرئ المخلص المتفاني «حسن الحويج» فعلاقته بالمركز قوية حسب علمي وفكره نشط وطموحه جاد ومقدرته لدعم هذا العمل قوية، وبذلك نكون قد خرجنا من ذلك المهرجان نترجم الشعار المرفوع لواقع معيش فهي حقاً «حضارة في القدم منبع للقيم».