حوار: هادية قاسم المهدي تصوير: متوكل البيجاوي الأستاذة التشكيلية كمالا إبراهيم إسحق تخرجت في كلية الفنون الجميلة والتطبيقية، الخرطوم «1963م»، درست بالكلية الملكية لندن ونالت زمالة الكلية تخصص جداريات، ودرست فيها كورس لمدة عام في الرسومات التوضيحية، الطباعة والليثوغرافيا، عملت محاضرة ورئيسة لقسم التلوين بكلية الفنون الجميلة والتطبيقية، الخرطوم، وحائزة على الجائزة الأولى لجناح السودان، بينالي الإسكندرية.كنا على موعد معها لإجراء هذا الحوار، وكانت جلستنا بمركز شبرين حيث معرضها الذي اُفتتح أمسية السبت المنصرم، وبالرغم من ضجيج الحضور الذي لم يتوانَ في (مقاطعة) الحديث بيني وبينها إلا أننا استطعنا أن نظفر ببعض الإفادات، وكان بمعيتي الكثير من هموم التشكيل لكن لظروف المكان والزمان اكتفينا بهذا القدر على أمل أن نلتقيها في سانحة أوسع.. بداية نهنئك بافتتاح معرضك التشكيلي ومن ثم نود لو نعرف كمالا إسحق عن قرب؟ درست في كلية الفنون وتخرجت منها في العام «1963م»، بعد عام بُعثت إلى إنجلترا ودرست في الكلية الملكية للفنون لمدة عامين حيث درست التلوين وتخصصت في الجداريات، وفي العام 1966م عدت أدرس في كلية الفنون بالخرطوم وبعد ثلاث سنوات رجعت للكلية الملكية ودرست فيها تصميم إيضاحي، وفي 1970م عدت إلى كلية الفنون ومن ثم انتدبت لعمل جدارية مدخل المتحف القومي قبل افتتاحه، ثم واصلت العمل بالكلية من العام «1981م 1991م»، ثم سافرت مسقط بسلطنة عمان ولم أعد منها إلاّ في العام 2012م. خلال سنوات الغياب هل أُتيحت لكِ فرص المشاركات الخارجية؟ شاركت في معرض فردي بقاليري إخناتون، القاهرة 1970م، وعدة معارض فردية بالخرطوم 1964 1974م، بجانب مشاركتي في معارض جماعية بالخرطوم 1967م 1981م. إضافة لمعرض عشرة نساء، قاليري كارولين هيل 1981م، ومعرض الفن الإفريقي المعاصر، مركز كامدن للفنون، لندن 1970م، ومعرض الفن المعاصر لفنانات عربيات، واشنطون، الولاياتالمتحدة 1994م، إضافة لمعرض عيون عربية لعشرة فنانات من العالم العربي، متحف الشارقة للفنون 1995م، ومعرض سبع قصص ضمن مهرجان الفن الإفريقي، قاليري وايتشابل، لندن 1995م، إضافة لمشاركتي في عدة معارض جماعية خارجية في كل من البرازيل، لبنان، اليونان، إيطاليا، الكويت، نيجيريا وتونس. كيف تصفين الفرق بيننا وبين الدول الأخرى في كيفية الاهتمام بالفن التشكيلي؟ أغلب الدول الأخرى خاصة أمريكا تقدر جيداً الفن التشكيلي وتنفق عليه أموالاً طائلة، فكل مؤسسة خدمية تكون بها نسبة لصالح الفنون. لكن نحن إمكاناتنا ضعيفة وعلى الرغم من ذلك لا نتوقف ونحاول أن ننتج. هل ما زالت كلية الفنون تخرِّج تشكيليين أكفاء؟ طبعاً تخرج تشكيليين إلا أن الوضع اليوم لا أعتقد أنه مثل السابق حيث كانت إمكاناتها متاحة، الآن المواهب موجودة إلا أن الإمكانات المادية غير مساعدة فمثلاً حتى إذا توفرت الألوان ومواد الرسم يصعب العرض أحياناً. يمكن أن نقول إن معاناة التشكيل لدينا تتلخص في العرض فقط؟ المعاناة ليست في صالات العرض فقط بل تدخل فيها صعوبة شراء المواد الخام وإنتاج اللوحات والتسويق. كأن هنالك ركود تام في سوق اللوحات؟ أجابت متسائلة: هل توجد في منازل المقتدرين والطبقات الوسطى لوحات لفنانين سودانيين معلقة على الجدران؟ وأردفت: لا أعتقد ذلك، فالشعب يريد أن يأكل والأمر يحتاج لإمكانات أكبر. ألا ينفّر هذا الركود من الإنتاج؟ غير منفّر ونحن نحاول أن ننتج، وبالرغم من ذلك حضرنا معارض تقام في أماكن عديدة بالخرطوم. كيف تترجمين إحساسك عبر الريشة والألوان؟ أنا لا انفصل من إحساسي، فزملائي الأجانب كانوا يندهشون حينما أصنع لوحة بدون تفكير بعكس الطريقة التي يرسمون بها لوحاتهم والتي تأخذ منهم جهد تفكيري كبير، فأنا أحس فقط وهذا كان غير متوفر لديهم. لماذا؟ لأننا في السودان لدينا تاريخ وأساطير وغيرها من الأشياء التي تصنع خلفية المشاعر فنحن شعب عاطفي والفنان منا ينتج لوحاته دون أن يفكر فقط يحس. قبيلة التشكيليين هل تجد انصافاً من الجهات المسؤولة؟ يجب أن تكون هنالك صالات عرض وتوفير مواد الرسم بأسعار مدعومة لحدِ ما. يحتفي العالم بالتشكيليين وبأعمالهم إلاّ أننا نكاد نجحف في حقهم، مات التشكيلي بهنس بسبب العوز وبظروف أخرى، ماذا تقولين؟ التشكيلي الراحل بهنس كان يمكن أن يكون ثرياً بفضل أعماله المعروضة في أماكن لا يحلم بها الفنانون الكبار، وكانت وفاته مأساة وفضيحة. المرأة التشكيلية نجدها نشطة متحركة وتكاد تتفوق على الرجل التشكيلي، إلى ماذا يرجع الأمر؟ النساء حتى في المجالات الأخرى أصبحن متميزات أكثر من الرجال ويرجع ذلك للتحدي وقوة الإرادة عند المرأة اليوم، فمثلاً أنا دخولي لكلية الفنون كان ناتجاً عن تحدٍ وإرادة. ما يُعرض في الساحة التشكيلية اليوم هل يرضي الطموح؟ لا أستطيع أن أجيب عن هذا السؤال لأني ببساطة كنت بعيدة عن الحركة التشكيلية السودانية خلال السنوات الأخيرة ولم أحظَ بحضور عدد من المعارض حتى أقيّم الجيد من الرديء. إلى أي مدرسة تنتمي كمالا إسحق؟ المدارس الأدبية والفنية إنما هي تعبير يقوله النقاد حتى يتسنى لهم تصنيف المبدعين بأي لونية يكتبون أو يرسمون وبالتالي تسهّل عليهم المهمة، وعن نفسي لا أتقيد بشيء من هذا القبيل. استطاع إبراهيم الصلحي أن يتبوأ مكاناً مرموقاً في عالم التشكيل، هل وجد ما لم يجده غيره، وهل في رأيك ثمة أسماء تتلألأ في فضاء التشكيل؟ إبراهيم الصلحي هو أستاذنا جميعاً، غير ذلك فهو معروف عالمياً منذ سنوات عديدة، عرض أعماله في لندن في (تيت قاليري) وهي من القاعات الضخمة التي لا يمكن العرض فيها بسهولة، وكون يختاروا له لوحة من لوحاته لتعرض هناك فهذا يعد تكريماً لكل السودانيين. وأنا كان لي الشرف بأن يفتتح الصلحي معرضي ومعه الأستاذ شبرين فهذا فخر كبير بالنسبة لي. ماذا ترجون من وزارة الثقافة أنتم قبيلة التشكيليين؟ أتمنى أن يكون هنالك دعم مناسب للثقافة بصفة عامة، وأن تتوفر للتشكيليين المواد الخام بأسعار مناسبة وأن تكون هنالك صالات عرض.