تحاول دولة الجنوب جاهدة الخروج من الانهيار الاقتصادي الذي تسبب في الفوضى السياسية والإدارية التي تعاني منها الدولة الوليدة ويبدو أن الأزمة الاقتصادية الخانقة قد أمسكت بتلابيب أجهزة الدولة التي تحاول إيجاد المخارج التي قد تحفظ ماء وجهها أمام السودان بعد أن أراقته بإشعالها الصراعات في مناطق التماس والتعنُّت بشأن تطبيق الاتفاقيات الدولية وتوزيع حصص عائدات النفط وفقاً للأعراف العالمية المتفق عليها فبدلاً من أن تستمر اتفاقية مناصفة عائدات النفط لمدة عشرة أو خمسة عشر عاماً كما هو متفق عليه في مثل حالة شقي السودان حتى يتم تقاسم تكاليف الإنشاء تبجحت حكومة الجنوب بملكيتها الكاملة لعائدات نفطها البالغة 75% من إنتاج النفط السوداني متناسية أن كل الشعب السوداني قد دفع تكاليف البنية التحتية من قوته لا لتنعم به دولتها الجديدة بل لمصلحة مواطني الدولتين الشقيقتين اللتين حولهما تعنُّت الحركة الشعبية ومحاولاتها الاستئثار بنصيب الأسد من مطايب نيفاشا إلى جارتين عدوتين. وكان المواطن الجنوبي أول من دفع ثمن هذا العداء، ويقول تقرير نشرته سودان تربيونت إن المؤتمر الاستشاري للدول العشر الأكثر هشاشة اقتصادياً في العالم إن الاقتصاد بجنوب السودان يواجه تدهورًا خطيرًا كما أنه الأسوأ من بين الاقتصاديات العالمية الأكثر عشاشة بعد أن بلغ معدل التضخم مستويات قياسية غير مسبوقة فاقت 62% هذا العام، فيما أكد كوستي مانيبي وزير المالية والتخطيط الاقتصادي بجنوب السودان أن المؤتمر قد عقد من أجل تبادل الأفكار حول كيفية الاستفادة المثلى من الجهات المانحة، واقتراح سبل جديدة للعمل مع الشركاء في التنمية بمشاركة 17 دولة تسعى لإقناع المانحين بأن المساعدات لا يجب أن تقتصر على تقديم الخدمات بل يجب أن تتخطاها لتشمل خلق الوظائف وتحسين نظم العدالة ودعم الحوار السياسي والضغط عليها من أجل تقديم مساعدات أكثر فاعلية للدول الهشة اقتصادياً خلال المنتدى الرابع للدول السبع الكبار المزمع انعقاده في مدينة بوسان بكوريا الجنوبية وقد تصدرت دولة جنوب السودان قائمة الدول ذات الاقتصاد الأكثر هشاشة جاءت بعدها كل من إفريقيا الوسطى وتشاد وساحل العاج وجمهورية الكنغو الديمقراطية وإثيوبيا وغينيا وبيساو والصومال وهايتي وأفغانستان وبورندي وليبريا ونيبال ويبدو أن الارتفاع الجنوني للأسعار وتكاليف المعيشة بالجنوب بعد أن تجاوز التضخم 62% قد أجبر الوزير على الاعتراف بأن المؤتمر قد أعطى فرصة لإيجاد سبل لكبح جنون الأسعار والانهيار الاقتصادي السريع بعد أن تجاوز سعر صرف الدولار أربعة جنيهات جنوبية هذا فضلاً التذبذب في الإمداد الكهربائي والنقص الحاد في الغذاء وتآكل القوى الشرائية بسبب ارتفاع معدلات الفقر وانتشار البطالة وسط المواطنين خاصة العائدين من الشمال وبالرغم من أن دولة الجنوب تعتمد على عائدات النفط بشكل كامل لتمويل حكومتها إلا أنها تستورد البنزين بسبب عدم وجود مصفاة للنفط، وقد عزا المكتب الوطني للإحصاء ارتفاع أسعار المواد الغذائية في تقريره الأخير إلى تعدد نقاط التفتيش على طول ولايات الجنوب العشر وارتفاع التضخم وانهيار البنية التحتية ويقول دينق تيل الموظف الحكومي إن هذه المرة الأولى التي يمر فيها البلد بتضخم من هذا القبيل، فالجنوب لم يشهد ارتفاعاً في الأسعار كما هو الحال الآن حتى عندما كان جزءًا من السودان كما أن الانهيار الاقتصادي قد بدا عقب نشوب الصراع في مناطق التماس وتجفيف تجارة الحدود هذا فضلاً عن الضرائب المتعددة وارتفاع تكاليف النقل، كما أن العائدين من شمال السودان قد أسهموا في الضائقة المالية حيث لم توفر الحكومة ولا القطاع الخاص لهم فرص العمل كما أن الأموال تنحصر في أيدي نخبة قليلة تتسوق في المراكز ذات السلع المستوردة التي تسهم في ارتفاع التضخم.