هل يمكن أن تنشأ علاقة حميمة بينك وبين أي من أشيائك التي تستخدمها؟ كالقلم الذي تكتب به أو المكان الذي تجلس فيه أو السيارة التي تقودها ... ألخ؟ المعروف أن المكان الذي تصلي فيه يفتقدك بعد أن تغادر هذه الدنيا ويصف الله سبحانه وتعالى قوماً: «فما بكت عليهم السماء والأرض وما كانوا منظرين» (الدخان: 29) وتلك علاقة بين الأرض أم الجميع والسماء التي تظللنا وهما يبكيان على الذين يستحقون البكاء. يخيل إلي أنه بحكم الإلفة تنشأ علاقة أو ارتباط مع تلك الأشياء بصورة نفشل في التعبير عنها، فمثلاً ألا تغضب إذا أخفق المنبه في إيقاظك في الزمن الذي حددته؟ ألا تود أن تعاقبه على فعلته تلك بأن تخبط به الأرض؟ لقد شعرت في وقت من الأوقات أن سيارتي تتعمد أن تضايقني بل أنها كانت تتآمر عليّ مع طرف خارجي وهو «الميكانيكي» للقضاء على أموالي وذلك باستهلاكها غير المبرر لكميات كبيرة من الوقود وقطع الغيار وأمراضها التي تجبرني على زيارة «الميكانيكي» من وقت لآخر... ولذلك صرت أخفي نقودي بعيداً عنها حتى لا تراها فتقضي عليها. إن العلاقة بيننا وبين الأشياء الجامدة قد تصل في بعض الأحيان إلى مرحلة متوترة للغاية تستدعي تدخل جهات أخرى. فمثلاً ؛ لقي أول شرطي فلسطيني حتفه بعد أن تولى الفلسطينيون إدارة مناطقهم ليس من طلقة أطلقها جندي أو مستوطن إسرائيلي.. بل من طلقة انطلقت خطأً من بندقيته. وهناك واحد من أربعة رجال شرطة أمريكيين يلقى مصرعه بسلاحه إما عن طريق خروج طلقة بالخطأ أو أن يختطفه منه المجرمون ويصوبونه نحوه هكذا يقول المستر ديفيد بويد مدير العلوم والتكنولوجيا في المعهد الوطني للعدالة وهو يتحدث إلى لجنة من القوات المسلحة بمجلس النواب الأمريكي. ولفض ذلك الاشتباك بين الإنسان وسلاحه تقدمت التكنولوجيا بحل سحري وذلك بإنتاج أنواع من المسدسات لها القدرة على التعرف على صاحبها فلا تنطلق على يد شخص آخر، والمسألة كلها تتوقف على جهاز استشعاري يوضع على الزناد وهذا تطبع عليه بصمات صاحب المسدس أو السلاح أو نوع الضغط الذي تضعه قبضة اليد على الزناد أو ربما مجموعة من الخصائص التي تتعلق بالشخص صاحب السلاح وبواسطة تلك الخصائص يستطيع المسدس مثلاً أن يميز بين نوع القبضة المطبوعة على ذاكرة الاستشعار وبين صاحب القبضة أو بصمته، فإذا لم تتوافق مع ما هو مخزون في ذاكرته فلا ينطلق. وبالطبع فإن هذا سيقلل كثيراً من الحوادث غير المتعمدة التي يرتكبها الأطفال وهم يعبثون بأسلحة آبائهم. هذا إذا علمت أن نسبة كبيرة من هذه الحوادث تحدث في الولاياتالمتحدة نسبة لكثرة الأسلحة المتداولة بتراخيص أو بدون تراخيص والتي دفعت الرئيس الأسبق بيل كلينتون إلى سن قانون يضيق الخناق على بيع الأسلحة بإجراءات معقدة. وكما استطاعت التكنولوجيا أن تخترع ما يسمى بالقنابل الذكية فإنها تخترع الآن المسدس الذكي الذي يستطيع التمييز بين صاحبه وبين أي مستخدم آخر. ونضيف إليه إضافة جديدة تجعله يرفض الانطلاق إذا أراد صاحبه أن يصوبه نحو نفسه لينتحر. والمسألة في غاية البساطة فهي تضيف له استشعاراً آخر يستطيع بواسطته أن يتعرف المسدس على جسم صاحبه فيمتنع عن إطلاق النار إذا حدث أن صوب صاحب المسدس مسدسه نحو رأسه أو أي جزء من جسمه... وهنا تكتمل كل المهام العظيمة التي يمكن أن يقوم بها ذلك المسدس نحو صاحبه. فهو أولاً يرفض أن يطلق النار إذا استعمله أي شخص آخر، ثم أنه يرفض أن يساعد صاحبه على الانتحار... وربما أنتجت التكنولوجيا نوعاً يتحدث مع صاحبه ويراجعه ويهدئه ويقنعه بالتي هي أحسن أن يخزي الشيطان فلا ينتحر. آخر الكلام عجيب أمر الذين نوليهم ثقتنا فنكلفهم بمهمات فيغدرون بنا. بل عجيب أمر ما يجري، وأعجب منه أن تدري. المسدس يرفض إطلاق النار على صاحبه. وخير لك ألف مرة أن يكون كلبك صديقك من أن يكون صديقك «كلب».