لأصحاب محلات سوق السيارات جنوب ميدان المولد ببحري قضية عادلة. فالمعروف عرفياً قطع الرقاب ولا قطع الأرزاق. والآن فإن هناك مئات الأرزاق ستقطع. ومئات الأسر ستتأثر والقصة وما فيها أن أصحاب المحلات المطلة على ساحة المولد ببحري من الناحية الجنوبية قد أخطروا بأن سلطات المعتمدية قد قررت إزالة محلاتهم لأسباب تعرفها المحلية، ولأن المحلية في مقدورها أن تزيل تلك المحلات وتوقف تراخيصها فليس عليها أن تذكر الأسباب التي دفعتها لاتخاذ ذلك القرار. المحلات وعددها حوالي «25» محلاً تعمل في بيع وشراء العربات مثلها مثل كثير من تلك المحلات التي تنتشر في مدن الولاية. وهي مستأجرة من ملاكها الذين يوجدون في حي الختمية وأغلبهم ذوو معاشات أو أرامل ويساعدهم ذلك الإيجار في سد بعض احتياجاتهم من المال لدفع رسوم أبنائهم وبناتهم في المراحل الدراسية المختلفة. وأصحاب المحلات يعتمدون في معيشتهم على ما يدره عليهم هذا العمل ليوفوا بالتزاماتهم نحو المحلية من رسوم ولمقابلة تعقيدات الحياة وصعوباتها. كذلك يعمل عدد مقدر من طلاب الجامعات كحراس لتلك المحلات ويتساعدون بالراتب الذي يتحصلون عليه لمقابلة احتياجاتهم المختلفة دون أن يمدوا أياديهم للآخرين أعطوهم أو منعوهم. كما أن هناك عدداً من بائعات الشاي جذبهن هذا السوق ليتكسبن من ورائه ما يفي بمتطلبات حياة قاسية بالغة الصعوبة، غير أن رحمة الله هي التي تشمل الجميع ولاة ومعتمدين وإداريين وأصحاب محلات وملاك بيوت، كلهم تحت رحمة الرزاق ذي القوة المتين. هذا النسيج القدري يتعرض الآن لهزة كبيرة تنقطع فيها أرزاق قوم هم الوحدات المترابطة فيه دون أن يجدوا البدائل التي تحفظ وحدة هذا النسيج وبقاءه فاعلاً في اقتصاديات الأسر التي تعيش عليه. الإخوة يقولون إنهم قد تظلموا لدى المسؤولين الذين وعدوهم بتسليمهم محلات في منطقة جديدة، وإنه عليهم أن يجهزوا أنفسهم لإخلاء تلك المحلات القديمة في مدى أسبوعين. وبالطبع هذا إن حدث فسيكون معجزة. أولاً هم لا يعرفون أين يقع ذلك المكان الجديد وأنهم قد ارتبطوا مع زبائنهم بشيكات ومعاملات مالية آجلة وفي حالة انتقالهم لأي مكان آخر دون أن يسووا حساباتهم والحقوق التي عليهم والتي لديهم، فإنهم سيخسرون كثيراً. لأنه من المستحيل أن تتم تسوية كل تلك الأمور في ظرف أسبوعين مضت منها خمسة أيام. وقديماً قيل: إذا أردت أن تُطاع فأمر بما يُستطاع. ويبدو أن الأمر سيكون جد شاق على أصحاب المحلات وملاك تلك المحلات. فكيف سيتدبرون أمورهم في مدى أسبوعين؟ لا أحد يطالب ببقاء العاصمة غير حضارية وبها تشوهات حري بالمعتمدية أن تعمل على تصحيحها، ولكن قطعاً ليست إزالة تلك المحلات هي الأولوية الأولى لإزالة تلك التجاعيد عن وجه العاصمة العجوز المتصابية. فهناك مناظر الخيران والمصارف التي تحفر سنوياً وتردم سنوياً دون أن تأخذ مياه الأمطار من «وين» ولي«وين». حل مثل هذه المشكلة يقع في أول سلم أولويات المعتمديات، لأن الفكرة كلها قامت على التصريف الأفقي وليس عند أحد خريطة كنتورية توضح شكل المنحدر الكنتوري الذي يحدد اتجاه تلك الخيران. كما أن المحلات التي اتخذت المحلية قراراً بإزالتها وترحيلها لا توجد بالقرب من مدارس أو مستشفيات أو شوارع رئيسة، وعليه فإنني أخاطب المعتمدية أن تجمد قرارها ذلك لحين الوصول إلى تسوية ترضي الجميع وليس هناك مغبون أو من هو في حالة غيبونة، ونحن نعرف أن الغيبونة هي مرحلة الدخول في غيبوبة بسبب الغبينة. ولنا عودة.