كتبتُ عدة مرات عن ظاهرة استخدام أعمال السحر في ميادين كرة القدم، وهي ظاهرة لم تكن وليدة السنوات القليلة الماضية لكنها تفاقمت أكثر، أبطالها أقطاب وإداريون، وقبل أن تمثل ظاهرة أخلاقية تتنافى مع أخلاقيات الرياضة، فهي من الكبائر في الدين التي تُخرِّب العقيدة، فإذا كانت معظم الأندية الإفريقية تتعامل مع السحر في مباريات كرة القدم فنحن كمسلمين الأدعى ألا نكون مثلهم، فهم لا يرون غضاضة بالتعاطي معه بل يعتبرونه جزءاً من تراثهم، لهذا احتجَّت ذات يوم إحدى الدول الإفريقية كما أشرتُ سابقاً على عدم منح الساحر المرافق لمنتخبهم تأشيرة دخول للبلد الذي تريد أن تلعب معه، وفي السودان هناك لاعبون يلجأون إلى ارتداء التمائم الشركية بغرض إحداث التوفيق في اللعب أو لصد أعمال الشر ضدهم كما يعتقدون، وفي كلا الحالتين لا يحققون النجاح. وربما إصرار بعض الأندية باللعب في يوم محدد من أيام الأسبوع، كما أشرنا سابقاً، له علاقة بأمر السحر وتصديق السحرة في تنبوءاتهم مثل اللعب في يومي السبت والأحد والغرض هو موافقة اليهود في الأولى والنصارى في الثانية، ولعل هذا يفسر عدم توفيق العديد من الأندية في التنافس الخارجي والتي تتعاطى مع هذا الأمر المنكر، ولعل السبب هو أن إدارات بعض الأندية تريد البقاء في كراسي الإدارة ولهذا فهي تعمل لتحقيق الفوز بأي ثمن وإن كانت العقيدة قرباناً له. ويحاول اللاعبون مقاومة أعمال السحر باللجوء للسحرة والمشعوذين مع أن الأدعى هو استخدام التحصينات الشرعية مثل قراءة آية الكرسي وغيرها عند الدخول للملعب وما بين الشوطين أيضاً أو عند الخروج من الملعب لحدوث إصابة أو نحو ذلك وليس ارتداء بعض الطلاسم داخل الشنكار في اليد أو القدم، فذلك ما يجلب عدم التوفيق وإن حقق النجاح المؤقت إلى حين. لكن يبدو بالفعل أن المصريين يُعطون موضوع السحر في القارة السمراء اهتماماً جاداً، ففي البطولة الإفريقية التي فازت بها مصر قبل سنوات قليلة عمد مدرب الفريق حسن شحاتة لذبح ثور وتوزيعه على الفقراء هناك بغرض صد الأعمال الشريرة الناتجة من السحر، كما اتهم اللاعب المحمدي الغانيين باستخدام السحر بعد تلقي المنتخب المصري العام الماضي هزيمة ثقيلة وغير متوقعة، بيد أن مدرب غانا غوران ستيفانوفيتش قال في تصريح سابق لهذه المباراة «إنه منذ سنين وإلى يومنا هذا ما زالت الفرق الإفريقية تلجأ إلى السحر والسحرة والمشعوذين طلبًا للمساعدة أو لزعزعة الفريق المنافس، وعلينا جميعًا أن نسهم في تغيير عقليات بعض اللاعبين الذين استخدموا (السحر الأسود) لتدمير بعضهم بعضًا». وعطفاً على هذا التراث الأسود للفرق والمنتخبات الإفريقية، هل مارس الفريق الكونغولي أمس الأول السحر على لاعبي الهلال باعتبار التوهان وعدم التركيز في التهديف إما بصورة عشوائية أو بصورة ضعيفة إضافة إلى التمرير الخاطئ، إذ أن المعروف بأن للسحر تأثيره على التركيز وله مضار كثيرة لكنها لا تحدث إلا بإذن الله، ويقول فضيلة الشيخ عبد الله بن عبد الرحمن الجبرين حفظه الله: «وأما سحر المرض فقد قيل إن أغلب الأمراض المستعصية هي بسبب الجن الذين يسخرهم الساحر فيلابسون الإنسان، ويحدث ذلك تعطيل بعض الأعضاء عن منافعها فينهك البدن، ويعظم الضرر، ولا يوجد في الطب له علاج سوى الأدوية المهدئة، والأولى استعمال الرقي النافعة المؤثرة، فلها تأثير كبير في تخفيف ذلك المرض، والسحر هو كفر صريح ومآله الخسران ودخول النار، كما أن الذهاب إلى العرافين والكهنة لا يجوز وقد ورد في الحديث الشريف «روى مسلم في صحيحه عن بعض أزواج النبي صلى الله عليه وسلم عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: من أتى عرافاً فسأله عن شيء فصدقه لم تُقبل له صلاة أربعين يوماً»، وأخيراً «يا ناس الكورة لا سحر الأفارقة ولا في الداخل إنتو بس كربوا العبادة واتحصنوا بالتحصين الشرعي بعد داك شوف كان الأنطون يقدر عليكم»