يقال أن رجلاً دخل حديقة الحيوانات، فوجد الحيوانات كلها تضحك إلا الحمار، وفي العام الذي يليه دخل الحديقة فوجد الحمار وحده يضحك، فلما سأل عن السبب قالوا له :«إن الثعلب حكى نكتة في العام الماضي»!! وحتى لا نستثني الحمار من الضحك للنكتة، أو نتهمه بالبلادة، فإن هنالك قواعد سهلة جداً لحكاية النكتة، تجعل حتى الحمار يضحك، أو كما يقولون عنها: «حكاية تضحك الغنماية». قبل أن نحصيها دعونا في البدء نحاول أن نضحك معاً لبعض النكات، ومنها ما قد تكون سمعته، وأولها «نكتة الطفل»، وللأطفال نمط خاص في النكات يضحكهم، ولكن المضحك هو أن والداً لطفلة حكى نكتة كان يضحك كثيراً وبإعجاب وهو يرويها قال: «ابنتي الصغيرة اربع سنوات حكت لي نكتة وهي تضحك، قالت لي: يا بابا في امرأة عجوز كانت «بتنطط» في السرير.. عارف ليه؟.. قلت ليها ليه؟.. قالت لي: عشان يقولوا ليها أقعدي ساكت يا «شافعة».. وهناك فرق بين النكتة التي تضحك الطفلة التي أضحكت والدها وبين نكتة يرويها الكبار.. فمثلاً نكتة تروى عن جنس معين في البشر.. عن اليهود أو الاسكتلنديين» مثلاً.. مشهور عنهم حبهم للمال وبخلهم.. قالوا: القاضي سأل العسكري قال ليهو: «ما الذي جعلك تعتقد أن هذا الاسكتلندي وهذا اليهودي كانا في حالة سُكر وفقدان وعي؟» .. فأجابه العسكري: - «لقيت الاسكتلندي يا سعادتك واقف في نص الشارع بيجدع في قروش»!! وسأله القاضي: «واليهودي عرفتو كيف سكران»؟ أجابه العسكري: «اليهودي واقف جنب القروش وعينو فيها ما دنقر رفع منها حاجة»!! «معناها الجماعة ديل كانوا طينة»!! هذه النكات التي تتناول طرائف لطباع أجناس البشر كثيرة، كالصعايدة في مصر مثلاً.. المصري يرى أن الصعيدي «دماغو ناشفة» أو «راسو قوي».. تقول النكتة: «واحد قال لصعيدي: «الحق يا عويص.. القطر طلع في رأس ولدك.. فأجابه عويص: «تااااني»؟؟ والامثلة كثيرة. لكن الفرق يكمن في طريقة إلقاء النكتة أو فن حكايتها كما قدمنا لذلك، والذي يتركز في خمسة قواعد أساسية، ونختتم بهذا المثال من النكات ثم نرويها، ويتمثل المثل الأخير في النكتة التلقائية.. وصاحبها يكون راجل صاحب نكتة، لأن الحدث يأتي مصادفة في شكل قفشة، ثم يتداوله الناس فيكون نكتة، كما يُحكى عن الناس الظرفاء أمثال جحا وموسى ود نفاش مثلاً، بل إن بعض اقطاب ورموز المجتمع في الفن والثقافة والسياسة والرياضة يصنعون النكتة السهلة.. الفنان عبد العزيز محمد داؤد اشتهر بذلك، وحتى في مجال السياسة والزعامة أيضاً. وهناك طرائف ونكات حكى عنها السباح السابق كيجاب.. وكان صديقاً شخصياً له لازمه في بعض احواض السباحة، قال كيجاب: «حكى لي النميري عن مؤتمر قمة افريقية قائلاً: «في إحدى جلسات مؤتمر قمة افريقية سابقة لاحظت أن رجلاً يجلس بجواري في قاعة المؤتمر وكان يلبس زياً غريباً فيه بعض جلود الحيوانات.. ولم أكن اعرفه لأنه ليس من الشخصيات أو الزعامات المعروفة.. فسألته: من أنت؟ فرد قائلاً: أنا رئيس وزراء الجزيرة الفلانية. فلقت له: - نان قالوا ليك انا تمساح؟.. وناديت على رجل المراسم وقلت له: «أنا رئيس جمهورية أكبر دولة افريقية.. لازم يكون بجواري شخصية موازية.. جيبوا لي هواري بومدين أو هيلا سي لاسي»، وبالفعل تم ذلك. الطريقة التي يحكى بها سلطان كيجاب ويهيئك لالقاء الطرفة والنكتة لها وقع خاص تجبرك على الضحك، فماذا اذن يقول رواد الفكاهة في قواعد إلقاء النكتة الناجحة؟ .. يقولون: - النكتة هي قصة قصيرة جداً، مموهة بالدلالات البارعة والتوريات المثيرة، ومعظم النكات يصمم لكي ينتهي بنقطة فعل مفاجئة ومثيرة تطلق عاصفة من الضحك.. حاول أن تلتزم بمجموعة من الحيل التي يعمد إليها الراوي الحاذق ليسحرك بابتسامته أو هزة كتفه وطريقة تمثيله الخفيفة الظريفة، المثيرة للضحك وهو يحكي النكتة، يعني لا تكن جامداً وأنت تحكيها.. ثم.. اندفع بسرعة للخاتمة التي بطبيعة الحال لا بد ان تكون مفاجئة ومضحكة. السؤال: لو افترضنا إنك ما عندك روح التمثيل تعمل شنو؟ الاجابة: خبراء إلقاء النكتة يقولون لك هناك ثلاثة قواعد لتتبعها! 1/ تكلم بلهجة حماسية. 2/ اصدم سامعك بمسك الختام. يعني مثلاً الرد بتاع الرئيس نميري لرئيس وزراء الجزيرة الافريقية :«نان قالوليك أنا تمساح»؟ فجِّره بطريقة قوية ومعاهو ضحكة.. ويحذرك خبراء القاء النكتة من المقدمات الكثيرة للنكتة والاعتذارات مثلاً لا تقل: أنا حاحكي ليكم نكتة حتموتوا من الضحك... انت كده حتنهي النكتة وقد لا تكون في مستوى «الموت من الضحك». والقاعدة الثانية والمهمة هي ان تعرِّف عن الاشخاص الذين تحكي عنهم، مثلاً جحا.. موسى ود نفاش. أما القاعدة الثالثة فهي أن تندفع في رواية النكتة وانت مستمتع بها، وطبعاً لازم تضحك معاها لأنك بذلك تحفز الآخرين على الضحك. واضح في نكتة الطفلة لوالدها أنها كانت تضحك من مشهد المرأة العجوز وهي تنطط في السرير، فضحك والدها وهو يضحك وهو يمثلها.. الخ. رابعاً: خلي نظرك مثبتاً في عيون السامعين ده بخليك تقرأ استعداداتهم للضحك والتشويق وانتظار قنبلة الختام.. يعني ما تسرح في اشياء انصرافية بجوارك ما دام المستمعون متشوقين لسماع الخاتمة. أما النقطة الأخيرة فهي ضرورة استعمال اللغة السهلة والكلمات البسيطة خصوصاً المتعارفة بينكم.. ما تستعمل لغة غليظة ومعقدة.