تتجه أنظار العرب نحو السودان لتحويل مبادرة الأمن الغذائي العربي التي أقرتها قمة الرياض الأخيرة، ونتوقع أن تتحول الى واقع ملموس، والأمر مرهون بتنفيذ الخطوة فعلياً نحو تحقيق الاكتفاء الغذائي، التي تمهد للتكامل الاقتصادي وإقامة أسواق عربية مشتركة، وبالتالي ستعالج البطالة وتسهيل التجارة البينية والاستثمارات العربية. وتعد الاستثمارات العربية في السودان من الركائز الأساسية لزيادة حصيلة الاستثمار في كل المجالات، حيث تشكل الاستثمارات القطرية رأس الرمح في الاستثمارات الخليجية في السودان لبناء شراكات حقيقية على الأرض تحقق مصالح الدولتين، إضافة إلى الشركة الأكبر مع المملكة العربية السعودية التي تتعبر الشريك الأكبر خاصة في مجال الاستثمار الزراعي. ويرى خبراء اقتصاديون أن الانفتاح القطري ودول الخليج عموماً على السودان يبشر ببناء تحالف اقتصادي ربما يصبح أنموذجاً حقيقياً في مجال الاستثمار الجاد في المنطقة العربية، وأكدوا أن الاستثمارات العربية تمضي في اتجاهها الصحيح في إحداث نقلة نوعية في مجالات العمل الاستثماري المشترك، ونجاحها في حفز المستثمرين السعوديين والقطريين والخليجيين بشكل عام لتوظيف استثماراتهم في بلد مترامي الأطراف، ولقد سعت الدولة في إستراتيجياتها التي تنادي بتحريك الطاقات الكبيرة في مجال دفع عجلة الإنتاج خاصة وان السودان يتمتع بموارد طبيعية متنوعة تحتاج لاستنهاض الطاقات والقدرات، ونجد أن الاستثمار يمثل أحد أذرع التنمية السياسية والاقتصادية والاجتماعية بالبلاد لا سيما وأنه بلد شاسع مترامي الأطراف واسع الأراضي متعدد المناخات، ولعب المجلس الأعلى للاستثمار دورا كبيرا و متعاظما في تهيئة بيئة الاستثمار والمناخ العام لجذب المستثمرين للبلاد، وذلك من خلال إجازة للسياسات العامة للدولة في مجال الإستثمار وتحديد أولوياته ووضع الموجهات وفق الخريطة الاستثمارية والإشراف على إزالة معوقات الاستثمار ومراجعة جميع القوانين المتعلقة بالاستثمار بشكل مباشر وذلك من خلال ترتيبة للهياكل الإدارية التي تضمن تنفيذ الموجهات في المناطق الأقل نمواً، جاءت مبادرة الرئيس في وقت مهم يتطلب تضافر الجهود لتحقيق معادلة رأس المال العربي، مقابل الإمكانيات والموارد التي يتمتع بها السودان. ورغم المعالجات التي حدثت في تعديل قانون الاستثمار وإنشاء محاكم خاصة له وطرح عديد من المشاريع الاستثمارية، بالرغم من ذلك نجد أن قضايا الاستثمار ومعوقاته ما زالت تحد من العملية الاستثمارية، هذا الحديث أكده الخبير الاقتصادي د. محمد أحمد الجاك بان السودان يقدم ما لديه من إمكانيات، ولكن ظروف عدم الاستقرار وتقلب السياسات وتعدد القوانين التي تخص تنظيم الاستثمار الأمر الذي جعل الاستثمارات العربية لا ترى النور، موضحا ان معظم الاستثمارات العربية التي وجدت تمويلاً في الماضي ظلت فاشلة وعلى رأسها محاولات الأمن الغذائي في فترة الثمانينات ولم يتحقق شيء، وقال الجاك في تصريح خاص ل «الإنتباهة» أمس: الآن أعلنت العديد من الدول العربية أن السودان سيكون المخرج لتأمين الغذاء والأمن العربي وايضاً لم يظهر شيء فعلي، ويقال ان هنالك دراسات قد شارفت نهايتها ولكن غير معروف متى تكون النهاية، لافتاً الى ان قيام مفوضية للاستثمار ساعد كثيرا في جذب المستثمرين خاصة بعد إقامة بعض المنتديات التي جمعت مستثمرين عرباً وقدمت لهم مشروعات ولكن حتى الآن لم نجد شيئاً من مبادرة المستثمرين السعوديين على وجه التحديد خاصة الذين استهدفتهم المبادرة، مشيرا الى ان الاستثمارات القطرية تركز على الجانب السياحي والعقاري بحكم ان العائد سريع والمخاطر فيه قليلة، وقال إن هذا الاستثمار لسنا بحاجة له لجهة أن معظم الاستثمارات القطرية في القطاعات الخدميةوهذه طبيعة الاستثمار في قطر ولكن الذي نحتاجه في السودان الاستثمار في القطاع الزراعي، وقال إن الاستثمارات العربية عموما رأس مالها متردد، وقال الأمر مرتبط بعوامل سياسية أو اعتبارات اقتصادية لذا أن الاعتماد عليها غير مجدٍ، داعياً الى ضرورة التوسع في كل الاستثمارات ويجب ألا تكون حكرا على دول معينة.