اليوم وبعد مرور أكثر من ثمانية أعوام على توقيع سلام شرق السودان فطن منتسبو وأعضاء ومقاتلو جبهة الشرق إلى أنها لم تحقق سوى مطامح بعض قياداتها التي أثرت واستأثرت بثمرات الاتفاقية خاصة في بنودها المتعلقة بالثروة والسلطة ونسيت وتناست قضايا الشرق وهموم إنسانه وشعاراتهم الداعية للإصلاح والتنمية التي باعوها بثمن بخس ولم يكونوا يوماً زاهدين في الدنيا.. والشاهد على ذلك ما تم تنفيذه من بنود تلك الاتفاقية التي تعد على ذيل الاتفاقيات من جملة الاتفاقيات التي تم توقيعها، وهذا يرجع بشكل أساس الى ضعف قيادة جبهة الشرق الأمر الذي جعل كثيرا من المقاتلين يندبون حظهم العاثر مسترجعين سنوات النضال وقساوة الميدان وغيرها من ذكريات لن تمحى من ذاكرتهم وإن طال الزمان، فليس كافيا ما تقوم به بعض الجهات لادماج هؤلاء وإشراكهم في ترس التنمية ما لم تسوى أسباب توقف تلك الطاقات عن الدوران وإزالة أسباب التهميش المزمن في الخدمة المدنية في شتى مجالاتها، والتمثيل الدبلوماسي على مستوى سفراء ووزراء مفوضين ومستشارين وسكرتارية وغيرها كل هذا يرد نصاً ضمن بنود الاتفاق الذي تراضى عليها الطرفان وشهدت عليها جهات دولية. ولعل ما دفعني لتلك المقدمة ما كنا نسمعه همساً دون أن نجد له إثباتا دامغا على صحة ما يقال حول الفساد في ملف الثروة، وكنا نعتقد جازمين أن الأمر لا يعد سوى زفرات ثائر عندما يحدثك عن تجاوزات واضحة وصريحة تمت وتتم بملف الثروة، فقد كنا نسمع الكثير عن شبهة التلاعب في استحقاقات المسرحين إلا أننا لم نكن نتعاطى معها وذلك لأن للكلمة أمانة فلا نطلقها دونما نستوثق منها. وحول هذا الأمر أكد مبروك صالح سليم المسرح من قوات الأسود الحرة أنهم انساقوا وراء وعود ظلت القيادة تطلقها لهم وعن غدٍ أفضل تتحقق فيه مبادئ وقيم الحرية والعدالة وتنهض بأمر الشرق وينعم بالتنمية وأردف حديثه قائلاً إنهم انخدعوا مرتين الأولى عند انخراطهم ضمن مقاتلي جبهة الشرق مع كتائب الأسود الحرة، والثانية عند تسريحهم. وقال إنهم اليوم لا حول لهم ولا قوة سوى ذلك المبلغ الزهيد الذي استلموه من قبل مفوضية القومية للتسريح وإعادة الدمج «D D R» والذي لا يؤهل كائناً من كان على ان يكون فردا منتجا، وقال اننا اليوم نرى بأم أعيننا كيف يتم استغلال المسرحين وذلك من خلال إدراج اسماء وهمية في كشف استحقاقات المسرحين واستلام مبالغ شهرية بتفويض وتوكيل لشخص واحد، واتهم جهات بارزة بمحلية ريفي غرب كسلا بضلوعها في استغلال المسرحين، وقال انه لا يعقل ان يتم توكيل شخص واحد من قبل ما يقارب 160 مسرحا، ومؤكدا أن هذا الأمر يتم شهريا. ونفى ان يكون لحديثه هذا اي أبعاد أو ناتج لاختلافه مع قيادات من حزب الأسود الحرة وحتى تستوثق من صحة اتهامه قامت «الإنتباهة» بالتحقيق حول هذا الأمر والتقت عددا من العاملين بالمحلية التي اكدت على صحة هذا الأمر مع اشتراط عدم ذكر اسمائهم. فقد اكدت المصادر ان هنالك كشفا باسماء كبار سن ومرضى من حزب الاسود الحرة يتقاضون راتبا شهريا من المحلية، والكشف الذي تحصلت الصحيفة على نسخة منه يضم عدد 158مسرحا وباستحقاق 500 جنيه للفرد وبجملة تصل لتسعة وسبعين الف جنيه تصرف بتوقيع واحد وبتوكيل واحد منذ بداية العام 2013م هذا على مسمع ومرأى الأجهزة التنفيذية والرقابية بالمحلية والولاية، وليس هذا وقفا على محلية ريفي غرب كسلا او مسرحي حزب الأسود الحرة بل هذا الأمر نجده بمحلية ريفي كسلا وتلكوك وهمشكوريب. كل هذا في الوقت الذي تنادي فيه الدولة على رأس هرمها بمحاربة كل أشكال الفساد وتوخي الحذر في المال العام إلا ان ما يتم بولاية كسلا غير ذلك والأدهى ان هذا الأمر لم يعد سرا فالجميع على علم بان هذه الأسماء أسماء وهمية، وهل هذا يتم ترضية لهذه القيادات وإسكاتهم أم ان هنالك أمراً لا نعلمه؟