«قوش» يحدثنا من البرلمان في رده على تقرير «المراجع العام» ويقول إن الحكومة قد بددت المال العام.. أموال الشعب.. ويذكر أن ثلاثة أرباع الموازنة العامة تصرف خارج بنودها.. لكن ماذا سنفعل نحن المواطنين؟! كيف يمكننا التعامل مع الحكومة؟!. هل يقصد «قوش» أن نحاربها في الانتخابات بحيث لا نصوِّت للحزب الحاكم من أجل الحفاظ على مال الشعب؟! طبعاً هو لا يقصد العكس. لا يقصد أن يتجه الناس في موسم الانتخابات للتصويت لرمز الشجرة بعد أن يستمعوا إلى خطبته البرلمانية. إذا لم نجد أسباباً موضوعية لتحميل الحكومية مسؤولية المشكلات الأمنية في الجنوب قبل الانفصال وفي دارفور الآن وجنوب كردفان والنيل الأزرق باعتبار أن الجماعات المتمردة هي التي تتحمل هذه المسؤولية، إلا أن تأزيم المشكلة الاقتصادية وبشهادة بعض قيادات الحزب الحاكم المؤتمر الوطني فإن الحكومة هي التي تتحمل مسؤوليتها. فحينما ترصد الدولة أو أية وزارة من الوزارات السيادية ميزانية لتنفيذ مشروع ما، مثل إنشاء مبانٍ ليست ذات أولوية قصوى ما دام أن البلاد تحتاج إلى مزيد من بناء المدارس والمستشفيات والكليات الجامعية وتغيير شبكات الصرف الصحي وتأهيل شركة المواصلات الحكومية داخل ولاية الخرطوم، فإن هذا يعني أنه تم دون استشارة كبار الاقتصاديين بالدولة. نعم نقدِّر أن ميزانية الدفاع مهمة لكن الدفاع ليس شراء الأسمنت والسيخ والطوب والخرسانة والرملة وإبرام العقود مع شركات المقاولات.. وإنما هو «الإنتاج الحربي» ووارد المعدات العسكرية و «قوش» مدير عام جهاز الأمن السابق يقول إن الدولة بدّدت مليارين ونصف المليار دولار في «مبان». أي ليس في الإنتاج الحربي والبلاد تحتاج في هذه المرحلة وما تليها الى أن تكون ميزانية الدفاع للإنتاج الحربي وليس لتغيير المباني بمليارين ونصف المليار دولار. هذا حرام. وحتى يا قوش مبنى جهاز الأمن كان مكلفاً جداً.. أليس كذلك؟! «قوش» ينبّه المواطنين من داخل البرلمان ويقول إن الضغوط والترضيات في الصرف خلقت عجزاً ساهم في الإخفاق في توفير ميزانيات لاستيراد الأدوية والقمح والجازولين. وطبعاً مثل هذا التنبيه يجعل الكثير من أبناء الشعب مهيئين لتصديق إعلام المعارضة، حينما يتهم العملية الانتخابية القادمة بعدم النزاهة بمنطق أن الحزب الحاكم الذي يبدد أموال الشعب ليس جديراً بأن يكسب أغلبية أصوات الناخبين. فالمسألة مربوطة بالمستقبل الانتخابي القريب. ومعلوم أن الدولة التي تمارس فيها العملية الديمقراطية السليمة، لا يكسب فيها الفوز حزب حاكم في انتخابات نزيهة. والسؤال ما معنى حزب يفوز برئاسة الجمهورية وهو الحزب الحاكم الذي تبدد حكومته مليارات الدولارات في ما لا طائل من ورائه ولا حاجة إليه على حساب أهم الضروريات؟!. ألا يعني هذا أن العملية الديمقراطية في ظل هذا الحزب الحاكم جيدة الإخراج أو سيئة الإخراج؟! إن «قوش» وهو يحمل بعض المسؤولين مسؤولية اضاعة أموال الشعب فقد قال: «لا يوجد مسؤول يمكن أن يتهم بالفساد والسرقة لكن يوجد مسؤولون يتخذون قرارات تضيع على الشعب السوداني ملايين الدولارات من الأموال. واعتبر أن هذا جريمة كبرى. إذن الشعب لا يحب تكرار الجريمة الكبرى هذي، فهل سيسعى الى تكرارها بالتصويت للحزب الحاكم؟! اقتناع الناس بنزاهة الانتخابات في حالتين، إما أن يجنب الحزب الحاكم هذه البلاد هذه المشكلات المالية فيثق به الشعب ويشعر بأنه جدير بالفوز، وإما ألا يدخل العملية الانتخابية. لكن أن ينافس مع الأحزاب رغم ما أشار إليه «قوش» ولم يشر إليه ورغم انفجار معلومات ملفات الفساد هذه الأيام في بعض مؤسسات الدولة، فإن إعلان فوزه ماذا يعني؟!