قرر الخليفة العباسي أبو جعفر المنصور، أن يولي الإمام «أبو حنيفة النعمان» القضاء بل يكون القاضي الأول للخلافة العباسية. وقال المنصور إن أبا حنيفة ما دام يعطي الناس فتاويه فليحكم بين الناس بما يفتي به، فقال له أبو حنيفة يا أمير المؤمنين أنا أقول برأي فمن شاء أخذ به ومن شاء لم يأخذ به حاكماً أو محكوماً أو قاضياً، وزاد أبو حنيفة في التصدي لمنازلة المنصور له بقوله: يا أمير المؤمنين اتق الله ولا تدع أمانتك إلا من يخاف الله. والله ما أنا بمأمون الرضا فكيف أكون مأمون الغضب ولو اتجه الحكم مني إليك ثم هدتني أن تغرقني في الفرات أو أن ألغي هذا الحكم لأخذت أن أغرق. ولك يا أمير المؤمنين حاشية يحتاجون إلى من يكرمهم في قضائه لأجلك فلا أصلح لذلك. فقال له المنصور بحدة : كذبت أنت تصلح ... فقال أبو حنيفة لفوره: قد حكمت على نفسك يا أمير المؤمنين كيف يحل لك أن تولي قاضياً على أمانتك وهو كذاب. واستطاع أبو حنيفة بهذا القول أن يفلت من ولاية القضاء للخليفة المنصور، ولكن الخليفة طلب منه أن يلي له شيئاً وكان أن أشرف أبو حنيفة على بناء سور بغداد قرب الطابية حتى أتمه في عام كامل. «2» كنانة ألا فراجعوها: ما الذي تخشاه إدارة شركة سكر كنانة من المراجعة القانونية؟ وهل تخفي إدارة شركة سكر كنانة شيئاً وهي تهرب من المراجعة القانونية ولا تلوي على شيء ؟وكل من ينظر إلى شركة سكر كنانة وهي في حالة «زوغان» من المراجعة القانونية، يخيل إليه أن هذه الشركة الكبيرة تخفي شيئاً وهي تختلق المبررات التي تحول دون خضوعها للمراجعة بواسطة وزارة العدل، بعد أن طلب المجلس الوطني من العدل القيام بذلك ولكن كنانة تقول «السماء قريب». وحجة كنانة الظاهرة أن المساهمين في الشركة«الحلوة» من غير السودانيين، لا يوافقون على مراجعة السودان للشركة من طرف واحد. ونحن لا نعلم مساهماً يعتد به في كنانة غير دولة الكويت الشقيقة، ولا يمكن للمندوب الكويتي في كنانة أن يرفض قرار البرلمان الكويتي مثلاً بمراجعة الاستثمارات الكويتية في كنانة، كما أن وزارة العدل السودانية لم تقل: بأنها تريد مراجعة كنانة من طق طق للسلام عليكم، ولكن الوزارة قالت نريد مراجعة نصيب السودان ونعرف «البينا والعلينا والشالو والخلو لينا في كنانة»، كما أنه من غير المعقول أن تظل كنانة بطيخة مقفولة لا أحد يعرف هي هل حمراء وللا بيضاء غير محمد المرضي التجاني وللا كيف يا مولانا دوسة؟ «3»محاولة خائبة جداً: قالت المعارضة المسلحة في دولة جنوب السودان، إنها احبطت مخططاً لاغتيال زعيم المعارضة الجنوبية الدكتور رياك مشار، لدرجة أن هذه المعارضة ذكرت اسم الشخص الذي كان ضمن المخطط لاغتيال مشار وهو طيار يدعي فيلب أوغير.. وهذا الحادث يعبر عن الدرجة التي وصل لها الصراع المسلح في جنوب السودان، وهي درجة الاغتيالات والتصفيات الجسدية والذي لا يستفيد من ورائه طرف من الأطراف غير مضاعفة أعداد القتلى والنازحين والمهجرين من ديارهم من شعب جنوب السودان وعرقلة محادثات السلام المتعثرة أصلاً بين حكومة الجنوب والمعارضين في أديس أبابا. «4»الريدة جات متأخرة: البعض يرى أن تهنئة الرئيس البشير للمشير عبد الفتاح السيسي بمناسبة فوزه في الانتخابات في مصر جاءت متأخرة، أو أن الرئيس قد تباطأ في تهنئة السيسي وهذا القول مرده إلى عمق العلاقات والروابط بين مصر والسودان، وما بين شعبي وادي النيل من خصوصية يجعل الحكومات تتصرف بناءً على هذا القرب وهذه الإخوة ولكن من أطاح بهذه العلاقة هو الفريق السيسي نفسه، وفي حملته الانتخاباته، حيث دشن السيسي حملته من حلايب ونقل أبناء البجة والبشاريين من وطنهم في شرق السودان إلى القاهرة ليعلنوا تأييدهم له باعتبارهم مصريين. ولم يكف الإعلام المصري الرسمي بدوره عن الإساءة للسودان والسودانيين باسم الإرهاب تارة وباسم سدالنهضة الإثيوبي تارة أخرى. ولكن بعض الكتاب اليساريين من شاكلة صلاح شعيب ومن لف لفهم يجهلون بل يتناسون كل هذا ويرددون عبارات غبية وهي أن الرئيس تأخر في تهنئة السيسي لكون السيسي قد اطاح بحكومة الأخوان المسلمين، ولو أن الرئيس البشير نظر هذه النظرة لما هنأ السيسي ولما كلف النائب الأول لرئيس الجمهورية للمشاركة في حفل تدشين السيسي، لكون الموقف من الانقلاب العسكري على الشرعية في مصر هو موقف الاتحاد الإفريقي والسودان جزء لا يتجزأ من هذا الاتحاد . «5» من المتنبي نأخذ الاعتداد بالذات: أنا صخرة الوادي إذا ما زوحمت وإذا نطقت فإنني الجوزاء وإذا خفيت علي الغبي فعاذر أن لا تراني مقلة عمياء «6» الراعي السوداني قال ابن بطوطة من أفعال «السودان» الحسنة، قلة الظلم فهم أبعد الناس عنه وسلطانهم لا يسامح أحداً في شيء منه ومنها مشمول الأمن في بلادهم، فلا يخاف المسافر فيها ولا المقيم من سارق أوغاصب. ومنها عدم تعرضهم لمال من يموت ببلادهم من البيضان ولو كان القناطير المقنطرة، إنما يتركونه بيد ثقة من البيضان حتي يأخذه مستحقه، ومنها مواظبتهم للصلوات والتزامهم لها في الجماعات وضربهم أولادهم عليها. وإذا كان يوم الجمعة ولم يبكر الإنسان إلى المسجد لم يجد أين يصلي لكثرة الزحام، ومن عاداتهم أن يبعث كل إنسان غلامه بسجادته فيبسطها له بموقع يستحقه حتى يذهب إلى المسجد وسجاداتهم من سعف شجر يشبه النخل ولا ثمر له ومنها لباسهم الثياب البيض الحسان يوم الجمعة ولو لم يكن لأحدهم إلا قميص غسله ونظفه وشهد به الجمعة. ومنها عنايتهم بحفظ القرآن العظيم وهم يجعلون لأولادهم القيود إذا ظهر في حقهم التقصير في حفظه فلا تفك عنهم حتى يحفظون .