احتجاجات قطوعات المياه التي تطفو على السطح كل فينة وأخرى تحتاج منا ومن المسؤولين في هيئة المياه المراجعة وإعادة النظر وجرد الحساب واخر خسائر قطوعات المياه كانت تظاهرة خرجت الى الشارع العام تعبيرا عن الغضب لانقطاع المياه لفترة طويلة وكانت النتيجة كارثية مما ادى الى وفاة صبي غض في مقبل العمر، راح ضحية المظاهرة وهذا الحادث المأساوي فيه الكثير من الدلالات على التهميش الواضح لبعض المناطق الحدودية لولاية الخرطوم، فهذه الاحياء تفتقد للكثير من الخدمات الصحية والامنية منها، وعندما تسقط ازمة المياه بظلالها على حدة قضاياها تصبح اكثر بؤساً. ونناشد هيئة المياه بان تولي عنايتها الكاملة لحل مشكلة القطوعات بالاحياء منعا وتقليلا للكثير والذي يمكن ان يحدث مستقبلا فارواح الناس ان لم تذهب عطشا ذهبيت بنيران المظاهرات والتظاهر ضد العطش نفسه. القطوعات لا تقف عند المناطق الطرفية للعاصمة، بل مواطنون في قلبها يعانون من انقطاع المياه المستمر، فيلجأون لشرائها مهما ارتفع سعرها وان كان لا يتوازن والدخل الشخصي لهذه الاسر، بينما البعض الاخر يسهر الليالي الطوال في سبيل ان تجود عليه حنفية بقطرة تقيه حرارة هجير اليوم التالي له ولابنائه. ورغم اللجوء لاستخدام (الموتور) مما يعني صرف زيادة في الكهرباء تتعزز المياه وتصدر عن المواسير صفير وشخير. الكثير من المسؤولين يحملون الصحافة والصحفيين مسؤولية تضخيم ازمة المياه، لهم اقول اننا مواطنون مثل الغير، نسعى ونكد ونجتهد شقاء في سبيل ان تحل قضايا الناس، وما ينشر ليس من نسج الخيال بل هو انعكاس لواقع الحال الذي تعيشه امهاتنا واباؤنا واخواتنا في الاحياء والمدن وهم يعانون اشد المعاناة من انقطاع المياه تحت ظل الضائقة المعيشية التي تكتنف البلاد، ففيهم ذوي الدخل المحدود ومنهم من يسعى لرزق اليوم باليوم، فكيف لهؤلاء ومن اين لهم بتوفير مبلغ لشراء «برميل» مياه يوميا؟ والذي تجاوز سعر البرميل الواحد في احد الاحياء مبلغ 50 جنيهاً بالتمام فهل يصرف ما يتحصل عليه في توفير الاكل والشرب بعيدا عن الدواء لابنائه ام تقابل به ازمة المياه؟ على ما اذكر انه كانت هناك خطة لدعم المياه الجوفية عبر خط رئيسي يصل مباشرة من النيل، فاستبشرنا خيرا وهللنا اهلنا الطيبين، واستطعموا نكهة «موية البحر» كما يطلقون عليها وروت ظمأهم فترة ثم خبات من بعض المناطق، واغفل او تناسى اكمال عملية توصيلها للمناطق الاخرى، والمواطن ما زال يضع يده على خده في انتظار دعمها السريع لنجدته من الموت عطشا!! ما زالت قصة «المواسير المكسورة» في شوارع بحري على وجه اخص لم تجد خاتمة سعيدة لها، والمواطنون ينظرون لها بعين المترقب لعلاجها، فقد ادى بعضها الى تعطل حركة السير في كثير من الطرق والشوارع المتفرعة من الرئيسية منها، فأين هيئة مياه المدن؟ وهل لا زالت تنتظر استيراد آلات الحفر من الخارج لاجل علاج العطب؟ وهل هناك اشكال فعلي في معرفة مكان شبكة المياه الاساسي الذي فُقد مع ذهاب المهندسين القدامى من هيئة المياه؟ تساؤلات تنتظر الاجابة والعلاج الفوري. الخريف على الأبواب، وبدأت حركة دؤوبة بنظافة المجاري واخراج ما فيها من تراب واوساخ متراكمة شهورا، وهذا يقودنا الى التساؤل عن سبب توقف سيارات النفايات عن مزاولة نشاطها في بعض الاحياء التي تتراكم فيها الاوساخ في جميع الشوارع والازقة والاحياء في انتظار من يقلها لمثواها الاخير، القليل من الجهود المتكاملة يا هيئتي النظافة والمياه تؤدي الغرض وتحقق الهدف المطلوب.