نظرة شوق وحنين رأيتها في عيني صديق الطفولة وابن «الجيران» خضر محمد شرف الدين حينما علم بزيارتي لمدينة الفولة بغرب كردفان. منذ سنوات الصغر ونحن ننتظر عصر الخميس من كل اسبوع للاستمتاع بايقاعات «النقارة» التي تطرب الوجدان. وسنوات عديدة قضيتها وبجواري العديد من ابناء كردفان الذين توطدت علاقتهم بنا ووصلت الى قمتها «بلحمة النسب». وطيلة السنوات الماضية وانا ارسم صور مختلفة لابوزبد والفولة والنهود وغيرها من مدن غرب كردفان. ولم افسر نظرة الصديق خضر حينما علم بانني متوجه لمدينته «الفولة» لمتابعة التفاصيل الختامية للصلح بين الرزيقات والمعاليا الا حينما استنشقت رائحة «الدعاش» ولاطمت الاجواء الخريفية الوجوه. وكان بود خضر ان يرافقني ليطرب «بالنقارة» ويروي القليل من اشواقه وحنينه للفولة ولكن ظروف العمل منعته من ذلك. وما ان وصلنا لمدينة الفولة حتى ادركت معاني تلك النظرة، ونحن نرى لوحة اجتماعية في قمة الروعة تمثلت في عرض جميع تراث وفنون القبائل بالولاية. رأينا بيوت القبائل المختلفة وبها «الدرنقل والبخسة والمحراكة» وقائمة طويلة من تراث كردفان. ظللنا لوقت طويل ننتظر الجلسة الاجرائية للصلح بين ابناء العمومة الرزيقات والمعاليا ومخاطبة نائب رئيس الجمهورية. ومع روعة الاجواء والطرب الحنون وايقاعات المردوم ذهب الزمن دون رجعة وذهب معه بعض الحضور الرسمي. عدد من الشخصيات توجهت حيث القيادات الاهلية من القبيلتين للوصول معهما الى حل نهائي لصراع دامَ طويلاً. لم يبق نائب الرئيس كثيراً في الفولة لارتباطه ببرنامج آخر في الدلنج وابوكرشولا وغيرهما من مدن جنوب كردفان. عقبات طفيفة نرجو ان تجد طريقها للحل من اجل اكمال الصلح ووقف نزيف الدماء الذي دامَ طويلاً بين القبيلتين. من المؤكد ان اهلنا في الرزيقات وكذلك المعاليا في ولاية شرق دارفور ينتظرون التوقيع على هذا الصلح على احر من الجمر. كيف لا ينتظرون والكثير من ابناء القبيلتين فقدوا نتاج هذا الحرب. وكيف لا ينتظرون والكثير من المشاريع التنموية والخدمية كان بالامكان تنفيذها لولا الحرب. نثق كثيراً في الاجاويد الذين يقودون التفاوض بين القبيلتين في الوصول الى حل جذري يفضي الى السلام. ذهب نائب الرئيس للدلنج ونتوقع ان يعود الى الفولة في اي لحظة من اجل الجلسة الاجرائية التي تعتبر الخطوة المهمة في عملية الصلح. قيادات الفولة التنفيذية والاهلية بذلت مجهوداً كبيراً ومقدراً في ايقاف نزيف الحرب بين اهلنا الرزيقات والمعاليا. وظل منزل والي غرب كردفان اللواء أحمد خميس ملتقى للجميع يتدالون ويناقشون كيفية الوصول الى حل جذري. نعلم ان الحرب بين القبيلتين استمرت سنوات طويلة ولكننا نثق في ان الفولة ستضع حداً لهذه الحرب التي اخذت ولم تعط شيئاً للقبيلتين. بإذن الله الفولة ستكون بداية صفحة جديدة للقبيلتين. ود شرف الدين نرجو ان تبل اشواقك من الفولة قريباً.