مجلس الأحزاب الوطنية أحد الأجسام التي تعنى بإدارة شؤون الأحزاب السياسية المشاركة في الحكومة وغيرها من تلك الأحزاب التي عملت على التعاطي مع الشأن الداخلي بصورة فاعلة، وقد ذاع صيته إبان المشاركة الواسعة للأحزاب في الحكومة عقب الانفتاح المشهود من الحزب الحاكم على الساحة السياسية ومحاولة استيعاب مكوناتها في السلطة رغم محدودية ذلك.. السيد/ عبود جابر سعيد الأمين العام للمجلس التقته «الإنتباهة» عبر هذا الحوار وقلبت معه قضايا عديدة تتعلق بالحوار الوطني ومسيرة الأحزاب السياسية مشاركة وغير مشاركة في السلطة، وخرجت بإفادات جريئة عن الحال الآن، وغير ذلك الكثير من الإفادات تجدونها عبر هذا الحوار. هناك من ينظر للمجلس باعتباره جسماً حكومياً ينفذ أجندتها؟ مجلس الأحزاب آلية توافقية تواثقية لمجموعة من الاحزاب تراضت وتنادت للعمل الوطني المشترك، وتعني القضايا العامة هنا جمع الصف الوطني والمحافظة على استقرار البلاد والتبادل السلمي للسلطة عبر الانتخابات باعتبار ان الانتخابات تمثل الآلية المقبولة لدى كل قطاعات الشعب، ولدينا وثيقة تنظم اعمالنا وفيها اهداف وآليات، وتشارك فيها كل أحزاب الوحدة الوطنية بما فيها المؤتمر الوطني. وهو يجمع احزاباً بعضها مشارك في السلطة والبعض غير مشارك ولكنه مقتنع بمبادئ المجلس، وكان للمجلس دور فاعل في اتفاقية السلام الشامل وفي ملتقى كنانة الذي خرج بتوصيات أسهمت في اثراء وثيقة الدوحة لحل ازمة دارفور. ولذلك نحن بوصفنا أحزاباً لدينا قناعة بأن المجلس له دور وطني فاعل في ما يلي القضايا الوطنية، وتربطنا بالمؤتمر الوطني وثيقة عهد وميثاق، ونعترف بأن الوطني من الاحزاب الفاعلة به. كيف تنظر لمستقبل الحوار الوطني في ظل التعقيدات التي تواجهه؟ الحوار أصبح بالنسبة لنا من القضايا المهمة والملحة في الوقت الراهن، وعندما نقول القضايا المهمة نعني بذلك الأمن والسلام والخدمات والعلاقات الخارجية، وكقوى سياسية نحن مع الحوار وموقفنا ثابت ونتمسك به كواحد من الآليات المهمة والفاعلة لحلحلة القضايا الوطنية بوسيلة غير مقلقة من ناحية زمنية ومن ناحية استراتيجية يمثل أهمية بالغة لحل الأزمات. ولكن هناك من يقول إن معظم الأحزاب التي شهدت المائدة المستديرة الشهيرة احزاب ليست لها قواعد؟ كل من يقول هذا الحديث عليه الرجوع للدستور المادة «40»، فهي التي اتاحت للشعب السوداني ان ينظم نفسه من خلال أحزاب، وهو حق دستوري حتى لا نقول ان هناك احزاباً ليست لديها قواعد، والقانون الذي اتاح للشعب تكوين مجموعات في عام 1998م اتاح للاحزاب تنظيم نفسها بتعديله في أعوام 2001 و2002 و2007م، وكل تلك التعديلات اجازت للاحزاب تنظيم نفسها بنص الدستور والقانون، والكلام عن فاعلية الأحزاب والقواعد مسألة تحسمها الانتخابات في حينها اذا كانت فاعلة ام لا. وهذه الأحزاب متواصلة مع بعضها وفاعلة وموحدة، وهذا يقودنا للمائدة المستديرة، وهو مؤتمر تاريخي شهد عليه كل الشعب السوداني ومنظمات المجتمع المدني الوطنية والعالمية، وشارك فيه اكثر من «73» حزباً بقيادات فاعلة ومداخلات ثرة، وكانت المخرجات طيبة وبموجبها اصدر الرئيس قراراً أتاح للاحزاب الوطنية والمعارضة الحرية في الحراك السياسي وفي مزاولة نشاطها، وهو من الاشياء التي وجدت الاشادة العالمية كونه جمع كل الاحزاب الاتحادية والامة، ويا ريت تتكرر مثل هذه اللقاءات وتسير قدماً. هل تلتمسون جدية الحكومة في المضي قدماً لجعل الحوار الوطني حقيقة ماثلة على الارض؟ وما هو موقفكم إن علمتم غير ذلك؟ واحدة من الاشياء التي لا يمكن ان تنسى عندما اطلق الرئيس النداء لكل القوى السياسية لحضور المائدة معلناً بذلك التأسيس لمصالحة وطنية شاملة عبر الحوار، ونحن كمجلس احزاب نصفه بالخطوة الجادة، فقد توافقت معظم الاحزاب المعارضة واحزاب الوحدة الوطنية على المشاركة في الآلية، وقد اصبحت الآلية القومية الشاملة مكتملة العضوية «7+7» برئاسة رئيس الجمهورية، وهذا يمثل قمة الجدية، ونتوقع أن يدعو الرئيس الآلية لاجتماع للمضي قدماً في الحوار. اذن ما هي الاسباب التي أدت إلى تأخيره بنظركم؟ الحوار لم يتأخر ولكن خطواته تحتاج الى استكمالات ومناداة فاعلة لانضمام الآخرين كواحدة من مطلوبات شمولية الحوار، وهذا يجعل الناس يفكرون في توسيع المشاركة لانضمام الآخرين خاصة الاحزاب المعارضة، ونحن بوصفنا مجلس احزاب نرى أن مشاركتهم مهمة لأن الحوار يتعلق بالوطن، وقد آلينا على انفسنا التواصل مع تلك القوى المعارضة. هل معنى ذلك أن لديكم جهود لإقناع الأحزاب المعارضة بالانضمام؟ نعم .. فقد تمسكنا بالحوار وامنا على مرتكزاته، وحتى على المرتكز المضاف، وتوافقنا على منهج الحوار وكيف لهذا الحوار ان يبدأ وان تدار شؤونه ومخرجاته. وقمنا بتكوين لجان على غرار لجان الحوار، فكونا لجنة للسلام والهوية السودانية والعلاقات الخارجية والاقتصاد ومنهج الحوار، ووصلنا عبرها الى رؤية موحدة تنص على ضرورة التواصل مع القوى السياسية المعارضة للتفاكر واشراكها في الحوار، والتقينا بالفعل بالحزبين الشيوعي والبعثي في احزابه الاربعة والحزب الناصري وبعض من الحركات المنشقة من الحركة الشعبية في اطار جهودنا لتفعيل الحوار وتوسيع المشاركة، ونعلن تمسكنا بمعاودة الاتصال بهذه الاحزاب لقناعتنا بأنها تمثل واحدة من البنود الاساسية لجمع الصف الوطني، وقد اكدت القوى السياسية المعارضة قبول الحوار كمبدأ، وندعوها لتحويل هذا القبول الى واقع، ونؤكد لها ان الجلوس حول المائدة نستطيع به الوصول الى توافق. الا تعتقد ان الاعتقالات التي نفذتها الحكومة في حق بعض قادة الاحزاب أثرت على مجريات الحوار؟ اعتقال الرموز السياسية يمكن ان يعالج ويرتب داخل اطار الساحة السياسية بازالة الشكوك حول الحوار ومدى جدية الحكومة في تنفيذه، لأنه بالحوار نستطيع ازالة كل المعيقات، وتصريحات الإمام الصادق من داخل المعتقل واصراره على الحوار تؤكد قناعة الاحزاب المعارضة وأحزاب الوحدة الوطنية بأهمية الحوار. الى اي مدى يمكن ان يؤثر اطلاق سراح الصادق المهدي على مجريات الحوار؟ نرحب بإطلاق سراح الصادق المهدي ونعتبره اضافة حقيقية للحوار، ونطالب السلطات المختصة بالمضي في اطلاق سراح المعتقلين السياسيين إن وجدوا بما فيهم إبراهيم الشيخ دعماً للحوار. هناك من يرى أن الحوار ميت سريرياً بانسحاب الأمة والإصلاح الآن؟ الشعب السوداني بمكوناته السياسية والتاريخية يأخذ بأعرافنا وتقاليدنا التي تأخذ التسامح والتصالح، وبالتالي أتوقع ان يلتئم الشمل وتسير الأمور نحو الافضل في الحوار بطريقة موحدة وشاملة ليست بها شكوك او خصوم، لأن مصلحة البلد هي الأعلى. هل تعتقد أن الأحزاب بوضعها الراهن من معاناة مالية وغيرها من الاشكاليات قادرة على المنافسة في الانتخابات ومعالجة قضايا الوطن؟ اولاً ارفض عبارة معاناة الأحزاب او وصفها بالتفكك، صحيح قد تختلف البرامج والفاعلية من حزب لآخر، فالأحزاب مكونة من كل قطاعات الشعب السوداني، وادعوها للتراضي والتوافق حول الحوار الوطني، وان تضع مصلحة الوطن في مقدمة القضايا، وعليها اعتماد آلية موضوعية للتبادل السلمي للسلطة عبر الانتخابات وتحريك قواعدها لعدة اسباب، أولاً الحوار يتطلب ذلك، وحتى يكون هناك تواصل بينها، كذلك معظم الاحزاب المسجلة شاركت في الانتخابات السابقة وفاز بعضها بدوائر، والبعض الآخر يعقد العزم على المشاركة في الانتخابات القادمة. على الرغم من ان الحكومة اطلقت الحريات الا انها لم تكن على قدر مستوى الالتزام بها.. والشاهد على ذلك إغلاق الصحف وتحجيم نشاط الأحزاب؟ الحريات الموجودة بالبلاد مقارنة بالانظمة السابقة ودساتير بعض دول الجوار لا نظير لها في العالم العربي، وبوصفنا قوى سياسية وقيادات نرى ان كل القوانين نصت على الحريات، والدستور يحمل وثيقة وحقوقاً متكاملة مسنودة بأعرافنا والعهد والميثاق الأممي، وقرار الرئيس باطلاق الحريات اكبر سند لذلك، واذا كان هناك من يرى ان الحريات ناقصة يمكن زيادتها وحمايتها عبر الحوار، ولكن على الاعلام مراعاة مصلحة الوطن. الدبلوماسية الشعبية غائبة أم مغيبة؟ الشعب السوداني من الشعوب القيمة التي تقدر عملية التضامن والمحافظة على علاقاتها مع الزوار، وبالتالي الدبلوماسية الشعبية واحدة من آلياتنا التي نعمل بها، وهي ليست غائبة فقد شاركنا في العديد من المؤتمرات الخارجية. البعض يطالب الحزب الحاكم بالخروج من عباءة الدولة لتكون المنافسة عادلة مع الأحزاب السياسية.. كيف تنظرون لهذا؟ لو رجعنا للمؤتمر الوطني نجده جاء الى الحكم بناءً على انتخابات عام 2010م، وجميع الاحزاب شاركت فيها ونجح فيها من نجح، ولذلك لا نستطيع القدح في الانتخابات ونرضى بشرعية مشاركة الأحزاب التي شاركت، والوطني واحد من الأحزاب الفاعلة والنشطة بعقد مؤتمراته بانتظام وهذا حقه بنص الدستور.