فاجأ المؤتمر الوطني القوى السياسية بإجراء تعديلات على دستور الانتخابات مما أدى لخلق استفهامات كبيرة وسط القوى السياسية الرافضة للحوار والمؤيدة نفسها، في الوقت الذي رأت فيه تلك القوى أن تلك التعديلات باطلة وغير مستكملة الشرعية، فيما أشارت بعض الأطراف السياسية ل«الإنتباهة» أن هذه الخطوة من شأنها إعادة الأوضاع لمربعها الأول وعودة البلاد تارة أخرى لنفق الخلافات السياسية مما يصعب الخروج منه في ظل التعالي المتبع من بعض القوى المهيمنة على الأوضاع وترفض أن تستمع أو تستصحب معها مواقف الأحزاب الأخرى بحسب الذين تحدثوا للصحيفة، وربما قاد هذا لاتجاه ترتيب الأوراق داخل صفوف الأحزاب المعارضة للحوار. ولكن الحكومة على لسان وزير العدل محمد بشارة دوسة ردت بقوة على الرافضين للخطوة وأكدت أن ست عشرة مادة في قانون الانتخابات جرى عليها تعديلات لا تخالف الدستور من ناحية فنية ولا القوانين ولن تغلق الباب لأي اتفاق وتفاهمات سياسية حول تعديل جديد يمكن أن يتم في قانون الانتخابات. بينما يرى حسن عثمان رزق نائب رئيس حركة الإصلاح الآن وعضو آلية الحوار أن أحزاب المعارضة المشاركة في الحوار ترفض بشدة التعديلات التي أجريت على قانون الانتخابات، واعتبر رزق الخطوة بأنها تهدف لتمديد فترة المؤتمر الوطني في الحكم، قاطعاً بأن الأحزاب المحاورة والرافضة لن تشارك في أية انتخابات لم يحدث توافق حول مراقبتها أو نظام تمثيلها النسبي، وقال لن نشارك في أية عملية انتخابية يضع قانونها حزب لوحده، مشيراً إلى أن الوطني قد يخدع نفسه وجماهيره ولكنه لن يخدع المعارضة والعالم، محذراً من خطورة توتر الوضع الداخلي في السودان. وبحسب الكاتب مجدي عبد العزيز بالزميلة «السوداني» فإن الدعوة للحوار الوطني لم تعلق الدستور أو توقف سريان قوانينه، وقال لو حدث ذلك لدخلت البلاد في مرحلة برزخية لا قواعد لها أو شرعية تسندها، ويرى عبد العزيز أن الصواب الوحيد والأجدى لمسيرة الحوار الوطني الحفاظ على النظام الدستوري لتنزيل نتائجه واستيعاب ما يتفق عليه المتحاورون من اتفاقيات أو تعديلات لبعض القوانين المتفق على تعديلها عبر آليات الدستور نفسه ومؤسساته النافذة. بيد أن القانوني مرتضى إسماعيل قد أكد ل«الإنتباهة» أن المؤتمر الوطني كان عليه أن ينتظر نتائج الحوار الذي فتحه مع القوى السياسية والتي من ضمن أجنداتها الحديث عن القانون وإمكانية تعديله بحذف أو إضافة بنود ومواد جديدة عليه. ويضيف مرتضى أن الوطني بهذه الخطوة كحزب أعطى القوى السياسية في الطرف الثاني الرافضة للحوار مسوغاً جديداً ودعماً لعدم الدخول في الحوار الوطني الذي تجري ملامحه على الأرض بعد خطاب الوثبة الشهير، وأكد أن ما حدث يعتبر إنقلاباً في موقف الحزب الحاكم أجبر أحزاب المعارضة الوقوف عنده لجهة أن المصاعب التي واجهت البلاد خلال الأزمة الاقتصادية والسياسية دفعت تلك القوى إلى الاتفاق حول مبدأ موحد يخرج بالبلاد من الأزمة الراهنة حينما أبدت الموافقة على الدخول في الحوار الوطني بالداخل وتناسي مرارات الأمس، مؤكداً أن الأفضل للحزب الانتظار ريثما الخروج بنتائج من الحوار الوطني مجمع عليها، ومن ثم العمل على إجراء التغييرات اللازمة متفقاً عليها مع بقية القوى السياسية. ولكن هذا الأمر لم يمنع آخرين من القول إنه إذا اتفق المتحاورون على تأجيل الانتخابات فسيتم ذلك وفق الدستور وعبر البرلمان القائم حتى يكتسب التعديل شرعيته الدستورية. رغم أن ما قاله وزير العدل من أن التعديلات انصبت في ركنين أساسيين توسيع فرص المشاركة للقوى السياسية وتناول تقليص مدد وآجال زمنية ليس لها داعٍ لزمن الانتخابات حتى تكون حرة ونزيهة وشفافة، معللاً أن تقليص مدة الانتخابات مع وجود مراقبة لها يعطي مؤشراً لطبيعتها والأجواء التي جرت فيها. ولكن نائب رئيس الإصلاح الآن حسن رزق، لم يستبعد عقد الأحزاب المشاركة في الحوار الأسبوع القادم لاجتماع لبحث تطورات تعديل قانون الانتخابات والقضايا المتعلقة بالحوار. وحول ما أن كان هذا التعديل الذي أجري على القانون في الوقت الحالي يعتبر مخالفاً للدستور من خلافه، يقول الأستاذ الأمين محمد الحسن الخبير القانوني للصحيفة، إن هناك بعض المواد في أي قانون يمكن تعديلها، بيد أن الحسن لم يقطع بمخالفة ما تم من إجراء في القانون للدستور من عدمه لجهة أن الدستور نفسه غير متاح ولم يطلع عليه كل القانونيين، فيما برهن آخرون غير قانونيين بمخالفة ذلك، وبنى هؤلاء حكمهم القاطع على مخالفة التعديلات للدستور بأن دستور السودان ومن ثم الانتخابات تم تكوينه بعد اتفاق شامل من كل القوى السياسية ولذلك فإن أية خطوة لم توافق الخطوة الأولى فإنها مخالفة للدستور. وحتى حينها قد يتفق الكثيرون مع الحقيقة التي أشاعها البعض في أن الحوار أو الانتخابات لم ينسخ أحدهما الآخر أو يعطله عن مساره، ومن ثم فإن الأمل الكبير بالخروج من نفق الأزمة يكمن في إرادة المتحاورين للتوصل للتوافق المفضي إلى الانتخابات المتوافق على قانونها وقواعدها ونزاهتها.